Sunday, July 27, 2008

عندما يعني الاختلاف العداوة والاحقاد والطرد من العضوية..!!

عندما يعني الاختلاف العداوة والاحقاد والطرد من العضوية..!!
عرض: محمد علي خوجلي
التحول الديمقراطي وترسيخ الديمقراطية من موضوعات الحوار الممتدة في بلدان العالم الثالث والسودان واحد منها. ومعظم القوى السياسية أكدت ان من أسباب ضعف الديمقراطية في بلدانها: الفترات الزمنية الطويلة التي خضعت فيها تلك البلدان لنظم الحكم العسكرية والشمولية وكذلك ضعف الديمقراطية الداخلية في الأحزاب والتنظيمات السياسية..
وأعرض في هذا المقال - بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني - لمبدأ الديمقراطية المركزية والذي ينظم الديمقراطية الداخلية في الاحزاب الشيوعية والمعلوم ان هذا المبدأ رفضه الخاتم عدلان كما يجد رفضاً من جزء كبير من القطاع القيادي في الحزب الشيوعي السوداني لدرجة قد تحول دون مناقشته في المؤتمر قيد الانعقاد وسيهتم العرض بثلاث نقاط (1) أصل المبدأ (2) الممارسات الخاطئة (3) آثار الممارسات الخاطئة على التنظيمات الديمقراطية عبر اربع جزئيات مع نماذج من الممارسة.
معلوم انه عندما تسود الديمقراطية في الحزب، فان رؤية القيادة تكون مما أقره مؤتمره العام، ومع ذلك فانها قابلة للنقاش والتطوير. فعلاقة الفكر بالواقع علاقة جدلية (كما هو) و (كما نرغب) مع فن الممكن. فيكون من مهام العمل القيادي حل اشكالية ربط الفكر بالواقع وقيادة الحزب التي تعلن عن استحالة اللقاء بين النظرية «قرارات المؤتمر» والممارسة «سياسات الحزب» انما تعبر عن عجزها الذاتي. ومبدأ الديمقراطية في الحزب الشيوعي هو الديمقراطية المركزية. وهي علاقة جدلية: ضبط تناغم الفعل الثوري وحركة المناضلين، العضوية المتساوين في الحقوق والواجبات والمتحدين اختيارياً في الحزب. كما هي علاقة بين الذاتي والموضوعي. الذاتي في سلطة القيادة والموضوعي في السلوك الايديولوجي للطبقات المعادية للطبقة العاملة.
والفكر لا يمكنه ان يتطور الا عبر الحوار والصراع مع الافكار الاخرى والواقع المتغير على الدوام، فالأمس لن يكون مثل اليوم او الغد. ومن وسائل مساعدة العضوية لايجاد الوحدة الفكرية الضرورية لصراعها الفكري مع الافكار الاخرى، تقليد عقد اجتماعات غير تنظيمية «ثقافية» كأحد أشكال الحوار الداخلي حول الفكر الماركسي والافكار الاخرى والممارسة محلياً واقليمياً ودولياً.. ومن المخاطر التي تهدد الوحدة الفكرية تحول كل العضوية الى جنود مهتهم تنفيد التعليمات بلا توقف، يخرجون من معركة سياسية ليدخلون اخرى وينتقلون من نشاط لغيره دون منح العضوية فرصة للتأمل والدراسة والتعلم من التجارب.. والاكثر خطورة ان هذا المنهج يلد فكرة خاطئة وهي ان القيادات مهتمها التفكير والتخطيط ومهمة العضوية التنفيذ.. ورويداً رويداً تكون قرارات القيادات غير قابلة للمناقشة. ومع مضي الزمن نجد ان فكر الحزب اصبح بعيداً عن الواقع والجماهير بالابتعاد عن الديمقراطية في الحزب.
أقرت قيادات الاحزاب الشيوعية التي حكمت بالغاء الديمقراطية في احزابها وحلت محلها المركزية المطلقة واكدت مصادرة الديمقراطية في مجتمعاتها لتحل محلها الشمولية. مثلما أقرت الاحزاب الشيوعية الوطنية انها لم تستطع تجاوز النموذج السوفيتي فغابت الديمقراطية في احزابها ومنها الحزب الشيوعي السوداني.
بالرغم من ذلك، ومما يسبب الحيرة، ان ذات القيادات التي صادرت الديمقراطية في احزابها انتقدت مبدأ الديمقراطية المركزية وانه سبب كل الكوارث والضمور والهزائم التي حاقت بتلك الاحزاب، في حين ان المبدأ غاب فيها ولم يطبق اصلاً، بل طبق عكسه (المركزية المطلقة) فهل المشكلة في المبدأ الغائب أم في التيار القابض والممارسات الخاطئة؟.
وتيار المركزية المطلقة في الحزب الشيوعي السوداني، ولفترة طويلة كان يؤكد ان العلاقة بين الافكار والسياسة علاقة جدلية. وانه يسترشد بالماركسية..الخ، لكن الممارسة لا تؤكد على ذلك. وأبسط المظاهر ان قيادة التيار وضعت نفسها في وضع مضاد للفكر الذي شرط تطوره اشاعة الديمقراطية في الحزب. فاعتمدت العضوية لسنوات طويلة في تفاصيل نشاطها على الاولويات التي تحددها القيادة وقراراتها. فتحنطت التنظيمات القاعدية، وتحولت اية مبادرة للعمل بين الناس (لم تصدر بها تعليمات من أعلى) هي انفلات او محاولة انقسام..(!).
وهذا الوضع القمعي الذي طبع حياة الحزب جعل تعيين القيادات (التصعيد) شرطه الأول التوافق الشخصي (!) ولأن التنظيمات محنطة، فانه يكون للتعيين معايير غريبة ليس من بينها الجرأة، ومستوى الاداء الحزبي، ومقدار التضحيات (وفي التجربة العملية الموثقة انه قد حدث تصعيد بالتعيين بسبب الامكانيات المادية والمالية من عربة خاصة او منزل مهيأ، وهذا مثبت بالضربات التي تعرض لها الحزب بعد 1974م، اي قبل نهاية فترة التجمع!!) فيكون مقياس الصمود هو مدى الطاقة في تنفيذ القرارات دون ابداء اية ملاحظات..الخ، بل ان سعاد ابراهيم احمد كشفت ان هناك من اعضاء اللجنة المركزية المصعدين من تم تعيينه لانه (غير معروف للحكومة) هكذا نشرت بالصحف اليومية.
ونلاحظ ان قيادة تيار المركزية المطلقة كما تحدد واجبات العمل «تشرف ايضاً على التنفيذ وتنفرد بالتقييم فكما تتولى مهمة التصعيد بالتعيين تقوم باجراءات الانزال كعقوبات (!) والمعروف ان معظم العقوبات تقرر دون اجراء محاكمات او عن طريق محاكمات غيابية، وفي معظم الاحوال تظل نتيجة المحاكم سرية فلا يعلم المحكوم ضده ولا يكون له من الاستئناف كما ينص دستور الحزب المعطل العمل به. ان المحكوم عليهم بالاعدام فقط هم الذين يتم ابلاغهم بالحكم ولكن بعد اعدامهم حيث نطالع بين آونة واخرى (فلان الى مذبلة التاريخ) بهدف الابتزاز وزرع الخوف من عاقبة مخالفة سياسات قيادة التيار (وتحولت العلاقات بين العضوية وقيادة التيار المهيمن الى علاقات مشابهة لعلاقات اصحاب الاعمال بالعمال تحت خدمتهم.. (هل لذلك يطلبون من المعارضين الخروج من الحزب والأهم بعد ذلك التزام الصمت لان الحزب اتحاد طوعي؟!).
وبالطبع فان الصعود وفق المعايير الغريبة، او وضع احدهم بطريق او آخر موضع (النجم الساطع) لا علاقة له بالتجارب او المعارك التي خاض غمارها.. وعندما يصعد هؤلاء، ولاستمرارهم في المواقع التي عينوا فيها او الصعود اكثر فانهم يرفعون دائماً راية (وحدة الحزب) كتبرير لاتخاذ الاجراءات التنظيمية ضد المعارضين لسياسات التيار في حين ان وحدة الحزب شرطها الديمقراطية في الحزب وحرية النقاشات والنظرة الناقدة. وقادة تيار المركزية المطلقة هم براجماتيون (وضع الفكر في خدمة التكتيك) وحتى المناقشة العامة فان استمرارها بالسنوات وعقد المؤتمرات التنظيمية للقطاعات والمدن من اهدافها تعويق الديمقراطية في الحزب باجراءات تبدو في ظاهرها ديمقراطية ومنها انتخاب القيادات(!) فالمناقشات العامة والمؤتمرات التنظيمية هي عملية فرز لابعاد كل مناهض لسياسات تيار المركزية المطلقة، حتى اذا كانت تلك المناهضة قبل عشرين سنة (فهم لا يقبلون الا بمؤتمر تجاز قراراته بالاجماع) ومن جهة اخرى تحل المؤتمرات التنظيمية محل المؤتمرات التحضيرية للمؤتمر الخامس.
جاء في التماذج: انعقد اجتماع موسع لنساء شيوعيات خلال المناقشة العامة في (ولاية) الخرطوم وطلب المشرف على الاجتماع من الحاضرات الحديث بصراحة ونقد الاخطاء وكشف النواقص بما يحقق تصحيح اخطاء العمل وتطوير الافكار وان القيادة ترحب اكثر بالرؤى المخالفة.. وكان له ما أراد. وعند نهاية الاجتماع وعد المشرف بعقد اجتماع آخر لاستكمال المناقشات والرد على الانتقادات بحضور زميل آخر «أعلى مرتبة» وانعقد الاجتماع الثاني بعد استبعاد كل من عبرت عن آراء ناقدة.
فاذا كان الفكر لا يحتمل الصراع بين تياراته فهل يقوى على صراع الافكار الاخرى؟.
وقضية الديمقراطية المركزية - في الحزب الشيوعي - هي القضية الاولى ومن ينفيها كقضية او يعمل على تأجيل النظر فيها، انما يصيب قضية الحزب في مقتل. الخاتم عدلان وصف مبدأ الديمقراطية المركزية بانه «داء الحزب العضال» وان ثمة عقبة ذاتية داخل الحزب ذاته تعيق نموه وتطوره وهي تتمثل في المبدأ التنظيمي الذي يحكم حياته. وان سيادة مبدأ الديمقراطية المركزية هي المسؤولة عن عقم حياة الحزب الداخلية وضيقه وبرمه بالرأي الآخر. ونلاحظ ان الخاتم عدلان قرظ المبدأ معتقداً بصلاحه عندما يكون الحزب سرياً، وفي نفس الوقت رأى عدم جدواه، وان تخلى الحزب عنه يجعله حزباً ديمقراطياً...(!).
وهي ذات النتيجة التي وصل لها قادة تيار المركزية المطلقة في جهاز الحزب، وهذا واضح في وثيقة السكرتارية المركزية 2006م بعنوان الحزب الشيوعي وقضية الديمقراطية (نحو البرنامج) حيث جرى وصف مبدأ الديمقراطية المركزية بانه (متصلب) و(غير ديمقراطي) وعلى ذات النهج جاء مشروع الدستور الانقلابي للحزب الجديد خلوا ًمن مبدأ الديمقراطية المركزية مع الافادة بانه قد تم استبعاده.
ان الحزب الشيوعي شرط تطور نضاله ووحدته في الديمقراطية الداخلية ومبدأ الديمقراطية المركزية وعقد المؤتمرات التي تقيم التجارب وتعلي رايات النقد والنقد الذاتي، غير ذلك فان قيادة التيار تكون مشرفة بنفسها على تحويل الحزب لحزب آخر.
وفي حين تطابقت وجهة نظر الخاتم عدلان وتياره مع وجهة قيادة جهاز الحزب المالية نجد ان عبد الخالق اتخذ وجهة مغايرة عندما ابان:
«ان الحياة الداخلية في بعض منظمات الحزب لا تسير على أسس سليمة وخاصة في موضوع الديمقراطية المركزية، اذ ان بعض الرفاق يدوسون على هذا المبدأ الذي لن يستقيم الحزب الشيوعي بدون تطبيقه.. انهم يضعون السلطة التنظيمية محل الصراع الفكري والاقناع. انهم لا يحترمون رأي الاقلية، انهم لا يناقشون سياسة الحزب بقدر ما يصدرون الأوامر العسكرية، هذا الاتجاه خطير جداً وهو صادر عن عقلية فوضوية، عقلية مغامرة لا علاقة لها بالعقل الماركسي. والاضرار الجمة تلحق بالحزب نتيجة لهذا الجو الخانق، فالرقابة على القرارات تعني التحقيقات المستمرة وتعبئة الاعضاء حول خط بعينه تعني التبليغات العسكرية، والاختلاف في الرأي يعني العداوة والاحقاد والطرد من العضوية. فاذا كان هذا هو المشكل من الاعضاء فما أملنا في خلق صلات بالجماهير...».
وقصد عبد الخالق تيار المركزية المطلقة اليميني في الحزب والذي انقسم جزء منه فيما بعد. وفي الوقت الذي نجد فيه ان المؤتمر الرابع للحزب 1967م، وعبد الخالق أكد ان الحزب الشيوعي لن يستقيم بدون مبدأ الديمقراطي المركزية نجد الخاتم عدلان رأى عدم جدوى المبدأ وان الحزب لن يستقيم مع مبدأ الديمقراطية المركزية.. ونجد قيادة جهاز الحزب الحالية تصف المبدأ بالمتصلب وغير الديمقراطي ولذلك استبعده مشروع الدستور الذي فارق دستور 1967م وفارق الماركسية. وانني اعتقد ان امام التيار المعارض للمركزية المطلقة اليميني مهام صعبة (خاصة وانهم بقايا التيار الشيوعي، وشظايا جماعة عبد الخالق ولكن ييسرها الوضوح في الافكار.
وتيار المركزية المطلقة في الحزب الشيوعي بعد اللجلجة والرجرجة بدأ جهازه في التحلل ولذلك فانه لا يرغب في طرح موضوع الديمقراطية الداخلية وتوسيع قاعدة المشاركة من ادنى الى اعلى ويحاول تأجيل النظر في صلاحية او عدم صلاحية المبدأ الى المؤتمر السادس (!)، ومع الديمقراطية الشكلية التي خطا فيها خطوات فان مسلكه لا يختلف عن مسلك قورباتشوف وشركائه، يلسن وشفرنادزه والآخرين عندما اطلقوا البراغماتية من عقالها كاملاً. وعلى ذلك سيتم الانشقاق البراجماتي في السودان كما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق. وفي هذه الحالة تكون القيادة هي التي انشقت. اما البقايا والشظايا التي تؤمن بان تغيير حياة الحزب الداخلية لتنفيذ مهامه التاريخية جوهره الديمقراطية في الحزب فانهم عندما يواصلون مسيرتهم لا نطلق عليهم انقساميون.
ومبدأ الديمقراطية المركزية في عصر جموده، وباسمه تم البطش والتصفية والنفي ومحاكم التفتيش واشانة السمعة فتحول المبدأ الى اداة لاحكام القبضة القيادية وساد القمع بالمركزية المطلقة. الانقلاب عصف بالمبدأ وحوله من اداة ثورية لقيادة منظمة للنضال الفكري والطبقي لاداة ميتة وجامدة حتى اصبحنا امام المركزية الستالينية وجهاً لوجه.
وقضية الديمقراطية في الحزب الشيوعي مرتبطة بكافة الشعارات التي يطرحها تيار المركزية المطلقة ويهلل ويكبر لها الاسلاميون داخل الحزب وخارجه (!). ومنها تجديد الحزب وما يندرج تحته من اهداف يمينية متداخلة. واضحة احياناً ومستترة مرات اخرى لكن نتيجتها واحدة: تصفية الحزب ليس بالحل المباشر كما دعوة د. فاروق محمد ابراهيم والخاتم عدلان وكما فعل السوفيت. فهذا الاختيار صعب تحقيقه في السودان ولكن عن طريق تغيير طبيعة الحزب، والغاء مبدأ الديمقراطية المركزية والغاء الفكر الماركسي وتغيير اسم الحزب تبعاً لذلك، فتتم تصفية الحزب (القديم) بالكامل وبمفردات ماركسية بلا محاسبة والغاء الماضي ويظل ذات التيار مهيمناً ايضاً على الحزب الجديد المعادي للماركسية.
وان احتقار تيار المركزية المطلقة لدستور الحزب 1967م والديمقراطية في الحزب، ليس مصادفة، ولا أمراً شكلياً كما اكد عبد الخالق، وان مجافاة دستور الحزب والديمقراطية في الحزب المتواترة لا تعني شيئاً بخلاف الخروج المتدرج من الحزب. ونماذج احتقار دستور الحزب والديمقراطية فيه تملأ اكثر من مجلد وعندما نقذف بنموذج او نكرر قذفه فان قصدنا الاشارة الى حقيقة الممارسة وليس كشف الحال..:
في 1992م اصدرت سكرتارية الحزب الشيوعي بمديرية الخرطوم خطاباً داخلياً يعيب مسلك زملاء بالحديث عن (الديمقراطية في الحزب) و(مشروعية القيادات) واشارت ايضاً الى ان منهم من يوجه اساءات بالغة لقيادة الحزب، وانهم قاموا باعمال لم يقررها الحزب (اعمال مضادة لحكومة الانقاذ وهذه من مقدم العرض)، وقرظت السكرتارية الوشاة وحثت العضوية على احكام الرقابة ورفع البلاغات اولاً بأول حيث ان الزملاء يدبرون لاحداث انقسامات في منظمات اجتماعية (!!) كما أعلنت السكرتارية عن قرارها بايقاف زميلين (اصلا تم ايقافهما منذ الايام الاولى لانقلاب الانقاذ وهذه ايضاً من مقدم العرض) وطلبت السكرتارية من العضوية وقف المطبوعات عن الزميلين!!.
ان مسلك سكرتارية المديرية 1992م يخالف نظم الحزب والديمقراطية في الحزب بل هو مسلك غير شيوعي وغير وطني ويخدم مباشرة نظام الجبهة القومية الاسلامية. والوشاة ومفبركي الوقائع لن تتبدل طبيعتهم، ولكن تختلف مهماتهم بين فترة واخرى. والمهمة الجديدة تدبيج الاحصائيات عن المفترض اعلانهم استمرار الحزب الشيوعي بعد التحلل..(!) ونواصل الجزئية الثانية عن مبدأ الديمقراطية المركزية والممارسة السليمة والممارسات الخاطئة.

علاقة الاوضاع الاستثنائية وشرعية القيادات بمبدأ الديمقراطية

علاقة الاوضاع الاستثنائية وشرعية القيادات بمبدأ الديمقراطية
عرض: محمد على خوجلي
استكمل ما عرضت الاسبوع الماضى بالتركيز على الممارسات الخاطئة لمبدأ الديمقراطية فى تجربة الحزب الشيوعى السودانى «على شرق انعقاد المؤتمر الخامس» وما نتج عنها من آثارضارة واوضاع معقدة وشائكة..
الممارسة السلمية لمبدء الديمقراطية المركزية تقوم على قاعدتين لافصل بينهما:
الاولى: تشكيل هيئات الحزب على كافة المستويات بالانتخاب بالنقد والنقد الذاتى ومشاركة الهيئات الدنيا» فى انتخاب القيادة فيكون المركز ملبياً لارادة القواعد ومتواصلاً معها دون تهميش او انعزال . فالتهميش هو نفي ديمقراطية الممارسة والانعزال نتيجته تعدد المراكز.
الثانية: تلتزم الاقلية بقرار او رأي الاغلبية «ديمقراطية» وتتمثل الهيئات الدنيا للهيئات العليا «مركزية» فجوهر المبدأ هو انتخاب القيادات فتكون الهيئات الحزبية الاعلى معبرة فعلاً عن قطاع اوسع من العضوية مقارنة مع الهيئة الحزبية الاقل ترتيباً ادارياً . وتكون ادارة الهيئة هى انعكاس لارادة العضوية وليس العكس . «تواصل بين المركز والعضوية من اتجاهين».
ومركز الحزب بالممارسة السليمة لمبدأ الديمقراطية يستطيع ان يرسم سياساته استناداً على نشاط قواعده ، بحيث تستطيع هذه القواعد تنفيذ سياسات الحزب بكل الحماس والابداع الثورى . فابداع القيادة وسعة خيالها مستمد من ابداع القواعد المتفاعلة مباشرة مع الواقع الحي . وكما انه من غير الممكن تصور قيادة ضيقة الافق تستمد اجندة عملها من قواعد متدفقة النشاط والحيوية فانه يكون من انواع الانعزال ان يستبدل المركز «نشاط القواعد» بتقارير «مكاتب المعلومات» فى وضع سياسته او وضع حلول للمشاكل «خريطة الطريق او مصطلح بوش الابن!!» وهذا المسلك ينتج عنه وضع الحزب تحت خدمة قوى اجتماعية اخرى لان خريطة طريقه لا تستند على نشاط حزبى حقيقي. وفى الحالتين تكون القيادة غير مؤهلة بل معوقة لتدفق نشاط قواعد الحزب.
ومن استنتاجات المؤتمر الرابع للحزب 1967م.
«ادي ضعف الديمقراطية المركزية فى الحزب وعدم اشراك العضوية اشراكاً نشطاً فى حياته الداخلية وفى حياة فروعه الى انكماش كبير فى عضوية الحزب لدرجة عاقت قدراته الذاتية .. وقد اسهم هذا الوضع فى تغذية روح وسيادة البروقراطية فى العمل والانغلاق الذى يصب كسره لاستقبال الجديد . وان العجز الذى نسجله فى استقبال الطلائع وتحويل الحزب الى قوة جماهيرية .. لا ترجع اسبابه لعجز فى النشاط الجماهيرى ولكن العجز يرجع الى عقم الحياة الداخلية والى الخلل الناتج عن ضعف مبادئ الديمقراطية المركزية».
والمؤتمر الرابع ناقش مبدأ الديمقراطية واشار الى ذات الملاحظات التى تعرض لها الخاتم عدلان وقيادة جهاز الحزب من بعده والتى اشرت اليها . والحقيقة انه تم الغاء استنتاجات المؤتمر فى الممارسة بل تم تجميد العمل بدستور الحزب الذى اقره المؤتمر ولذلك فان دعاوي عدم صلاحية المبدأ تعبر فقط عن العجز الذاتى والرغبة فى التحلل من النظرية.
والمعنى البسيط لوجود لائحة او دستور للحزب هو تنظيم انشطة الحزب المختلفة . ولذلك فان الاشد خطورة من الممارسة الخاطئة للديمقراطية هو تجميد انعقاد المؤتمرات . والمؤتمر هو السلطة العليا التى تصحح الاخطاء .. والحزب هو قواعد الحزب «المؤتمر العام» وقيادة الحزب «المنتخبة من المؤتمر» والحالة الشاذة إلغاء المؤتمرات والغاء انتخاب القيادات والزام العضوية فى نفس الوقت بتنفيذ قرارات قيادات عينت بعضها بعضاً باعتبارها «الحزب» الذى يجب «عدم التعالى عليه!!» وما دامت الاخطاء لم تصحح فان المؤتمر الخامس قيد الانعقاد هو «مؤتمر التيار اليمينى» لا «المؤتمر العام للحزب الشيوعى» وكل ما يقال او يكتب عن انتظام اجتماع القيادات وتمراراتها فاقد لمعناه ، فالقيادة فاقدة للشرعية ووجودها فى القيادة تم بوضع اليد ولا تملك اي حق فى تجاوز ما قرره المؤتمر الرابع . واذا كان المركز الواحد معنى بادارة الصراع بهدف وحدة الحزب مع المشاركة الاوسع للعضوية والقيادة الجماعية . فان الواقع يفيد بعكس ذلك وكل الذين اختلفوا مع سياسات المركز «غير المنتخب» ثم تصنيفهم نهائياً كاعداء للحزب «!» وهذا منهج ستالينى سقط فى الاتحاد السوفيتى السابق وسيلاقى ذات المصير فى الحزب الشيوعى السوداني..
والقيادة الجماعية بمفهوم المؤتمر الرابع لا تقتصر على الشكل وحده دون المحتوى . فانتظام اجتماعات قيادات غير منتخبة لا علاقة له بالقيادة الجماعية .. كما ان مستوى الكادر وقدرته على المشاركة فى رسم سياسات الحزب هى التى تحدد محتوى القيادة الجماعية . وانه طالما بقى التفاوت واسعاً بين مستويات القيادة ومعتمداً على طاقاته الذاتية ، فان العمل القيادى سيعبر عن مستوى هذا التفاوت لا عن مستوى العمل الجماعي.
وتعرض المؤتمر الرابع الى «الخلل الناتج عن ضعف مبادئ الديمقراطية المركزية» اي الممارسات الخاطئة وهي التى تفرغ المبدأ من معناه فقد درجت القيادات فى ظروف السرية على رفع البنود المتعلقة بالديمقراطية فى الحزب بحجة الحماية والتأمين والمحافظة على بقاء الحزب «!» فتحل التعيينات محل الانتخاب ، اي يحدث موقف انقلابى . فتنقلب قاعدة المثلث الهرمى للتركيبة الادارية للمارسة مبدأ الديمقراطية . فتحل الاقلية محل الاغلبية وتصبح الهيئات الدنيا متلقية لارادة وامزجة الافراد المسيطرين على الهيئات العليا .. وهكذا..
ويصاحب ذلك انعزال الهيئات العليا من نشاط وهموم الهيئات الدنيا انتهاءاً بالعضوية وجماهير الشعب . وبذلك يصبح المركز المهيمن على اتخاذ السياسات والقرارات «فى اتجاه واحد» تستمر هذه الآلية في عملها ، وبمزيد من تراكم التعيينات «اربعين سنة» تنفصل الديمقراطية عن مركز ادارتها وبالتدرج البطيئ يتجزأ مبدأ الديمقراطية فتغيب الديمقراطية داخل الهيئات الحزبية ثم يفقد المركز نفسه ديمقراطيته «مثال: تعيين السكرتارية المركزية لعضوين فيها وهما خارج عضوية اللجنة المركزية ، التى عضويتها ايضاً بالسنين .. اي تحصيل حاصل..!!»
ان الممارسة الخاطئة نجمت عنها مشاكل شائكة ومتداخلة اضرت بوحدة الحزب ونموه واقعدته عن القيام بدوره التاريخى كحزب ثورى . ومن بين تلك المشاكل:
1- تجزئة الديمقراطية تفقد الفروع والهيئات الحزبية استقلاليتها ، فيكون اي نشاط مستقل وبالرغم من انه من الحقوق اللائحية الا انه دائماً عند القيادة «خروج من خط الحزب» وتكون حرية التفكير من اعمال «التخريب» او «الشروع فى الانقسام» !! فيتردي العضو مستمعاً ومتلقياً.
يفزع من التفكير فيتفشى الخمول الذهنى وتسود الطاعة ، والاهم انه عندما تفقد البنيات استقلاليتها وتكف عن المساهمة فى بناء التنظيم يصبح خط التنظيم نفسه هو تعبير عن مجموعات متناقضة ويزيد تناقضه مع المزيد من فقدان الاستقلالية .. وبمرور الزمن يصبح الخط هو رؤية «فرد واحد» ان لم يكن افراداً محدودين.. انه انقلاب آخر ونتيجة طبيعية للمركز اللا ديمقراطى والديمقراطية اللامركزية.
2- بذلك لا تعود البيئة الحزبية ملائمة لحرية التفكير والنقاش .. وتصبح هناك حاجة لرؤي صدى الافكار التى تفشل الهيئة او الفرع فى توفير مناخها. فتنشأ ما يبدو على السطح «صداقات» تتفق بدرجة او اخري فيما هو مجاله الهيئات والفروع فاقدة الاستقلالية . وهكذا تتوالد وتكبر وتتعدد الشللية كتعويض عن الهيئات والفروع . فالشلة تتيح لافرادها التحدث بحرية تامة فليس هناك «رصد» او «تقارير» او «بلاغات» .. انها تبدو كحلقات لتمضية الوقت حيث تكون «القطيعة» ورصد نقاط الضعف البشري. والتلذذ بها احياناً من هموم الشلة!!
الا ان هذه الشلل لا تخلو من تناول مسائل جادة وتنتج آراء نيرة لا تجد طريقها للمركز ..«!» وتعصف بها رياح الزمن..
3- عندما يحل المزاج الشخصى محل الانتخاب فى تقييم مقدرات ونشاط ومواهب العضو فى الحزب يصبح «التصعيد» و«الانزال» نوعاً من انواع «الترقى » او العقاب» فتكون القيادة فاسدة وان حسنت نواياها . يبدو ذلك واضحاً للعيان فى التكريس المحموم لرسم هالة من التقديس للمركز وهيئاته العليا.. فيحل التعالى والصلف والازدراء محل التواضع وروح التضامن ، وتصبح حقوق وواجبات العضوية من ذكريات الماضى ويقوم التهيب والحذر محل علاقات الزمالة والعلاقات الرفاقية .. وتكتمل الدائرة.
4- والوقوع فى الاخطاء والتعلم منها من الامور الملازمة لكل ناشط فى اي مجال لكن مبدأ النقد والنقد الذاتى يختلف مدلوله تحت ظل تجزئية الديمقراطية المركزية ، فالمعلوم ان النقد والنقد الذاتى هو عمل ابداعى وشاق وشجاع وهو التدريب الثورى الذى يؤهل الفرد لمواجهة مواطن ضعفه يهدف كشفها بذاته او مساعدة رفاقه حتى يستطيع التحرر من او القضاء على ذلك الضعف «لا اخفاءه» لتكتمل بناء الشخصية الثورية . وبهذا المعنى لا يكون النقد الذاتى منقصة بل مرحلة فى بناء الشخصية وتطورها . اما عندما يكون النقد الذاتى موازياً لتصييد الاخطاء وضعف الفرد ومادة لانتقاص الشخصية وابتزازها من ناحية وعربوناً للرشوة والفساد تنزيلاً وتصعيداً من ناحية اخرى فهى الكارثة التى اطلق عليها الفاتح الرشيد « السلوك الغريب» فضلاً من تحديد الخطأ ودراسته ومعرفة مسبباته لتماشى الوقوع فيه ، وبدلاً من النزاهة والتجرد فى الادلاء بالمعلومات والوقائع، تسود روح التبرير الزائف وهو الدرع الواقى منه .. انه الخوف من الوقوع فى مصيدة النقد الذاتى الذى يولد هذه الروح التبريرية بشكل بارع . وهكذا تهدر الطاقات الذهنية .. ويكون سوء الحكم والتقدير والمبالغات هى السمة العامة لتفسير كافة النتائج.
5- مع سعيه فى ان يصل مع جماهير الشعب السودانى لواقع افضل ، كان الحزب يسعى لجذب خيرة ابناء الشعب خلقاً وسلوكاً ومقدرات .. ومن بين استقلالية الفرع ونشاطه الجماهيرى يتم استكشاف ورصد المرشحين للعضوية اما مع تجزئية الديمقراطية وهيمنة تيار المركزية المطلقة وفساد قيادته .. الخ فالامر يختلف . فمع تبعية الفروع وفقدانها للاستقلالية ، يتقمص الفرع روح مركزه المزاجية بالانتقائية فى الترشيح والتزكية للعضوية الجديدة «المستلطفة» ويحل الكم والعدد محل النوع فى العضوية الجديدة. بل ان بعض القيادات الوسيطة واطراف فى المركز ابتدعت شكلاً للنمو الكاذب هو تماماً مثل «الحمل الكاذب» بتجميع «سواقط» الحزب الشيوعى التاريخيين من منتصف الستينيات او الذين اعلنوا توبتهم ايام حكومة نميرى او اعضاء الاتحاد الاشتراكى السودانى «السابقين» .. الخ تحت شعار استعادة العضوية .. وهذا يطلقون عليه فى التقارير «نمو العضوية» !!
وحقيقة الامر ان الخيرين من ابناء وبنات الشعب ، كل الاذكياء والمستنيرين والشجعان اصبحوا غير مرغوب فيهم . فتيار المركزية المطلقة يتحسب من خطورة هؤلاء فى مشاكسة القيادة نفسها .. «!» فاصبحت الاوضاع طاردة لهؤلاء وجاذبة لغير الاسوياء ..«!».
6- تمثل القيادات الوسيطة لحمه التنظيم والتي يتواصل بها المركز مع هيئاته الدنيا وقواعده وجماهير الشعب . ان اي خلل يصيب القيادات الوسيطة يؤدي الى ارتباك هذا التواصل ويعزل المركز عن قواعده . ان الديمقراطية المركزية تتوقف عن العمل فى غياب هذه القيادات . وتستشعر القيادات الوسيطة بحكم مواقعها كل مشاكل تجزئية الديمقراطية المركزية التى تم ذكرها ، وتشهد ضمور الحزب وضعف تأثيره وتعرف اكثر من غيرها ان الصفة الجماهيرية للحزب فى انزواء وتقلص انها تدرك كل ملامح ازمة التجزئية وتعلم يقينا بمبررات المركز لها. والقيادات الوسيطة عند تجزئية الديمقراطية امام خيارين:
الاول: غسل الايادي والاكتفاء بالصمت والانزواء.
الثاني: ان تجعل من نفسها مراكز لمعالجة التجزئية فى محاولة منها للتضامن مع قواعد الحزب والتواصل مع جماهيرها وجماهير الحزب . وهذه المراكز حتى اذا كانت بمشاركة افراد من المركز ستهدد فى النهاية وحدة الحزب.واستمرار هيمنة تيار المركزية المطلقة يعتمد على «تبرير الاخطاء» و«توهم اوضاعه المخاطر» بما يبرر مصادره الديمقراطية فى الحزب واتخاذ الاجراءات التنظيمية بديلاً للنقاش والصراع الفكرى لمعارض سياساته انه يجعل الحزب فى حالة حرب دائمة مع اعداء حقيقيين او متوهمين او بالمبالغات فى الواقع:
خطر الاختراق ، خطر الاستهداف ، خطر الانقسام ، اما الخطر الجديد فهو خطر استمرار الحزب الشيوعى بعد خروج القيادة وانزال لوح الماركسية وتغيير اسم الحزب.
وبسبب اختلال نظم الحزب وغياب الديمقراطية وتجزئتها فان اي «فرد» من القيادة هو «الحزب» امام الهيئات الادنى التى يباشر قيادتها بالاشراف «ومن الامثلة العملية: صدور قرار بقيام انقلاب عسكرى» وعدم معارضة قيام انقلاب عسكرى ، والامتناع عن المشاركة فى اضراب عام ..» الخ.
والحل هو فى التئام شقى المبدأ .. وازالة التجزئية التى لن تتم الا بازالة هيمنة تيار المركزية المطلقة او خروجه من الحزب كما هو متوقع ، وانعقاد مؤتمرات متتالية .. ونواصل الجزئية قبل الاخير ببيان اثر الممارسات الخاطئية لمبدأ الديمقراطية الديمقراطية على التنظيمات الديمقراطية

إعلان انشقاق قيادة جهاز جهاز الحزب الشيوعي••

إعلان انشقاق جهاز الحزب الشيوعي·· وطلب تدخل الإسلاميين··!!
(2/2)

محمد علي خوجلي
ü في الالفية الثالثة تغيرت الظروف· وسيادة القطبية الآحادية وانهيار الدول الشمولية التي حكمتها الاحزاب الشيوعية ( الستالينية) افرز انشقاق القيادات مع دعم المتفرغين الحزبيين وتأثر بهذا الشكل من اشكال التحلل من النظرية معظم الاحزاب الشيوعية الوطنية فالحزب الشيوعي العراقي كان ضمن (التجمع الوطني للقوى السياسية) المعارض للنظام العراقي برئاسة صدام حسين، وشارك في المناقشات التي جرت مع الإدارة الامريكية حول التدخل الامريكي العسكري لاسقاط نظام الحكم· وكان الخلاف ثانوياً بين احزاب التجمع المعارض وهو مدى درجة التدخل (الاجتياح الكامل) أم (الضربة العسكرية المحدودة) وكان الحزب الشيوعي العراقي من انصار الضربة الامريكية العسكرية المحدودة، ولذلك فانه بعد ان عين (برايمر) مجلس الحكم الانتقالي في العراق بعد الغزو والاحتلال، وهو مجلس معلوم بأنه تكون من اعوان امريكا ومعظمهم من خارج العراق، وجميعهم من ذوي الجنسيات المزدوجة كان من بين الذين عينهم السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي· ونذكر أن اول قرار اجازه مجلس الحكم العراقي بالإجماع اعتبار يوم الاحتلال عيداً وطنياً·
واكدت قيادة الحزب الشيوعي العراقي ان صيغة المجلس تتضمن الكثير من الامور التي تطالب بها المعارضة والاحزاب والقوى التقدمية والوطنية من حيث المكونات والصلاحيات· وأن الحزب سيعمل على النضال من خلاله جنباً الى جنب مع الجماهير، وان اقامة امريكا لمجلس الحكم في العراق يعتبر خطوة مهمة على طريق النضالات من أجل إنهاء الاحتلال! وبكل (قوة عين) الاتجاهات اليمنية اكدت قيادة الحزب الشيوعي العراقي (الرسمي أنها استندت في موقفها على التحليل الماركسي والعمل المشترك مع الاحزاب في (التجمع الوطني للاحزاب الديمقراطية والتقدمية) آخذين بعين الاعتبار الوضع الداخلي في ظل الاحتلال والاوضاع الاقليمية والدولية وتوازن القوى الداخلي· وكان من الطبيعي بعد أن تأمركت قيادة الحزب الشيوعي العراقي بكاملها إلا افراد قليلين ( في الهوامش والاطراف!!) وبمفردات ماركسية استمرار الحزب الشيوعي العراقي الذي يشارك في المقاومة الوطنية وينظم الجماهير بالمواكب والاضرابات والاحتجاجات، تنظيم صلب من بين قواعد الحزب وكوادره الوسيطة· والجدير بالذكر أن الحزب الشيوعي العراقي (الرسمي) اعلن صراحة في بيان له عدم القيام بأى نشاط سياسي مستقل خارج اطار التجمع الوطني هنا انشقت قيادة الحزب الشيوعي العراقي الرسمي وقيام حزب العمال الشيوعي العراقي ليس تنظيماً منقسماً، ولا حزب شيوعي جديد آخر·
وذات صيغة (تجمع الاحزاب الوطنية المعارضة) موجودة في الاردن حيث يطلق عليها (لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة الوطنية) ومن بينها الحزب الشيوعي الاردني (الرسمي) وحزب البعث العربي الاشتراكي في الاردن (الرسمي ايضاً) وصادقت لجنة التنسيق على صيغة مجلس الحكم في العراقي (من حيث المكونات والصلاحيات)·
واكد حزب البعث في الاردن تطابق تحليله مع الحزب الشيوعي العراقي (الرسمي) بأن مجلس الحكم في العراق هو مرحلة جديدة في تاريخ الشعب العراقي ونضاله المجيد! وكان من الطبيعي ان تقيم قواعد حزب البعث وكوادره الوسيطة تنظيمها (حركة كوادر حزب البعث في الاردن) حيث لم يغير الحزب الرسمي اسمه! · أما قواعد الحزب الشيوعي الاردني (الرسمي) فقد اقامت (حزب العمال الشيوعي الاردني) بسبب موقف قيادة الشيوعي الموالية للمحتلين الامريكان ونشاطات قيادات الحزب في اقامة المنظمات التطوعية والجمعيات التي تمولها جهات امريكية·
وفي سوريا اتخذت المعارضة الرسمية أيضاً تنظيم (التجمع الوطني الديمقراطي) ومعروف أن الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي هو الحزب الرسمي وقد اجرى تحولاته عبر مؤتمرين انجز خلالهما التحلل من النظرية وتغيير الاسم (كل اطروحات جهاز الحزب الشيوعي السوداني فيما بعد) وفي مؤتمره الاخير اصبح اسمه: حزب الشعب الديمقراطي، وكان طبيعياً ايضاً ان يقدم (حزب العمال الشيوعي السوري) واخذ موقعه خارج التجمع الوطني الديمقراطي مع قوى اليسار الاخرى·
ومعروف ان الاحزاب الشيوعية ( السابقة) التي حكمت الاتحاد السوفيتي السابق والدول التابعة اتجهت مباشرة بعد الزلزال الى عقد مؤتمرات استثنائية للاحزاب الشيوعية، حيث قررت تلك المؤتمرات حل الاحزاب ومنها الحزب الشيوعي السوفيتي· وتم تأسيس احزاب جديدة معادية للماركسية وتتبنى اقتصاد السوق الحر ولا تستشرق الاشتراكية! وبعد الحال، قامت اعداد قليلة من الشيوعيين بإعادة تأسيس الاحزاب الشيوعية والاستمرار بها· انشقت القيادات واستمرت الاحزاب الشيوعية، فهى ليست أحزاب جديدة·
وفي الاتحاد السوفيتي السابق، اشرف جهاز الحزب الشيوعي وقياداته على حل الحزب الشيوعي وشهدت قاعة الكرملين، قاعة مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي، ولادة حزب جديد ( للسلطة) في روسيا واختير له اسم جديد وحضر بوتين المؤتمر التأسيسي حيث اعلن:
ان زمن الراديكالية السياسية قد انتهى الى غير رجعة وانه يجب وقف الصراع العقيم بين الاحزاب السياسية ونصح المؤتمرين بالتروي وعدم الاستعجال في الاعلان عن انفسهم حزب للسلطة!·
وكان تركيز قادة الحزب الشيوعي السوفيتي (السابق) وقيادات الحزب الجديد المعادي للماركسية في كلماتهم داخل المؤتمر على أهمية فرض الرقابة على أجهزة الاعلام والانتباه الدقيق لانشطة الشيوعيين المتحجرين الذين رفضوا التعلم من التاريخ·
وسادت قاعة الكرملين اجواء شديدة الشبه بما كان يحصل أيام مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي، إذ أن كل القرارات صدرت بالاجماع وعملياً لم تجر أية مناقشات لكل مشاريع القرارات ولم يظهر أي تقييم للكوادر المرشحة للقيادات (وكل ذلك كان متفقاً عليه قبل انعقاد المؤتمر ومعلوم أن هناك متخصصين من بين المتفرغين لطباخة المؤتمرات··)
اناثولي كوليكوف، عضو اللجنة المركزية ووزير الداخلية كان أحد القادة البارزين في الحزبين القديم الماركسي والجديد المعادي للماركسية جاء في كلمته: أن كثيراً من الحاضرين في المؤتمر سبق ان التقيتهم في مؤتمرات الحزب الشيوعي، لقد ظلوا بلا عمل لفترة طويلة وحانت ساعتهم الآن·
وهذه الاعداد التي اشار اليها اناثولي هى طبقة المتفرغين في الحزب الشيوعي السوفيتي قبل الحل والذين فقدوا مواقعهم الحزبية وغير الحزبية (اكل عيشهم) بعد ان فقد الحزب الشيوعي السلطة فتوزعوا بين الاحزاب المعادية للماركسية يقدمون خدماتهم وخبراتهم الثورية في التضييق على الاحزاب الشيوعية (الصغيرة) التي استمرت·
وبالطبع فإن الاحزاب السياسية الجديدة غير الماركسية في الاتحاد السوفيتي السابق ودولة التابعة قدمت برامج جديدة ودساتير جديدة واقامت هياكل تنظيمية شبيهة بالتنظيمات الحزبية الشيوعية (السابقة) والمثير للاهتمام ابقاءها على النظم الداخلية (الستالينية) بعد اجراء تعديلات شكلية وتغيير بعض الالفاظ وأسماء الهيئات·
وهذه المؤتمرات التي حلت الاحزاب الشيوعية واقامت بدائلها غير الماركسية اثبتت حقيقة أن أجهزة المتفرغين في تلك الاحزاب ما هى إلا فئة اجتماعية ذات مصالح حيث لم يترددوا في الانتقال والتحول من خدمة حزب شيوعي حاكم الى آخر حاكم ومعادي للشيوعية· فهم يقدمون خدماتهم لمن يحتاجهم و(برهنت التجارب ان طبقة المتفرغين هى عصب الحزب ومرتكزه في حياته اليومية اكثر من فروع الحزب وفي المنعرجات!!)·
الاحزاب الشيوعية الوطنية غير التابعة، عالجت ازماتها بطرق مختلفة ومن المعالجات التي تفتقد الى ايجابية نموذج الحزب الشيوعي الاسباني (المؤتمر الثاني عشر) حيث جاء في التقرير الرئيسي للجنة المركزية المقدم للمؤتمر ما يلي:-
لم يستطع الحزب ادراك الاحداث التي واجهته بعد إنهيار حكم فرانكو بسبب من المواقف الدوغمائية والاصلاحية، وكانت المعالجات ذات طابع فوقي ولم تجر مشاركة الهيئات الحزبية في رسم السياسة· وكانت قيادة الحزب لا تفكر إلا بطريق واحد لحل ازمة الحزب· الا وهو الطريق الاداري مما فاقم الازمة وقلل من ثقة الاعضاء بالحزب وادى الى عدم المقدرة على تحليل الوضع الجديد· واستطاع الحزب بعد هزيمة النظام الفاشي أن يستقطب الجماهير· ولكنه لم يستطع تحليل الواقع الجديد ولم يستجب لمتطلبات المرحلة· وكانت عاقبة هذا النهج أن الجهد النظري تحول الى حبر على ورق· وابتعد الحزب عن الجماهير وانعزل ثم تبعثر، وبرز اتجاه في الحزب يثق بالنظام السياسي الغربي، وهو تيار انتهازي هدفه الانتقال الى مواقع الديمقراطية الاشتراكية· وادى ذلك الى نتائج مدمرة· وكانت الجماهير تطالب الحزب بالتوجه نحو اليسار في حين أن سياسة الحزب كانت تتجه نحو اليمين·
وان ثقة الجماهير بالحزب في فترة النضال ضد الفاشية أخلت مكانها بعد سقوط الفاشية الى انعزال عميق عن الجماهير· وطرحت تساؤلات: هل الحزب الشيوعي الاسباني موجود؟ وبقى للحزب رأس مال واحد هو تاريخه المجيد فقط لكن بدون حاضر سياسي· غير أنه كانت هناك روح إنتماء للحزب على ضعفها تحمل مستقبلاً واعداً للحزب بغية انتشاله من الإنحطاط فيما العمل؟
ü الثبات وتعميق الجديد دون التخلي عن المفاهيم الديمقراطية والاستقلالية من أجل إعادة دور الحزب في المجتمع·
ü أن الاوضاع داخل الحزب بررت إنشقاق مجموعة من الرفاق ( الحزب الشيوعي لشعوب اسبانيا) لقد كان ينبغي فسح المجال لهم لطرح آرائهم داخل الحزب· ويتحمل الحزب مسؤولية هذه الانقسامات·
ü يواجه الحزب خطراً جديداً، خطر أن يتحول الى جزء من النظام السياسي المهيمن ويكون مستعداً للتعاون مع النظام والامبريالية الامريكية·
أما المعالجات التي وضعها المؤتمر فهى:-
ü تحديد مهام سكرتارية اللجنة المركزية·
ü انتخاب سكرتير عام جديد والقناعة بضرورة تغيير السكرتير العام في كل مؤتمر وكذلك الهيئات القيادية لترسيخ الديمقراطية الحزبية ومبدأ القيادة الجماعية·
ü وناقش المؤتمر التقرير الرئيسي للجنة المركزية حول (وحدة الحزب) واكد:-
ü بدون حزب شيوعي قوي لن تنهض حركة يسارية قوية·
ü يجب أن يخرج المؤتمر ببرنامج واضح حول عملية توحيد الشيوعيين·
ü تجميع كل من خرج من الحزب واحياء الحزب·
ونعود للوضع في السودان· ونؤكد أنه ليس من المهم القول بأن الحزب متمسك بالماركسية (في التقرير) فهناك دستور الحزب وبرنامج الحزب وممارسة الحزب، جميعها هى التي تحدد ماركسية الحزب· فعندما يرى تيار المركزية المطلقة أن حل أزمة الحزب ممكنة عن طريق:
1/ تغيير طبيعة الحزب وانه حزب جميع الطبقات·
2/ وأن الحزب ليس حزب الطبقة العاملة ولا طليقها
3/ وأن الحزب ليس من اهدافه تغيير المجتمع·
4/ وانه لم يعد هناك ما يسمى بمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية·
5/ وأن مبدأ الديمقراطية المركزية غير ديمقراطي ومتطلب·
6/ وان النظرية الماركسية هى أحد مصادر نظريته وليست الوحيدة·· الخ·
فانه لن يكون ماركسياً حتى اذا ادعى انه يسترشد بالماركسية· وحزب على هذه الشاكلة من واجبه تغيير اسمه لأنه لم يعد ماركسياً· وهذا الحل يضع التيار في صف واحد مع د· فاروق محمد ابراهيم (تصفية الحزب) والخاتم عدلان ( مفارقة الماركسية) ويضع ايضاً الى جانب انقسام 0791 (عدم صلاحية الطبقة العاملة) وهم جميعاً متفقون في التحليل والنتائج واختلفوا في الوسائل·
ان وسيلة ( حل) الحزب والتخلي عن الماركسية واقامة حزب جديد هى وسيلة الحزب الشيوعي السوفيتي السابق والاحزاب التابعة التي حكمت· أما الاحزاب الشيوعية الوطنية التي لم تحكم فقد كانت أمامها ثلاث طرق لحل ازماتها:
1/ حل الاحزاب بالطريقة السوفيتية ود· فاروق·· الخ·
2/ انشقاق القيادة عبر المؤتمر وتصفية الحزب دون حله بتغيير طبيعة الحزب والتخلي عن الفكر وتغيير الاسم··الخ باسم الاسترشاد بالماركسية وبالمفردات الماركسية (الحزب الشيوعي السوري)·
3/ مواجهة ازمة الحزب وتصحيح الاخطاء وتطوير الافكار وتجديد الاساليب (الحزب الشيوعي الاسباني) وقد اختار جهاز الحزب الشيوعي السوداني وسيلة الإنشقاق عبر المؤتمر·
وكل نقاط التحلل- أصلاً- تعرض لها المؤتمر الرابع 76 والتداولي 0791 فجهاز الحزب الشيوعي في الحقيقة لا يطرح افكاراً جديدة (للتجديد) ولكنه يعيد انتاج افكار تم حسمها قبل ذلك دون الاستناد الى اسباب فكرية وعملية· وفي امثلة ذلك طبيعة الحزب وحزب كل الطبقات وحزب الطبقة العاملة·· والتي ناقشها المؤتمر التداولي بأن:-
أي حزب بالمعنى الكامل للكلمة لابد أن يتمتع بوحدة الفكر والارادة المتمثلة في برنامج واحد ونظام داخلي واحد، يعبران عن سيادة آيديولوجية طبقة واحدة·· الحزب أي حزب لا يقبل تعايش آيدويولوجيات مختلفة ولا يقبل بالفرق والجماعات داخله فبرنامج الحزب الشيوعي ونظامه الداخلي- مثلاً- ينبعان من آيديولوجية الطبقة العاملة وعندما تنشأ آيديولوجية مغايرة في داخله ينشأ فوراً صراع هدفه سيادة احدى هاتين الآيديولوجيتين وهذا ينطبق على أي حزب·
وشرح عبد الخالق نظرية تصفية الحزب (0791) عن طريق قيادة الحزب وخلال النظرية تعرض لكل ما يثار اليوم وموجزها:
1/ البرجوازية طورت افكارها حول تصفية الحزب الشيوعي بعد مايو 96 بالسعي لاعدام الحزب نهائياً، وليس بالضرورة أن يتم اعدامه (بالحل) بل بتفريغ وإمتصاص ثوريته·
2/ وان الصراع حول تصفية الحزب وبقاءه هو انعكاس للصراع الذي يحتدم في المجتمع·
3/ الصراع الذي يدور في الحزب هو صراع طبقي لا يخفى على عين، وحسمه لصالح التيار البرجوازي الصغير لا يعني إلا ذهاب الحزب وتلاشيه كطليعة للطبقة العاملة· وان تقوية صفوف الحزب والدفاع عن استقلاله يكون بكشف وتعرية أفكار البرجوازية الصغيرة ولأن وحدة الحزب لن تتحقق إلا بالصراع·
4/ ان نضال الحزب الشيوعي مع الشعوب الاخرى يستحيل أن يعني التحلل من الافكار الماركسية·
5/ الاستراتيجية تحددها مرحلة التطور الثوري المعين، والواقع واستراتيجية الحزب هى انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية لا الاشتراكية· والتحالف الطبقي وأي تحالفات سياسية تأخذ مكانها المقدم من النشاط ولكن هذه التحالفات لا تعني فرض آيديولوجية واحدة والتخلي عن الفكر الماركسي·
وكما دعا الخاتم الشيوعيين السلفيين بالخروج من الحزب واقامة حزبهم وكما دعا الشفيع خضر رافضي التجديد للخروج وتكوين حزبهم يتحدث سليمان حامد رافض تصفية الحزب باعلان استمرار الحزب الشيوعي· الحقيقة أن الاستمرار بالحزب ليس انقساماً ولا تكويناً لحزب جديد والحقيقة أن جهاز الحزب الشيوعي اعلن انشقاقه وطبق نظرية تصفية الحزب وكان عليهم التعلم من تجاربهم·
üüüüüüüüüü
أحمد

إعلان انشقاق قيادة جهاز الحزب الشيوعي••

إعلان انشقاق عرض: محمد علي خوجلي
حققت جريدة >الصحافة< الغراء انجازاً كبيراً لإعلان انشقاق قيادة جهاز جهاز الحزب الشيوعي·· وطلب تدخل الاسلاميين!! 1/2
الحزب الشيوعي، بحوار علاء الصحافي مع سليمان حامد عضو اللجنة المركزية المنتخب 7691م والسكرتارية المركزية والمجلس الوطني القومي، مع انعقاد المؤتمر الخامس والمؤتمر الصحفي المتوقع بعد انتهاء المداولات واجازة القرارات بالاجماع· وحوار علاء مع سليمان كشف بجلاء افكار وهموم ومستوى العمل القيادي ولا اتحدى من يقول بغير ذلك·· واكتفي في مداخلتي التي آمل نشرها بنقطة واحدة·· الاعلان المتأخر للانشقاق وعقد شيوعيون العزم على إعلان استمرار الحزب الشيوعي·
وبحسب نظم الحزب التي نعرفها فإن قيادته لا تعبر عن آرائها الشخصية في الصحف البرجوازية!! وعضو السكرتارية المركزية من الذين يشاركون في رسم سياسات الحزب ولذلك نأخذ ما يقوله قادة الجهاز دائماً مأخذ الجد· والناطق الرسمي باسم الحزب ورفاقه الذين قالوا للخاتم استعجلت يمثلون الحزب·· وقيادة جهاز الحزب الحالي متفقة في رؤاها مع كل الانقساميين او الذين تركوا الماركسية في نقطة او اكثر كما سأعرض في هذا المقال·
والانشقاق الذي تأخر اعلانه لم تكن اشاراته خافية على الكثيرين في 1791 و9891م عند الانقلاب وما قبله قليلاً وخلال كل الحقبة الانقاذية عشرات النماذج لا يسمح المجال بعرضها ومن تلك الاشارات،الموافقة على نقل قيادة المعارضة للنظام خارج البلاد بتبرير العمل المشترك مع القوى السياسية الاخرى، وعندما تكفلت شركة اميركية بدفع المرتبات الشهرية والمصروفات الإدارية للقيادات المعارضة وجد المسلك القبول· ثم تجميد النشاط الجماهيري المستقل للحزب بحجة العمل تحت مظلة التجمع، والتصريحات المتوالية لقيادات الجهاز لتهيئة اجواء الانشقاق، واخراج وخروج السكرتير السياسي للجنة المركزية وما صحب ذلك من توجيهات بنشر كل ما يمجد السكرتير السياسي في الصحف اليومية·· والتعويضات، والمشاركة في سلطة المؤتمر الوطني واللجنة الثنائية··الخ·
ومعلوم ان اول من رحب بتغيير اسم الحزب والتخلي عن الفكر الماركسي هو الشفيع أحمد محمد من قيادات الحركة الاسلامية واول من اشاد بمشروع دستور الحزب الجديد هو د· حسن مكي المفكر الاسلامي المعروف، وافضل مناقشات مشروع التقرير المقدم للمؤتمر الخامس بحسب افادة سليمان هي ما كتبه د· الطيب زين العابدين القيادي والمفكر الاسلامي البارز، وانني اعتقد ان >فرحة< سليمان كانت من اهداف الحوار وهي بمثابة طلب مباشر وعلني للتدخل لدرء آثار انشقاق جهاز الحزب الذي اقتبر· فالمعروف ان القادة والمفكرين الإسلاميين لم يتبدل موقفهم من الفكر الماركسي وكل افكار اليسار لكنهم متمسكون باستمرار قيادة جهاز الحزب الحالية وشعارهم لا بديل لنقد إلا محمد ابراهيم نقد!
ومن جهة اخرى فإن سليمان كشف ما قاله رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني في اجتماع اللجنة الثنائية عندما وصف الحزب بأنه حزب وطني مخلص لا علاقة مشبوهة له بالعالم الخارجي وخلافه· فما هو سبب هذا الكشف في هذا السياق؟
لم يتذكر سليمان انه مع الالفية الثالثة حدث انهيار الدول الشمولية التي حكمت زيفاً باسم الماركسية وانشقت قياداتها بعد سبعين سنة· واثبت التقرير للمؤتمر الخامس انه لم يكن ممكناً تفادي عدم الامتثال للنموذج السوفيتي الذي عندما انسدت كل الطرق في وجهه اختارت قيادة الحزب الانشقاق بحل الحزب والتخلي عن الماركسية >ذات دعوة د· فاروق محمد ابراهيم< وان بعد الانشقاق في النموذج، اختفى نهائياً المركز الرسمي الواحد< لتفسير الماركسية، وسقطت بالتالي كل المراكز الرسمية الاخرى في الاحزاب الشيوعية الوطنية التي كانت تملك حق تفسير الماركسية·· وفي الالفية الثالثة تأكد ان >اجترار التاريخ المجيد< لا يحل مشاكل الوطن والحزب·· والحركات الدارفورية نشأت بعد انقضاء سنوات على المناقشة العامة في الحزب·· الخ ان هناك متغيرات كثيرة لا يجوز النظر إليها بذهنية القرن الماضي·· والزمن والاحداث تدفع دائماً للتدقيق والتعلم وحتى انقسامات الحزب الشيوعي في الالفية الثانية لا نجدها اليوم كما تصورناها عند وقوعها·
والانقسامات في الاحزاب السياسية كافة تبدأ من اعلى، الخلافات بين قيادات تلك الاحزاب، فالعضوية العادية قواعدها الحزب وحتى كوادره الوسيطة لا تنقسم هؤلاء يتركون الحزب بالاستقالة او التخلي طوعاً عن النشاط الحزبي او الانتقال الى حزب آخر· واتفق الكثيرون ان من عوامل حدوث الانقسامات: غياب او مصادرة الديمقراطية في الحزب، والخلافات حول التكتيك وهذه قد تصل الى الاستراتيجية، والخلافات الناتجة عن تضارب المصالح والتي هي في النهاية تضارب في المصالح الطبقية، كما انه قد يوجد الاثر الخارجي الذي يغذي تلك الانقسامات·
فالخلافات في الحزب الشيوعي السوداني 3691م كانت بأثر الخلافات في الحركة الشيوعية العالمية· وجدير بالذكر ان الانقسام وقيام الحزب الشيوعي-القيادة الثورية، لم يقيمه المؤتمر الرابع 7691م أليس هذا امراً غريباً؟ وكان اقتراح عبد الخالق ان تجرى مناقشة الزملاء المنقسمين وما كان ممكناً ان يسمح مكتب الرقابة المركزي بذلك·· لكن من الملاحظات المهمة وجود عدد مقدر من ضباط حركة 91 يوليو كانوا ضمن المنقسمين في 36و4691م· ووجدناهم بعد ذلك بين عضوية وكادر الحزب دون الاشارة لذلك· وتم اعتقال يوسف عبد المجيد احد قادة الانقسام بعد هزيمة 91 يوليو وسلاحه في يده وثبت بعد الانهيار صحة معظم الانتقادات التي وجهت للنظام السوفيتي·
ومن قيادات انقسام 0791 اليوم من يقدم مساعدات فكرية لاعضاء ثوريين في المجلس الوطني القومي، واذا كان من بين انقساميي 0791 من هو في القصر الجمهوري فإنه من المتوقع ان يكون من بين انشقاقيي 8002م من هم في الهيئات التشريعية القومية والولائية، وانقسام 0791م الذي دعمه السوفيت هو ايضاً صراع حول سلطة الحزب التي ارتبطت بسلطة الدولة·· والقيادات الشيوعية او التي تدعي الشيوعية وتشارك في سلطة البرجوازية فأمر استمرار مشاركتها وتقوية مواقعها في اجهزة الدولة رهين بامساكها بسلطة الحزب فاذا فقدت سلطة الحزب فقدت مواقعها في المشاركة >بالثورة< او الاتفاقيات·
والمهم انه في كل احوال انقسامات حزبنا الشيوعي في الالفية الثانية مساندة قواعد الحزب، التيار الثوري الشيوعي بقيادة عبد الخالق·· وهذا يعني بوضوح ان قواعد الحزب ترفض الانقسامات من حيث المبدأ، والحزب هو قواعد الحزب >المؤتمر< وقيادة الحزب المنتخبة من المؤتمر· وكان طبيعياً ان ينتصر التيار الذي يجد تأييد قواعد الحزب·· اما انقسام او انشقاق اغلبية قيادة الحزب او حتى اجماعها فلا يعني شيئاً·· فهي ستظل قيادة بلا جيش اما القواعد فإنها تنتخب قيادة جديدة وهذا من اهم اسباب فشل التنظيمات التي انقسمت من الحزب الشيوعي· فلا يوجد شيوعي حقاً يضعف حزبه بالانقسام كما لا يوجد شيوعي حقاً يقبل تغيير طبيعة حزبه والتحلل من نظريته وقبوله يعني موافقته على اعدام حزبه وتصفيته فالتصفية لا تعني فقط حل الحزب كما سيعرض عبد الخالق من خلال المقال·
وافكار عوض عبد الرازق وتياره، اعاد انتاج بعضها لاحقاً تيار اجتماع الجريف الموسع 5691م وتيار الخاتم عدلان ود· فاروق محمد ابراهيم وجهاز الحزب الشيوعي الحالي والحزب الشيوعي السوفيتي >السابق< بعد الزلزال· وحتى انقسام 0791م فإن من بين قادة الجهاز الحاليين من كانوا ضمن التيار الى ما قبل التصويت·· ويقدم بعض قادة انقسام 0791م اليوم مساعدات لرفاقهم ولسبب ذلك تمكنت عقده ادانة الانقسام· فنجد انه من حيثيات انهاء تفرغ خضر نصر عدم ادانة الانقسام بعد مرور اكثر من عشر سنوات·· والمهم ان كل الخلافات والانقسامات في الحزب الشيوعي في الالفية الثانية كانت في مركز الحزب· ومركز الحزب·· اليوم موحد تماماً فقد قام بتعيينه تيار المركزية المطلقة ولانه من المستحيل حدوث انقسام بالصور القديمة ولان قواعد الحزب لا تنقسم فقد رأت قيادة الجهاز انه آن اوان انشقاقها بالاجماع وعلى الرافضين للتصفية باسم التجويد الخروج من الحزب واختيار اما الصمت حفاظاً على تاريخهم والمقصود سلطة الحزب، المؤهلة للسلطات الاخرى او اعلان استمرار الحزب الشيوعي >العجوز< كما يصفه الإسلاميون!
وقيادة جهاز الحزب تعلم يقيناً بافراد قليلين لجزء من تيار ابان افكاره وظل يوضح رؤاه لعدة سنوات·· وهؤلاء خارج التنظيم لم يستقيلوا كما لم يبلغوا بقرارات فصلهم وحيثياتها وبالضرورة لا علاقة لهم بمناديب المؤتمر الخامس، لكن الذي تؤكده ان تجزئة مبدأ الديمقراطية المركزية الذي تواصل لتعود من الزمان انتج عدداً من المراكز داخل الحزب لا خارجه· قد نجد مجموعة او اكثر تضم من هم داخل الحزب وخارجه·· وحتى الآن لا توجد اية علاقات تنظيمية بين هذه المجموعات وهذه نتيجة طبيعية لهيمنة تيار المركزية المطلقة على الحزب ومع انشقاق الجهاز مستثنياً عدة تنظيمات قبل ان تتوحد تلك المجموعات >التي لا تتضمن لجنة مقاومة تصفية الحزب الشيوعيان الشيوعيين السودانيين في معظمهم في قواعد الحزب، ربطوا موقفهم النهائي بما يقرره المؤتمر الخامس وهذا معلوم للكافة وحتى العضوية التي قد تترك الحزب ولا تشارك في التنظيمات الشيوعية في انتظار ما يقرره المؤتمر الخامس·
وافاد الشفيع خضر:
كنا في حزب نظريته العامة هي الماركسية التي تتجلى حسب القسمات الخاصة بكل بلد· ما نحن الآن بصدده عكس هذا الطرح -نحن نتحدث عن تعدد المصادر النظرية- طرح حزبنا الجديد ليس حزباً ماركسياً·· اننا لن نوصد الابواب امام النظريات الاخرى·· نحن طرحنا بتبني تقليص مساحة الايديولوجيا في الحزب على اساس زيادة مساحة البرنامج·
وهذه الافكار لا تتناقض مع افكار عوض عبد الرازق وفاروق محمد ابراهيم والخاتم عدلان وواضحة في مشروع دستور الحزب الجديد·
وأفاد يوسف حسين بتوجيه من السكرتارية المركزية:
اننا سنسقط كل الفكر الماركسي، والحرس القديم مصطلح يعني المحافظة على القديم فيمكن ان نجد في هوامش الحزب او اطرافه بعض الذين يؤرقهم الشوق والحنين للماضي بأن يظل اسم الحزب الحزب الشيوعي· لكن هذا شيء محصور ومعزول >ملحوظة من كاتب العرض اسقاط كل الفكر الماركسي يستوجب تغيير اسم الحزب·· وهذه الإفادة تمت في 2002م بجريدة الدستور التي اندثرت، فالمسائل مقررة من >زمان<·
هناك تغيير كبير في الأفكار·· وسيقدم الحزب افكاراً وبرامج جديدة·· ودستوراً جديداً الاطروحات جميعها ستتأثر برياح التغيير في العصر الحالي·· نحن رفضنا حتى الحزب الطليعي الذي يظهر الغرور وبصورة ساخرة جداً·· نحن حزب من بين الأحزاب السياسية في السودان، هذا هو برنامجنا ليس لدينا نحن حزب طليعي·
وفي مقدمة الطبعة الاولى لمشروع دستور الحزب الجديد جاء:
ü استبعدنا الديمقراطية المركزية كمبدأ يسير الحزب·
ü لقد استبعدنا كل الصيغ التي ما عادت تساير العصر وتواكب الواقع السوداني ولذلك استبعدنا ان الحزب يهدف الى تغيير في المجتمع السوداني بانجاز الثورة الوطنية الديمقراطية والسير بالبلاد نحو الاشتراكية·
ووصف الخاتم الديمقراطية المركزية بانها داء الحزب العضال وانها مسؤولة عن عقم حياة الحزب الداخلية وضيقه وتبرمه بالرأي الآخر· وقال سليمان حامد ان الخاتم فارق الماركسية فراق الطريفي لجمله·· وجاء في مشروع دستور الحزب الجديد >استبعدنا الديمقراطية المركزية كمبدأ يسير الحزب< اما وثيقة السكرتارية المركزية 6002م وسليمان عضو فيها فقد اجازت وثيقة بعنوان الحزب الشيوعي وقضية الديمقراطية نحو البرنامج وفيها تم وصف مبدأ الديمقراطية المركزية بانه غير ديمقراطي ومتصلب·· انهم ايضاً فارقوا الماركسية·
أما عبد الخالق فقد كتب:
ان الحزب الشيوعي لن يستقيم بدون تطبيق مبدأ الديمقراطية المركزية على اسس سليمة وان ضعف الديمقراطية المركزية في الحزب وعدم اشراك العضوية اشراكاً نشطاً في حياته الداخلية، وفي حياة فروعه ادى الى انكماش كبير في عضوية الحزب وان الحياة الداخلية السليمة القائمة على التطبيق الدقيق للديمقراطية والاتساع مضموناً ومحمياً وهي مهمة كبيرة تحتاج الى العلاج·
ولان العضوية في انتظار ما يقرره المؤتمر الخامس في هذه القضية فإن التقرير الختامي للمناقشة العامة المقدم للمؤتمر الخامس اغسطس 7002م يرى انه من القضايا التي تستمر المناقشات فيها بعد المؤتمر الخامس، الديمقراطية المركزية والتحالفات والعمل المشترك مع التنظيمات والاحزاب الاخرى واللجان الشعبية وداخل البرلمان اي مؤجلة وقضايا اخرى للمؤتمر السادس·
فأين هي الماركسية التي يتحدث عنها سليمان حامد؟
üüüüüüüü
أحمد