Saturday, September 6, 2008

تعقيب على تاج السر عثمان بابو

تعقيب على تاج السر عثمان بابو
تيار المركزية المطلقة جعل التنظيمات الديمقراطية من حواكيره.. «1-2»


محمد علي خوجلي
التنظيمات الديمقراطية هي جذور الجبهة الديمقراطية وانتشارها وسيلة لاطلاق طاقات الخلق والابداع. وجماهيرية الحزب وتحوله لقوى اجتماعية كبرى كان من بين قضايا المؤتمر الرابع، الذي رأى ان التنظيمات الديمقراطية هي منارات الثورة وان استمرار وقوة النضال الثوري يكمن في قوة تلك التنظيمات والتي لا تساهم فقط في الابقاء على التقدم «ونلاحظ ان كل السمنارات وورش العمل والاجتماعات الموسعة وحتى مشروع تقرير المؤتمر الخامس لم تتجاوز استنتاجات المؤتمر الرابع المعطلة».
ومعلوم نضال القوى الديمقراطية مع الشيوعيين السودانيين والتحالف الشيوعي الديمقراطي بين العمال اقام لجان العمال الوطنية واللجان الثورية والحياة النقابية، وتعاونت القوى الديمقراطية مع الحزب الشيوعي بين جماهيرالمزارعين وتحالف الديمقراطيون مع الشيوعيين بين الفئات الاجتماعية المختلفة، مهنيين وفنيين ومعلمين واساتذة جامعات وكذلك بين الطلاب والتلاميذ، والنساء والشباب انشأوا التنظيمات والاتحادات والروابط الى آخره.
وأهم ما توصل اليه المؤتمر الرابع 1967 «واعيد عرضه في 2008 دون اشارة للفشل في الالتزام به»:
ان الحزب لا يفرض وصاية على حركة الجماهير ولا يقيد نشاطها او يعرقله تحت اية دعاوى «بما في ذلك دعاوى الحماية والتأمين، او عدم انعقاد المؤتمر الخامس «!» كما سيرد في تجربة الجبهة الديمقراطية للمحامين» وانه اعتمادا على ما تقدم وما تفرضه علاقات الانتاج من اشكال تنظيمية يتشكل المجرى العام لتنظيم القوى الوطنية الديمقراطية في السودان وهذا يعني ان الاشكال المتنوعة للتنظيمات الديمقراطية سيكون لها قادتها على النطاق الوطني وتتضح اكثر الامكانيات الحقيقية للعمل. وان مهمة الحزب الشيوعي ان يكون بين هذه التنظيمات اداة منظمة وليس الاداة التنظيمية، وهذا هو طريق التحول الى القوة الجماهيرية.
فلذلك فان منع تحول الحزب الماركسي الى قوة جماهيرية هو هدف اعداء الحزب الطبقيين. اي وقف الاتحاد الثابت بين الشيوعيين والديمقراطيين. ان خط الدفاع الاول للحزب هو التنظيمات الديمقراطية وخط دفاعه الثاني هو الجماهير. واضعاف التنظيمات الديمقراطية هو بداية اضعاف النشاط بين الجماهير. ان مناهج المركزية المطلقة انجزت بكفاءة عالية مهمة اعداء الحزب باضعاف التنظيمات الديمقراطية. وعندما يقول مشروع التقرير للمؤتمر الخامس انها اصبحت وجهين لعملة واحدة هي الحزب الشيوعي فانما يؤكد ان اعداء الحزب هم من بين قياداته. وسجل التقرير تلك الحقيقة الفظيعة دون اعلاء لرايات النقد والنقد الذاتي والدعوة للسير فوق الاخطاء وطرح بعض استنتاجات المؤتمر الرابع وكأنها انتاج نظري جديد.
واساليب العمل القيادي تحت هيمنة تيار المركزية المطلقة «الستاليني» فرض الوصاية. وقيد نشاط التنظيمات الديمقراطية وعرقل نشاط الجماهير ولا يزال فكل الانشطة المستقلة خارج القبضة القيادية عنده انشطة مخابراتية «!» في حين ان هدف المخابرات هو تجميد حركة الجماهير وعرقلة سيرها وهذا ما يقوم به التيار.
وعدم التنسيق بين تنظيمات فئات المتضررين وخاصة ابان الحقبة الإنقاذية هي من آثار المركزية المطلقة في الحزب التي تنتج مفهوم «الحزب وحده هو الاداة التنظيمية» ليتمكن من الهيمنة على التنظيم وتسخيره لخدمة مصالح حزبية لا مصالح المتضررين وكل الاشكال التنظيمية المستقلة بدلا ان يكون الحزب بينها فانه يناصبها العداء ويعمل على تخريب انشطتها اذا لم يتيسر له اختطافها، لسبب واحد، انه لم يكن اداتها التنظيمية «!» وهذا من اسباب التخلف عن حركة الجماهير.
وجماهير الحزب وتحوله الى قوة اجتماعية لا تعنى بمفهوم المؤتمر الرابع ان تكون عضويته مليونية، وتوجد عوامل كثيرة تجعل حزبا كبيرا بالمعنى المذكور صغيرا في نفوذه وتأثيره على مجريات الحياة والعكس ايضا صحيح.
وادركنا جميعا حقيقة الاحزاب الشيوعية الكبيرة ذات العضوية المليونية «!» والتي استولت فيها تيارات المركزية المطلقة على السلطة في الأحزاب والدول حيث جعلت التنظيمات الديمقراطية تابعة للأحزاب. وعن الانهيار اختفت كل تلك الملايين، فهي لم تكن ابدا احزابا جماهيرية او قوى اجتماعية كبرى بالرغم من تكرارها ليل نهار، انها تسترشد بالمنهج الماركسي.
وبعد الانهيار كانت العودة للاصول الطبقية للقيادات يدعمهم الاشباه والتابعون واتباع التابعين من جيوش المؤسسات المخابراتية من موظفي الدولة ومؤسسات المتفرغين الحزبيين «موظفو الحزب والدولة معا» واقامت الاحزاب الجديدة الرأسمالية واستمرت بعدها الاحزاب الشيوعية حقا، الصغيرة والمعارضة والتي تعرف عضويتها بالاسم «ومن دون غواصات»!! والتي وصفت بالجمود والتحجر حيث لم يكن ممكنا وصف المعارضين بأنهم عملاء للامن، لانهيار النظم من جهة ولان معظم الحكام الجدد هم من الشيوعيين الأمنجية..«!»
والديمقراطية الحزبية تشكل عنصرا اساسيا وهاما في مسألة الجماهيرية والقوة الاجتماعية. وهيمنة تيار المركزية المطلقة يشعل الأزمات في التنظيم الحزبي ولذلك تتأثر به التنظيمات الديمقراطية. اي ان غياب الديمقراطية في الحزب تسبب في مقتل التنظيمات وبموت التنظيمات الديمقراطية تموت الجماهيرية والعمل الجماهيري بديل الانقلاب العسكري ومن الطبيعي بعد ذلك العمل على كسب الجماهيرية بالاتفاقيات والمساومات.. الحقيقة ان تيار المركزية المطلقة «الستاليني» قد افلح في تخريب خط الدفاع الاول للحزب «التنظيمات الديمقراطية» وكذلك خط الدفاع الثاني وهو العمل بين الجماهير الذي كان موكبا لم يبدأ لمفصولين.. «!» فلا يكون امام قيادة جهاز الحزب الا التخفي بين المجموعات ونفي النشاط المستقل.
ان المشكلة الحقيقية لا علاقة لها ببرامج التنظيمات الديمقراطية ولا بالمنهج الماركسي ولا انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بل في مناهج العمل الخاطئة ومصادرة الديمقراطية في الحزب وهيمنة تيار المركزية المطلقة، واحتكار تفسير الماركسية وجعل الحزب والتنظيمات الديمقراطية ملكية خاصة مسجلة تسير وفق الطريق الذي يفرضه التيار المهيمن. والذي يطلب كما الشفيع خضر من العضوية المعارضة لسياساته الخروج من الحزب واعلان حزب آخر.«!» ليس ذلك فحسب بل مطلوب من هؤلاء بعد الخروج التزام الصمت وعدم الكتابة في الصحف ـ كما محمد ابراهيم نقد ـ حتى لا «يوسخوا» تاريخهم، وكأنهم كانوا في جمعية سرية اجرامية، او ضمن افراد عصابة ولم يكونوا مناضلين قدموا اعمارهم وامان اولادهم في خدمة قضية آمنوا بها.
والماركسية تكون مرشدا لنظرية الحياة عندما تتعامل مع الواقع الموضوعي. وافكار العلم الماركسي ثبت انها عندما تكون بعيدة عن الممارسة والفعل الثوري تتحول الى جثة هامدة ولن يحدث ان يحس المواطن العادي باهمية تلك الافكار او قيمتها. فذلك لا يتم الا من خلال الحياة، حياة المواطن العادي كبشر. وهذا يفرض على كل الشيوعيين والماركسيين الذين خرجوا او تم اخراجهم من حزبهم الدفاع عن المبادئ التي اقتنعوا بها وعدم الاكتفاء بالعلم الماركسي بل ربطه بالفعل الثوري حتى يحس المواطن العادي باهمية افكار ذلك العلم وقيمته. وان مجرد الصمت والمشاهدة والانتظار يحول العلم الماركسي الى جثة هامدة وكذلك هم يتحولون الى جثث هامدة والناس يصنعون تاريخهم والحزب ليس من حواكير تيار المركزية المطلقة والمنظمات الديمقراطية ليست من حواكير التيار الستاليني.
ان سيادة المركزية المطلقة في الحزب من آثارها احتكار العمل القيادي والتركيز على العمل السهل في المدن الكبيرة وبين المتعلمين فلم يجد ابناء القبائل المتعلمين والمثقفين اية مواقع لهم في الحزب، كما افتقدوا المنظمات الديمقراطية القوية والمستقلة في مناطقهم، فالتحقوا شيوعيين وديمقراطيين وخلافهم بالتنظيمات والحركات الجهوية. وكما يعاني سكان الريف من فقر التنمية يعاني ابناء الريف واغلبية سكان العاصمة القومية والمدن الكبرى من شظف الحياة ومواجهة آثار التنكر للحقوق فطالت المظالم الآلاف.. ولم يجد هؤلاء في النهاية سبيلا وهم يبحثون عن الحماية واستعادة حقوقهم المسلوبة بخلاف منظمات الضغط والتنظيمات الاقليمية والقبلية والجهوية وتحول آلاف الديمقراطيين والشيوعيين الى جنود تحت قيادات جديدة.
ان الواقع الجديد والوعي المتنامي للسكان بسبب انتشار التعليم والهجرة للخارج واللجوء وقسوة الحياة من الطبيعي ان يفرز عشرات التنظيمات ثم مئات وآلاف ،وكلما ارتفع الوعي واصبحت الحياة اكثر بؤسا كلما ارتفعت اعداد تلك التنظيمات. وهنا يقل تأثير اي حزب فاقد للديمقراطية الداخلية وفي النهاية سيندثر.
üüüüüüüü
في التعقيب على تاج السر عثمان بابو
عندما تطابقت أهداف قيادة الجهاز مع أهداف المخابرات الأجنبية!! (2/2)
عرض: محمد علي خوجلي
إن الشيوعيين السودانيين ما كانوا ليستطيعوا اكتساب أية قوة دون عون الكتل الديمقراطية الممتدة في كل المؤسسات والمدن والأحياء السكنية وقرى الريف. وأي حديث عن «اتقان العمل السري» دون الاقرار الواضح والصريح بالدور الرئيسي للقوى الديمقراطية لا يستقيم. فالشيوعيون من البشر وليسوا من طينة خاصة كما ادعى ستالين.
والقوى الديمقراطية في بلادنا قدَّمت تضحيات كبيرة وخاضت نضالات عنيدة إلى جانب الشيوعيين في معارك الدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة منذ نشاطهم ضد قانون النشاط الهدّام ثم قانون حل الحزب الشيوعي.. وهزموا إلى جانب التيار الثوري في الحزب كل محاولات «حل الحزب اختيارياً»! و«تغيير اسم الحزب».. هي التي ساندت الحزب في كل المنحنيات وفي المنعرجات وعند الأزمات السياسية الحادة.. وأهم معالم النضال المشترك تمثَّل في محنة يوليو 1971م عندما تقاسمت القوى الديمقراطية مع الشيوعيين الاعدامات والسجون والفصل والتشريد والنظام المايوي، رغم دعم أغلبية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لم ينجح في التأثير على معظم القوى الديمقراطية التي قاطعت التنظيمات التي أقامها سواءً الاتحاد الاشتراكي أو مجالس الشعب.. إلى آخر.. والقوى الديمقراطية تعلّمت كل ما هو جديد من ألوان القسوة والارهاب وقمع جهاز الدولة على حقبة الانقاذ الحالية.. إن كتل القوى الديمقراطية تعلّمت مع الشيوعيين تجارب العمل القانوني وغير القانوني، السلمي والعنيف وهي جزء مهم وأساسي من قوات الجبهة الديمقراطية التي لم تعد قيادة الجهاز تؤمن بها وتكرر مرحلتها، وتفضل عليها «المساومات» بعد التحلل باسم التجديد.
ومن المعلوم أن أعداء الديمقراطية لا يصرحون بعدائهم لها، بل يبشرون بها خلافاً للممارسة ويكون المطلب المقدم «التحول الديمقراطي» وأحياناًَ يبالغون في ادعاء الديمقراطية ومن ذلك نشر مشروع التقرير للمؤتمر الخامس للناس قبل عضوية الحزب، ومناقشة المفكرين الاسلاميين له قبل مناقشة العضوية والمؤتمرين له.. انها علامات العجز والفوضى التنظيمية لا علامات تحول ديمقراطي في الحزب. ومن جهة اخرى تتواصل التحقيقات والتحريات شبه البوليسية مع عضوية من الحزب لشرح طبيعة علاقاتهم مع شيوعيين خارج الحزب.. ومن جهة ثالثة تعمل قيادة الجهاز على «ضبط أعداد العضوية» في إطار توازن القوى الداخلية بين التيارات فيتم حرمان عشرات العضوية من ممارسة الحياة الحزبية للمحافظة على تركيبة المؤتمر المعدة سلفاً.
فهل مثل هذه الاوضاع تؤكد استيعاب درس العمل الجماهيري بديلاً للانقلاب؟!
ومن المتفق عليه ان العلاقة بين الديمقراطية الحزبية والتنظيمات الديمقراطية تتأثر سلباً وايجاباً بمستوى ممارسة الديمقراطية في الحزب. وأقر مشروع التقرير للمؤتمر الخامس بأن المركزية المطلقة «الستالينية» التي حلّت محل الديمقراطية الحزبية أضعفت التنظيمات الديمقراطية وجعلتها واجهة للحزب بما يعني أن قيادة جهاز الحزب جمدت أنشطة التنظيمات الديمقراطية ولفترة طويلة من الزمان وتسبب في موت التنظيمات التي لم تعد تعرفها الأجيال الجديدة لدرجة أن احدى الهيئات النقابية أوقفت نشاط أحد اعضائها وقدمته لمجلس محاسبة وفصلته من النقابة بحجة انه اقام تنظيماً نقابياً موازياً وهم يقصدون «الجبهة النقابية» تلك التي قامت في 1946م ولم يعد العمال يعرفون عنها شيئاً في الألفية الثالثة.
هذه الاوضاع التنظيمية والتنظيمات الديمقراطية باثر خراب المركزية المطلقة لها نتائج وخيمة على كافة مستويات العمل الجماهيري وانواعه، مثلما تسببت في بعض التراجعات الفكرية وأحدثت ارتباكاً فظاً في وحدة ارادة التنظيم. فتطور الافكار هو اصلاً نتيجة الممارسة التي توقفت. ومن نتائج ضعف التنظيمات الديمقراطية تدهور الاوضاع في النقابات وتقييد الحركة الجماهيرية بقيود «رأي الحزب» و«توجيه القيادة» و«الظروف الموضوعية».. والرأي والتوجيه يستند في الغالب على القدرات الذاتية للقيادة لا القدرات الذاتية للتنظيمات الديمقراطية وحركة الجماهير اللتين تتخلفان بالضرورة ولان السياسة لا تعرف الفراغ فإنه من الطبيعي نشوء تنظيمات جديدة.
وإذا عجزت قيادة جهاز الحزب عن تمتين الروابط بين التنظيمات القائمة وتحالفها الاستراتيجي مع القوى الديمقراطية فإنه من غير المتوقع أن تبذل له أية مبادرات بشأن تحالفات سياسية مع قوى اليسار المختلفة وهي تداري هذا العجز بتقييم خاطئ أحياناً بأن طبيعة الصراع الجاري هو بين «أعداء الديمقراطية» و«أنصار التحول الديمقراطي» ومن جهة أخرى يعبر القادة عن عدم مسؤوليتهم عن مآلات اليسار، أو أنهم جزء من اليسار «!» أو ان الحزب من «الأحزاب الكبيرة» ولا حاجة له للاصفار «!».. الى آخر أنواع التخبط الذي نتيجته الوحيدة استمرار اتجاه قيادة الجهاز يميناً.. ومن المؤكد ان ضعف التنظيمات الديمقراطية هو الذي مهد الطريق لهذا الواقع الفكري والتنظيمي المزري.
وأزمة التنظيمات الديمقراطية أنها تحوَّلت من تنظيمات ديمقراطية مستقلة ومعبِّرة عن التحالف الاستراتيجي بين الشيوعيين والديمقراطيين إلى تنظيمات تابعة لقيادة تيار المركزية المطلقة «الستاليني» الذي يطلقون عليه كذباً «الحزب» وأحياناً كما في الجباه الديمقراطية للطلاب يكاد يتلاشى النشاط الشيوعي المستقل ويتم النظر للجبهة الديمقراطية وكأنها تنظيم الحزب.. وهكذا.. وهذه الاوضاع الخاطئة تراكمت مناهجها بالسنوات الطوال وساعد في استمرار تردي الاوضاع ان القوى الديمقراطية المتحالفة مع الحزب الشيوعي تدخل تلك التحالفات كأفراد في حين يدخلها الحزب الشيوعي كتنظيم، فتحيا بحياة الديمقراطية في الحزب وتموت بموتها.
بل إن معظم التنظيمات الديمقراطية ربطت انعقاد مؤتمرات الحزب الشيوعي في حين أن تنظيم الديمقراطيين المستقل هو من العوامل المساعدة لثبات وتطوَّر الحزب وليس العكس كما يتصوّر قادة تيار المركزية المطلقة الذي هدفه المقدّم هو احكام قبضته القيادية على تلك التنظيمات. وأحياناً تجعل قيادة الجهاز قراراتها «غير قابلة للمناقشة»!! في مسائل تخص التنظيم الديمقراطي لا الحزب. فيكون محظوراً على الديمقراطيين مناقشة قرارات «الحزب» وهم خارج عضويته في أمور تخصهم وهذه هي التبعية.
واحكام القبضة القيادية ليست عملية تنظيمية فقط بل هي مسألة فكرية وسياسية وان قيادة الجهاز بتلك القبضة تجعل حركة الجماهير والتنظيمات «على مقاسها هي» لكن التجربة السودانية أثبتت عجز قيادة الجهاز في احكام قبضته في 1985م أو 1988م أو الآن 2008م وأهم دروس التجربة ان ترياق الخلاص من المركزية المطلقة هو في تنامي العمل الجماهيري واقامة مئات التنظيمات الديمقراطية وتنظيمات القوى الديمقراطية ومساعدة الجماهير في اقامة التنظيمات التي ترغبها.
إن الملاحظة الخطيرة والجديرة بالانتباه ان مسلك قيادة جهاز الحزب بالنسبة لمصادرة الديمقراطية في الحزب، وتمزيق لائحة الحزب، وإضعاف التنظيمات الديمقراطية خط دفاع الحزب الأول وإضعاف العمل الجماهيري بالضرورة تطابقت في النتائج مع أهداف أجهزة الأمن والمخابرات الأجنبية وهي إضعاف الحزب وإضعاف التنظيمات الديمقراطية حتى تنهار خطوط دفاع الحزب ومنها العمل الجماهيري ليكتمل تراجعه ثم تحلله ليتجه يميناً وعندها يلتقي باليمين في كافة الأحزاب الوطنية ومنها المؤتمر الوطني ومع قوى اليمين العالمي. فهل هذا هو العمل الجماهيري الذي يدعو له السر بابو؟
ويدخل تيار المركزية المطلقة «الستاليني» التنظيمات الديمقراطية في أزمة من نوع جديد هي الأولى من نوعها بعد الإعلان المتوقِّع في المؤتمر الخامس عن تحول الحزب الى حزب ديمقراطي فلا يعود هناك تحالفاً بين الشيوعيين والديمقراطيين.. فتكون عضوية التنظيمات الديمقراطية قسراً هي عضوية الحزب الديمقراطي الجديد«!».
والتنظيم الديمقراطي ليس واجهة للحزب الشيوعي، وعندما يجعله الحزب كذلك، فإنه لن ينمو وكذلك التنظيم الديمقراطي. لا أذكر - مثلاً- متى عقدت الجبهة الديمقراطية للمحامين مؤتمراً وهي تمثّل نموذجاً لأثر هيمنة تيار المركزية المطلقة في الحزب على التنظيمات الديمقراطية. فالمعلوم ان الاتفاقيات والدستور المؤقت وضعت الجهود القانونية في المقدمة من تعديل للقوانين وانفاذ للدستور والى الدفاع اليومي عن الحقوق بما يضع على عاتق الجبهة الديمقراطية للمحامين مسؤوليات ضخمة. ولكننا لا نجد لها أثراً في حياة الناس إلا من بعض النشاط الفردي بالرغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت على تركيبة هذه الفئة حيث انضم اليها المئات من القضاة وضباط الشرطة والقوات المسلحة والاداريين المفصولين تعسفياً.
ونذكر انه في العام 2005م قام شباب من المحامين الديمقراطيين، أعضاء بالجبهة الديمقراطية للمحامين، بجمع توقيعات مطالبين بعقد مؤتمر للجبهة.. وهذا المسلك نفسه المفروض على المحامين الديمقراطيين يدفع بضرورة اعادة النظر في علاقة التحالف الثابت بين الشيوعيين والديمقراطيين في المقدمة.. وذهبت التوقيعات أدراج الرياح بهيمنة «السكرتارية» وإذا لاحظنا أننا نشكو دائماً من اهمال مسجل النقابات وتلكؤه في اتخاذ القرار بشأن توقيعات لعقد جمعية عمومية فإننا لا نجد فرقاً بين بيروقراطية هنا وأخرى هناك.
ومن بعد ذلك كوّن محامون ديمقراطيون لجنة تمهيدية للتحضير للمؤتمر واكتمل اعداد أوراق العمل ومنها ورقة حول النقابة وأخرى عن علاقة التحالف الشيوعي الديمقراطي وأوراق أخرى. وعندما اقترب المؤتمر تم ايقافه «!» فلا يجوز انعقاد ذلك المؤتمر قبل أن يعقد المحامون الشيوعيون مؤتمرهم«!» وأخيراً، وبعد مؤتمر الشيوعيين، أخطر الديمقراطيون بأنه يمكن الدعوة لانعقاد مؤتمر الجبهة الديمقراطية وعلى ذلك فإن كل ما توصل إليه المؤتمر الرابع 1967م ذهب أيضاً أدراج الرياح فقد قرر المؤتمر لا مشروع التقرير:
الحزب لا يفرض وصاية على حركة الجماهير ولا يقيد نشاطها أو يعرقله. إن الجبهة الديمقراطية للمحامين ليست تنظيماً تابعاً للحزب. وبإضعافها تخطفت التنظيمات الأخرى عضويتها وأن بداية التصحيح أن يجتمع الجناح الديمقراطي ويتدارس ورقة علاقة التحالف. ويضيق المجال عن رصد إضعاف قيادة جهاز الحزب للتنظيمات الديمقراطية بين كل الفئات وهيمنة «مكتب الجامعات» أو «السكرتارية» أو «هيئة التنسيق».. الى آخر اسماء التشكيلات الفوقية على المنظمات الديمقراطية يدركها الجميع.. إن كل الدروس المستفادة من 19 يوليو ومنها العمل الجماهيري جعلتها قيادة الجهاز والسر بابو من الجهاز وسائل لتصفية الحزب باسم التجديد مرة وباسم الماركسية مرة أخرى.
<<<<<<<<<<<<

تعقيب على تاج السر عثمان بابو ومقال دروس انقلاب 19 يوليو
ما بين شراك الانقلاب.. والعملية ذات الثوب الأحمر!!
محمد علي خوجلي
خلال العادة «الدورية» لقيادة جهاز الحزب الشيوعي السوداني، نستمع قسراً وسنوياً إلى معزوفة (انقلاب 19 يوليو والدروس المستفادة)، منطلقة من بين وقائع الوثائق الحزبية وتقرير قيادة الجهاز، صرف النظر عن الجهة التي أعدَّته (لجنة) أو (نقد)، ففي كل الأحوال الوقائع من صناعة الجهاز قصد الوصول للنتائج التي يرغبها ليصوّرها وكأنها الحقيقة (!) الحقيقة التي تفيد الأجيال الحالية والقادمة في مسيرتها نحو التحوّل الديمقراطي والتنمية ووحدة وازدهار البلاد أو كما كتب بابو بجريدة (الصحافة) الغراء بتاريخ 19 يوليو 2008 في مقال جاء أنه من جزئين. ولم أجد الحلقة الثانية منه لضعف في النظر أو خطأ من الصحيفة أو فنون العمل الصحفي التي يدركها موظفو الجهاز وحدهم (!) فأكتفي بالتعقيب على الحلقة الأولى على دفعتين وهذه هي الأولى..
ü التاريخ، نشاط مترابط الحلقات، فيكون من العبث فصل عناصر الواقع (الحاضر) من وقائع الماضي، ولذلك يستحيل أن يكون «التقرير» هو التاريخ الذي هو علم فهم الماضي الذي له آثاره على الحاضر والمستقبل. و«التقرير» لم يقترب أبداً من بحث:-
هل ما حدث في 19 يوليو كان (انقلاباً عسكرياً) أم (عملية) مخابراتية اختطفت فكرة الانقلاب؟
وهذا لن يتم التعرّف عليه إلا بتتبع آثار القيام والسقوط وأهدافه:
فناء الحزب، اغتيال القادة، كسر شوكة قوى اليسار السوداني ومن أطرافه مَنْ سعى لتحويل العملية إلى انقلاب عسكري وقدّم شهداءه وهدم التنظيمات الديمقراطية(منارات الثورة)... إلخ.
إن تقرير الجهاز الذي قد يقدّم للمؤتمر الخامس، مؤتمر التيار اليميني العلني ابتعد عن كل ما هو جوهري في فهم الماضي وتفادى بيان وكشف التدخل الخارجي ولم يتضمن أية اشارات لافادات أعضاء اللجنة المركزية المنتخبين (سعاد إبراهيم مثالاً) التي لا علاقة لها بالتقرير أو الوثائق الحزبية وكأن هؤلاء في حزب آخر.. (!) وأهمل تقرير اللجنة القضائية (لجنة حسن علوب) ولكل ذلك أسبابه الذاتية غير الخافية.
ونعتقد أن التفرقة بين «الانقلاب» و«العملية» ضرورية، للعلاقة بين قيام وسقوط 19 يوليو وقيام ونجاح 30 يونيو 1989. وهذا يفسِّر تكتيكات قيادة تيار المركزية المطلقة (الستاليني) من بعد انقلاب 30 يونيو والاتجاهات اليمينية التي تعمل (لحل الحزب) بأسلوب جديد. أو الذين يلتحفون ثوب الماركسية وهم أعداؤها ويعملون لتفتيت الحزب.
وقد أورد تقرير اللجنة القضائية أسباباً يراها كافية لسعي الرأسمالية الدولية للتخلَّص من نظام الحكم في السودان وأنه:-
(إذا تيسّر القضاء على النظام القائم بانقلاب شيوعي يستخدم (ى س ت خ د م) فيه الحزب الشيوعي كطعم فإن هذا سوف يسهِّل القضاء على النظام وعلى الحزب الشيوعي).
وجاء في التقرير أيضاً:
ü قدَّمت وكالة المخابرات المركزية 18 مليون دولار لتدبير حركة الجزيرة أبا 1970.
ü وأن المخابرات المركزية الأميركية دعمت المحاولة الانقلابية الفاشلة في أغسطس 1969.
ü كما أشارت الدلائل إلى أن المخابرات الأميركية والبريطانية كانت تتخذ لها عملاء من بين صفوف الحزب الشيوعي تستقي من خلالهم أخباره وتتابع نشاطاته.
ونهتم بتقرير اللجنة القضائية لأننا نتذكَّر أن عبد الخالق كتب في 1967 (المؤتمر الرابع) «إن الاستعمار له أعوانه والامبريالية لها أعوانها من بين القوى الوطنية في كل الشعوب المستهدفة والتي تتعرَّض للنهب. وهؤلاء الأعوان منبثون بين الحكومات وأجهزة المخابرات والصحف، وهناك مَنْ يلتحف ثوب اليسار وهو عميل للمخابرات».
وأوردت جريدة (الضياء) 1968 والتي أصدرها الحزب الشيوعي بديلاً لجريدة (الميدان) خبراً لم تبيّن جهة اصداره، عبارة عن (تنبيه) في الصفحة الثالثة إلى عضوية ومنظمات الحزب بأخذ الحيطة والحذر اللازمين بعد أن تمكَّنت المخابرات الأجنبية من اختراق قيادة الحزب. ثم كانت رسالة عبد الخالق المعلومة في 12 مايو 1970 والتي أكَّد وقائعها بيان المكتب السياسي بعد أيام قلائل والتي جاء فيها:
(في اعتقادي أن الحزب الشيوعي لن يستطيع اجتياز هذه الفترة الحاسمة من تاريخه من غير أن يطهِّر صفوفه من العناصر اليمينية والبوليسية. وأن هناك جواسيس يعملون لصالح أجهزة الأمن، واللجنة المركزية والمكتب السياسي عاجزان عن اتخاذ موقف منهم وعن وضع حدود تنظيمية حماية لنقاء الحزب..).
فما هي علاقة الاختراق في اللجنة المركزية بعملية 19 يوليو 1971 في قيامها وسقوطها، وما بينه والتمكين لتيار المركزية المطلقة (الستاليني) وعلاقة كل ذلك بقيام انقلاب 30 يونيو 1989 ونجاحه واستمراره حتى اليوم؟
إن المعلومات التي وردت في تقرير اللجنة القضائية لا تختلف كثيراً عن التي وردت في وثائق رسمية وأخرى حزبية وصحيفة الحزب ووثائق المخابرات الأجنبية المفرج عنها، وما كتبه الضحايا ولم يتمكنوا من نشره في صحيفة واحدة، دعك من ثلاث صحف في يوم واحد (!) وعلى ذلك فإن الحقيقة ليست هي بنت وقائع التقرير الحزبي الذي يعزف عليه السر بابو.
ومن معايير التفرقة بين (شراك الانقلاب) و(شراك العملية) رصد النتائج التي حققها أعداء الحزب الطبقيين على مستوى الوطن وعلى مستوى الحزب. ففي العام 1972 وبأثر مباشر لما حدث في 19 يوليو انعقد مؤتمر الأحزاب والجبهات التقدمية في منطقة الشرق الأوسط وتبعته اجتماعات أخرى للأحزاب الشيوعية، وتمت مواجهة السوفييت بضرورة إعادة النظر في أشكال علاقاتهم مع الأحزاب الشيوعية الوطنية وأهمية استقلالية تلك الأحزاب ورفض حل الأحزاب والتنظيمات الشيوعية لتذوب في الجبهات التقدمية الواسعة والأحزاب الديمقراطية الاشتراكية الجماهيرية (!) وكان من الدروس المستفادة:
ü إن علاقة السوفييت مع الأحزاب الشيوعية الوطنية قام بناؤها على التوازن الدولي مع الولايات المتحدة الأميركية.
ü إن تيار المركزية المطلقة (الستاليني) في الحزب السوفييتي اعتمد على (المساومات) و(الاتفاقيات) بديلاً للنشاط الثوري.
ü إن الاتحاد السوفييتي (السابق) هو الذي قام بتغذية فكرة دور العسكريين الثوريين في التغيير في بلدان العالم الثالث، أي أنه لم يكن مختلفاً عن قلعة الامبريالية في قسمة العالم ومناطق النفوذ والمصالح.
ü وأن (الأهمية) كانت وسيلة نفي استقلالية الأحزاب الشيوعية الوطنية أو تحويلها لأدوات لخدمة المصالح الخارجية للدولة السوفييتية (الامبريالية).
ومن نتائج 19 يوليو على الوطن، أنها فتحت الطريق أمام التنمية الرأسمالية، وزحف الاحتكارات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ومن يومها أصبحت البلاد تحت رحمة الآليات الدولية للرأسمالية العالمية.. وكان الهجوم المنظَّم على مؤسسات القطاع العام والحركة التعاونية... إلى آخر ثم تواصل تنفيذ البرنامج كاملاً من بعد انقلاب 30 يونيو 1989م وأصبح البرنامج العملي لتيار المركزية المطلقة (الستاليني) في الحزب جزءاً لا يتجزأ منه عن سياسات التحرير وحتى الخصخصة (بس ما تكون عشوائية)!!
أما على مستوى الحزب، فإن الممارسة تؤكد أن قيادة التيار واصلت من ناحيتها تعزيز نتائج أعداء الحزب الطبقيين من بعد سقوط 19 يوليو وتمكَّن الستالينيون من مفاصل الحزب لانجاز المهمات المتبقية وظل التيار يغذي جسده الواهن بدماء جديدة من التابعين ومن بينهم تاج السر عثمان بابو. ومن بعد انقلاب 30 يونيو 1989م:
ü نقل مركز وقيادة معارضة الانقاذ للخارج وقبول الدعم المالي والمادي الأميركي.
ü اجازة اتفاق جدة الإطاري.
ü المصادقة على اتفاق المصالحة الوطنية في القاهرة بما في ذلك المحور الاقتصادي.
ü المشاركة في سلطة الإنقاذ... إلى آخر.
وكما نجحت عملية 22 يوليو 71 في وضع البلاد في طريق التطوّر الرأسمالي، نجح تيار المركزية المطلقة (الستاليني) في انجاز شروط التحوّل بإفراغ الحزب من نظريته وبرامجه بمفردات ماركسية وحتى اكمال التسليم النهائي الذي اقترب.
ولذلك لا يكون غريباً انتقاء السر بايو لبعض مما جاء في دورة يناير 1974م مستنداً عليها في سعي الحزب للتغيير (ديمقراطياً) واسقاط السلطة المايوية بالإضراب السياسي (ولم يقل المحمي أيضاً). وغض الطرف عن الوقائع غير المرغوب فيها ومنها تحليل ذات الوثيقة لما حدث في 19 يوليو والتي لم تكن وقتها انقلاباً عسكرياً، كما تغاضى عن هدف الاضراب السياسي الذي حددته دورة يناير 1974م وهو اقامة سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية (التي شطبتها وثائق المؤتمر الخامس كما شطبت مرحلة الثورة الديمقراطية)! ولا يختلف بابو هنا عن يوسف حسين الذي صرّح بأنه ما كان من الممكن قول حقيقة (الانقلاب العسكري) حفاظاً على مشاعر الناس (!).
إن تيار المركزية المطلقة (الستاليني) اتبع كل أساليب الخداع للاستمرار والهيمنة ومن ذلك:
ü جعل «الثأر لشهداء 19 يوليو» شعاراً لجريدة الحزب.
ü توجيه العمال بإقامة (فرق يوليو الحمراء) المسلّحة.
ü المحافظة على تكوينات العسكريين خارج الخدمة... إلى آخر.
ثم انقلبوا بعد أن سيطروا على الحزب فكان ما حدث في 19 يوليو انقلاباً عسكرياً وتم حل فرق يوليو الحمراء (!) وحل تنظيمات العسكريين خارج الخدمة ودمجهم مع فروع الحزب دون أن ينسوا التوصيل مع ايقاف التنفيذ (!).. ثم الحزب (الوعاء الجامع) الذي لن يكون طيعاً لاية فئة، وأصبح بذلك خلف تنظيم (تحالف قوى الشعب العاملة) المايوي!!
إن الدرس (التكتيكات الانقلابية غير مقبولة ولا بديل أمام الحزب الشيوعي غير النشاط الجماهيري) تحوَّل أيضاً إلى أداة للتراجع واعتقال حركة الجماهير بالتجمع الوطني وخلافه من التنظيمات الفوقية الورقية تمهيداً للتصفية النهائية للحزب.. وإن نسينا لن ننسى ما فعله السر بابو وهو ينشط في تخريب العمل في مدينة بحري وبين طلاب الثانويات وما يسمى بانقسام جامعة القاهرة وعرقلة النشاط الجماهيري وأحداث الثغوب عنوة في جسد الحزب ولم أفهم وآخرون طبيعة مهماته في «الثورة الحارة التاسعة» عند ساعات حظر التجوال بعد الانقلاب (والآخرون داخل الحزب فماذا هم فاعلون؟).
إن تيار المركزية المطلقة (الستاليني) جنين سقوط 19 يوليو نفذ بحرص شديد ذات مهمات عملية السقوط: إضعاف الحزب بتعويق النشاط الجماهيري ومن أمثلة ذلك:
ü معارضة قيام التجمعات النقابية المعارضة لسلطة مايو في مساحة النشاط النقابي.
ü مناهضة انتفاضة 1985م بالبيان المكتوب الذي جمع بعد توزيعه وبالإتصالات الشخصية المباشرة إلى آخر آثار المناهضة التي وجدت بين (المدرسين) و(المحامين) و(أساتذة الجامعات) و(طلاب الجامعات والمعاهد العليا).
ü معارضة انتفاضة ديسمبر 1988م.
ü ايجاد عشرات التبريرات لإضعاف العمل الجماهيري المعارض إبان الحقبة الانقاذية باستثناء أساليب العمل القيادي.
ü تحجيم عضوية الحزب بعدم التوصيل والايقاف والفصل من العضوية بإعلان أو بدونه. فتكون قيادة التيار الستاليني قد هزمت خطوط دفاع الحزب وأنجزت ما عجز عنه سقوط 19 يوليو. ونأخذ نموذجاً واحداً وهو (التنظيمات الديمقراطية) أو تحالفات الشيوعيين والديمقراطيين خط الدفاع الأول للحزب في المقال القادم.
<<<<<<<<<<












































ممثل مزيف لتيار مفقود

ممثل مزيف لتيار مفقود...!! 1/2
محمد علي خوجلي
بعد اطلاعي على مقال تاج السر عثمان بجريدة الصحافة المحترمة (2008/8/2) ظننت ان خطأ قد حدث في اسم الكاتب حتى وجدت المقال في مواقع أخرى... وسبب الظن انني لم اعرف عن الكاتب طرح افكار واضحة في أية مسألة. واذا طرح فكرة تأتي دائماً والغموض يكتنف جوانبها وقد تكون قابلة للتفسير بالشئ وضده معاً..
الاعلان الخامس
ثم تأكدت أن ما نشره تاج السر في 2008/8/2 هو اعلان في صورة مقال، ولكل شئ سبب .. وللاعلان أسبابه وللاعتياد على عدم تجزئة الوقائع فانني لن افصل بين اعلان تاج السر (واطلق عليه عبر هذا التعقيب: اعلان بابو) والاعلانات السابقة منذ اعلان يوسف حسين 2001. والاعلانات اسلوب حديث غير معروف في نظم الحزب الشيوعي السوداني قبل حقبة الانقاذ. وهي:-
1- اعلان يوسف حسين بصحيفتي الدستور والخرطوم، تبشيراً بالحزب الجديد والنظرية الجديدة وتغيير اسم الحزب.. إلى آخر الاعلان.
2- اعلان لجنة حزبية اوردت فيه النسب المئوية للمؤيدين لتغيير اسم الحزب بأكثر من 85% من العينة، كما ذكرت بعض الأسماء المقترحة ومنها الشيوعي أو الاشتراكي الاسلامي(!).
3- اعلان عطبرة والذي جاء في صورة بيان انتقد الاتجاهات اليمينية التصفوية معيداً جذورها الى نقل مركز الحزب من عطبرة حيث نشأ الحزب منذ 1943 إلى الخرطوم. وقالوا في عطبرة ان البيان مدسوس، واتهم المؤتمر الوطني شفاهة، ولم يرد للبيان ذكر في العاصمة القومية(!)
4- البيان رقم (1) للجنة التمهيدية لمقاومة تصفية الحزب الشيوعي (جريدة الصحافة 2004/3/25)، كان الاعلان الرابع، والذي وضع داخل مظاريف ووزع على قيادات بينهم متفرغون حزبيون، وسُلم لهم في البيوت خلال فترة زمنية واحدة، غطت كل اطراف العاصمة القومية، وقد اتهم كاتب هذا المقال وآخرون من (بقايا الشيوعيين) كما يطلق عليهم بعض (دعاة التصفية باسم التجديد) ثم سحب الاتهام الشفوي وقالوا ان البيان مدسوس.
لماذا نهتم بالموضوع؟
أثار اهتمامي ما جاء في نهاية اعلان بابو: ان جوهر تصريحات الشفيع هو الافكار اليمينية التصفوية التي تستهدف تخلي الحزب عن الماركسية. وكان السؤال هل الاعلان مقصود منه محاولة قطع الطريق أمام التيار الثوري المنتشر بين قواعد الحزب، والذي لا يوجد له ممثلون في اللجنة المركزية التي لم تنتخبها القواعد حتى تعبر عنها؟
وهذا الاعلان يذكر بالمحاولة اليائسة للتيار اليميني في الحزب السوفيتي السابق واجهزته لقطع الطريق أمام التيارات الديمقراطية داخل الحزب بتدبير الانقلاب العسكري المعروف، فقطع عنق الحزب وأعناق بعض المتآمرين الذين كانوا يدافعون عن مصالحهم ومزايا سلطة الدولة ومزايا التفرغ الحزبي باسم الشعب والاشتراكية والطبقة العاملة.
وفي السودان ظل شيوعيون خارج الحزب - قسرا - وشيوعيون (حقا) خارج البلاد يقتنصون كل سانحة لكشف حقيقة التيار اليميني وممارساته. فقواعد الحزب والقيادات الوسيطة تدرك نتائج كشف الحقيقة وما قد يحيق بها فتلوذ بالصمت العميق..
ويستهدى هؤلاء في حملة الكشف العلنية بما توصل إليه المؤتمر التداولي 1970
ü ان تقوية صفوف الحزب والدفاع عن استقلاله يكون بكشف وتعرية افكار البرجوازية الصغيرة لأن وحدة الحزب لن تتحقق إلا بالصراع الفكري.
ü ان الوعي أهم وأصعب أشكال مقاومة تصفية الحزب الشيوعي. وان المعركة الفاصلة تحددها وتحسمها بالدرجة الاولى عضوية الحزب.
نظرية التصفية
الأفكار اليمينية التصفوية ليست من «الشتائم» و«لا خالية من المعاني» وكانت هي لب الصراع الفكري الذي دار، ولآخر مرة في الحزب، في المؤتمر التداولي 1970. وتصفية الحزب عن طريق قيادات من الحزب توصل إليها المؤتمر والذي أوجزها فيما يلي:-
1- طورت البرجوازية أفكارها حول تصفية الحزب الشيوعي من اعدامه بالقوانين إلى قتله بافراغ الحزب وامتصاص ثوريته.
2- الصراع داخل الحزب هو انعكاس للصراع الذي يحدث في المجتمع وان حسم لصالح البرجوازية فان ذلك يعني ذهاب الحزب وتلاشيه كطليعة للطبقة العاملة.
3- نضال الحزب الشيوعي مع القوى الأخرى يستحيل أن يعني التحلل من الافكار الماركسية.
4- استراتيجية الحزب هي انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية لا الاشتراكية. والتحالف الطبقي وأي تحالفات سياسية تأخذ مكانها المقدم من النشاط ولكن هذه التحالفات لا تعنى فرض ايديولوجية واحدة، ولا تعنى التخلي عن الفكر الماركسي.
موقع اللجنة المركزية من نظرية التصفية
اللجنة المركزية غير المنتخبة وضعت نفسها في قلب نظرية التصفية بالوثائق والممارسة وتصريحات معظم قادتها لا الشفيع وحده بالآتي:
1- افراغ الحزب وامتصاص ثوريته يتمثل في مشروع الدستور وعشرات التصريحات المصاحبة ومنها تصريح يوسف حسين (ان حزبنا لن يكون طليعة لأي فئة وسيكون حزبا كأي حزب سياسي سوداني آخر..) مثلما اقر مشروع التقرير للمؤتمر الخامس بأنه من آثار المركزية المطلقة تحول التنظيمات الديمقراطية (منارات الثورة) كما عبر المؤتمر الرابع و(خط الدفاع الأول) كما عبر المؤتمر التداولي الى واجهات للحزب.
2/ اقرار مشرع التقرير للمؤتمر الخامس بسيادة مناهج المركزية يعني وقف ادارة الصراع الداخلي بنظم الحزب.. وان الحزب (الآن) تحت سيطرة البرجوازية الصغيرة فكراً وممارسة.
3/ نفي مشروع الدستور وخلافه لمبدأ ان يكون الحزب هو الحزب الطبقة العاملة.
4/ وكما اطلق الخاتم عدلان (النهضة الوطنية الشاملة) على مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية فإن اللجنة المركزية اكتفت (بالنهضة الوطنية الديمقراطية) وألغت مفردتي (مرحلة) و(ثورة)..
5/ الغاء مبدأ الديمقراطية المركزية كمبدأ لتنظيم الحزب.
6/ ثم التحلل من الأفكار الماركسية في العمل المشترك مع القوى الأخرى (جده الإطاري والقاهرة في المحور الإقتصادي، واختراق مبدأ السيادة الوطنية بالموافقة الصريحة على التدخل الدولي..) إلى آخر..
مربط الفرس:
ان مربط الفرس هو انه لا خلاف بين افكار الشفيع والخاتم وبابو واللجنة المركزية. وأفكار الشفيع خضر واضحة واوجزها عندما كتب (من الماركسية الى الحقيقة...؟!) وهو يعتقد:
1/ ان المنهج الجدلي هو ما اثبتت التجربة صحته من اطروحاته الماركسية وصار جزءا من العلم اما بقية اطروحات الماركسية فلابد من اعادة النظر فيها تماشيا مع متغيرات ومستجدات العصر..
2/ لا مكان للمرجعيات والأفكار الجاهزة (واعتقد المقصود هو الماركسية).
3/ وبدلا من الاكلشيه السابق الذي يصف الحزب بحزب الطبقة العاملة، غم ضعف تواجد هذه الطبقة بين صفوفه، يصبح من الضروري وفق منهج اعادة النظر ان يستند الحزب في تكوينه على الجماهير العاملة والثوريين من كل الطبقات والفئات الاجتماعية الذين قبلوا برنامجه ودستوره (استبعد مشروع الدستور الماركسية قبل الانضمام لعضوية الحزب وكذلك الآخرون).
مساهمة تاج السر عثمان بابو في المناقشة العامة (تقويم نقدي لتجربة الحزب حتى 1989م) لم تتجاوز اعادة ترتيب الوقائع ثم التوقف دون سبر للاغوار او ابداء وجهة نظر (ولا حياد في الصراع الفكري) وكلاهما الشفيع وبابو اجازا مشروع الدستور وخلافه من موقعهما في اللجنة المركزية (قراراتها بالاجماع).
اما الخاتم عدلان فافكاره معلومة ولا تبتعد عن رؤية اللجنة المركزية، كما كتب في (وآن أوان التغيير)، وقال الخاتم في ندوة جامعة الخرطوم.
(هم وردوا البئر التي وردتها قبل اثنتي عشرة سنة، وعليهم هم أن يعترفوا بذلك وأن يقولوا ان هذه الأفكار التي يرددونها الآن قالها شخص آخر قبل ذلك باثني عشر عاما، وانهم يكتشفون العجلة اذ انني قد قلت ذلك قبل فترة طويلة..) وقال الخاتم ذلك تعليقا على ما تضمنه مشروع الدستور من الغاء الماركسية كمرشد للعمل والغاء مبدأ الديمقراطية المركزية وتوسيع برنامج الحزب بديلا للايديولوجية.
موقع التيار المفقود من الماركسية:
كتب عبدالخالق المؤتمر الرابع 1967م
(عبر النضال.. جذب البرنامج السياسي للحزب الشيوعي السوداني وقدراته على النضال.. طلائع متعددة من بين جماهير الشعب الى صفوف الحزب.. وكان من المهم ان تتحول هذه العناصر الى عناصر (شيوعية حقا)، لاتقتنع فقط بالبرنامج السياسي للحزب بل يجري تكوينها الفكري على اساس الماركسية، وهذه القضية لم تجد الاهتمام الكافي خلال النشاط العملي للحزب.
وان من الآثار السالبة على حياة الحزب الداخلية ضعف التكوين الفكري الماركسي. وان ظاهرة تساقط عدد من كادر الحزب وفي قطاع قيادي مهم مثل اللجنة المركزية يجد تفسيرا له في هذا الواقع ايضا مع العوامل الاخرى. ان قدرة الحزب على رفع لواء الماركسية في داخله ووحدة تفكيره لا على اساس البرنامج السياسي وحسب بل على الاساس الايديولوجي ستظل مهمة اساسية باستمرار اذ كان الهدف تقديم حزب قادر على قيادة الجماهير)..
علاقة اساليب الهيمنة الامبريالية بنظرية التصفية:
نظرية التصفية هي جوهر اساليب الهيمنة الامبريالية ومنها:
ü استخدام اساليب تخريب الاحزاب السياسية الوطنية من الداخل ولا يهم ان تكون احزابا شيوعية، يكفي ان تكون وطنية معادية للامبريالية.
ü تجميد حركة الاحزاب السياسية لعزلها عن عضويتها وعن الجماهير.
ü ذلك التجميد ينتج عنه تسريع سير قيادات الأحزاب محل التخريب نحو اليمين.
ü تطويق الرأسمالية الوطنية المنتجة وتصفيتها واحلال رأسمالية طفيلية مكانها.
فإذا كان الأمر كذلك، فما هي الاسباب الدافعة للإعلان الخامس الذي مهره السر بابو بتوقيعه؟!
ونواصل.
///////////////////



ممثل مزيف لتيار مفقود «2/2»
محمد علي خوجلي
الفكر اليميني وتياره القابض هو الغالب في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، ومكاتبها، وجهاز المتفرغين بينما الوضع معكوس بين القواعد. ولكل من اليمين واليسار داخل الحزب حلفاء طبيعيون في كافة الاحزاب السياسية الوطنية الاخرى.. اما الوسطية الماركسية «التيار الثوري» فهي حالة من التحالف بين فئات اجتماعية معادية للامبريالية ومع الديمقراطية وتحارب الاستغلال الرأسمالي. هذا التيار تعاديه قوى كثيرة وبالطبع من حقها ان تعاديه.
واصدقاء التيار اليميني «الحزب!!» هم الاعداء الطبقيون للحزب. اصدقاؤه هم التيارات اليمينية في كل الاحزاب السياسية الوطنية ومن بينها حزب الحركة الاسلامية «شعبي ووطني» وهذا من اسباب تكاثر وتعدد الاعلانات بصورها المختلفة، فاصبح اليمين الاسلامي هو الذي يمنح شهادة الوطنية لحزب الشيوعيين!! ويقرظ تقاريره ويدعم تجديده ويهلل ويكبر عند التصريح بتغيير اسمه ويسجل بين آونة واخرى اشاداته بممثلي التيار.. ومن الذين اكثرهم محبة «نقد والشفيع» ونذكر كيف وجد الشفيع الحفاوة التي لا حدود لها من د. نافع عبر كل اجتماعاته التنويرية لاجهزة الدولة الرسمية بعد اتفاقية المصالحة الوطنية «القاهرة» وما رشح في الشارع السياسي وقتها من تولي الشفيع «النجم الساطع» وزارة التعاون الدولي!!
وجعل التيار اليميني التصفوي القابض اعداءه الوحيدين في الدنيا هم الشيوعيون الذين لا يكفون عن كشف افكاره وممارساته. حتى قال التيجاني الطيب «صحيفة الاضواء» "ان كل من يصف قيادة الحزب باليمينية والتصفوية انما يخدم مخططات الامن"!!
واذا ادعى اي عضو في اللجنة المركزية انه معارض للتيار اليميني «الذي عينه» او ممارساته ولو بالاشارة يكون كذابا اشر. وعلى ذلك فان نقد «بابو» للشفيع نقد زائف وكان اخراجه فطيرا فقد كان الافضل «لمزيد من الخداع» نقد التيار كاملا والامساك بمشروع الدستور والوثائق الاخرى المقترحة للتحلل كمرتكزات متكاملة للتصفية. ثم يتوج موقفه الناقد منها بترك المواقع الحزبية التي يشغلها «بالتعيين» ويعود عضوا ثوريا في فرع للحزب فينسجم مسلكه الثوري مع افكاره الثورية!! والا فان اعلانه لن يتعدى كونه موقفا انتقائيا جزئيا لا يخرجه عن دائرة الاتهام قط.
اخطاء فادحة رغم النجاح
منافسو الحزب المحليون وادوات واجهزة الرأسمالية الدولية في سعيها لاعدام الحزب نجحت في اغتيال قادته وانهاك جسده واضعاف انشطته وتراجع كفاحه. ومع ذلك ارتكبوا اخطاء فادحة:
ـ خطأ قانون حل الحزب الشيوعي وما صاحبه من عنف مما ساعد في انتشار العقلية الانقلابية في الحزب.
ـ خطأ الاعتقاد بان انقسام 1970 معركة فاصلة واخيرة.
ـ خطأ الاعتقاد بأن اختطاف يوليو واسقاطها هو اعدام الحزب.
وفي جميع الاحوال فان قواعد الحزب انتصرت للتيار الثوري. واقامت بناء الحزب من جديد والتيار اليميني في الحزب كان خلايا نائمة قبل وبعد 22 يوليو 1971 وهناك قيادات في اللجنة المركزية تراجعت عن الانقسام «فقط» في مرحلة التصويت ثم ادعوا الثورية حتى «التمكين» فشنوا الحرب على رموز التيار الثوري في اللجنة المركزية ثم في المواقع الاخرى دون هوادة. وفي حملات التصفية المتتابعة وقع التيار اليميني في خطأ السير على خطى النموذج السوفيتي مع التيارات المعارضة «كل من ليس معهم هو عدو مفترض» واعتمد على آلية تعيين القيادات. ومع المتغيرات على النطاق الوطني والاقليمي والدولي، يجد نفسه الآن في حاجة الى «اقلية معارضة» يكتسب بها الشرعية المفقودة لاربعين سنة ويكتسب بها شروط البقاء كحزب تحت ظل سلطة الحركة الاسلامية والقطبية الاحادية الدولية.
اعلان بابو 2008 والبيان رقم «1» 2004
كتب السر بابو عن تصريحات الشفيع خضر:
«ان جوهرها هو التخلي عن الماركسية. وتوليف فكر بديل من تيارات فلسفية اخرى وبناء حزب جديد يقوم على البرنامج لا الايديولوجية او تقليل مساحتها المزعومة، والتخلي عن طبيعة الحزب الطبقية والتخلي عن الطبقة العاملة التي تجاوزها التاريخ والتركيز على المهنيين وخلق اوسع تحالف مع حركات الهامش دون التناول الناقد لها. اي حزب في جوهره ـ رغم التلاعب بالالفاظ ـ رأسمالي وخاصة في ظروف العولمة. بحيث يتم التركيز فقط على الديمقراطية وحقوق الانسان وضد العولمة المتوحشة، لا تغيير المجتمع وتحويله في وجهة اشتراكية وهي ذات افكار الخاتم عدلان التي هدفت في النهاية للتخلي عن الماركسية وطبيعة الحزب الطبقية وتكوين حزب جديد في وجهة رأسمالية.. وكل افكار الشفيع لا تخرج عن الافكار اليمينية التصفوية التي تستهدف التخلي عن الماركسية.
اما البيان رقم «1» للجنة التمهيدية لمقاومة تصفية الحزب الشيوعي فقد اشتمل على:
1 ـ تسعى قيادة الحزب الشيوعي نحو تصفية الحزب وانتزاعه من جذوره الطبقية وتحويله الى حزب للرأسمالية الطفيلية تحت نظامها الحاكم.
2 ـ تعمل القيادة على الغاء دور الطبقة العاملة.
3 ـ من اتجاهات التصفية المساهمات المنتقاة لوضع برنامج الحزب وتغيير اسمه.
4 ـ الحزب اتحاد طوعي ويحق الخروج منه ولكن سعي القلة المتحكمة في امر الحزب لتنفيذ سياسات الامبريالية لتصفية الحزب بدعاوى التجديد امر مرفوض.
ونذكر ان «الحزب» طلب من العضوية والاصدقاء عدم مناقشة موضوع البيان. وان مناقشته هو «الفخ». فاذا كان الامر كذلك واذا رجعنا الى تصريح الناطق الرسمي للحزب لصحيفة الرأي العام (26 / 3 / 2004):
((ان الحزب الشيوعي ظل يدير حوارا داخليا لعدة سنين ولم تظهر مثل هذه الاتهامات في اية مناقشة)).
فيكون السؤال المشروع: من اين اتى اعلان بابو 2008 وما هي الشراك التي ينصبها؟ او بعبارة اخرى كيف امكن لعضو في اللجنة المركزية ومسؤولها الثقافي ان يقع في «الفخ» مباشرة؟
زيف الاعتراف بالرأي الآخر:
يقولون ان ما كتبه بابو محله الحزب خاصة ان اعضاء اللجنة المركزية لا يتعرضون لرقابة او حظر للنشر.. وهذا صحيح. فيكون اختيار شكل الاعلان واماكن نشره له علاقة باطراف اخرى بخلاف عضوية الحزب. لكن المدهش ان محاكمة بابو لافكار الشفيع «المفترضة» استندت على «الالتباس» والارتباك للكثير من الزملاء، وكونه مسؤولا ثقافيا لا يمنحه حق تولي مهام هيئات حزبية قائمة.
ومعلوم ان التيار اليميني القابض يرفض نشر آراء وانتقادات التيارات الاخرى داخل الحزب «واحيانا يعرقل نشرها في صحف اخرى»!! متى ما كانت من المحتمل ا ن تمس سلطته في الحزب او تكشف حقيقة ممارساته التي تستوجب المساءلة والمحاكمة ايضا ومن امثلة ذلك ان مساهمة الفاتح الرشيد 1987 لم تنشر حتى اليوم وموضوعها هو ذات الموضوع: التيار اليميني التصفوي وتجزئة الديمقراطية وتصفية الحزب بالتفتيت. وكذلك رد مساهمة «خالد» ورفض استلامها 1993 الى آخر. بل ان عضوية الحزب لا تزال تتم مطاردتها داخل الاجتماعات وخارجها بسبب علاقات مع شيوعيين لم يخفوا معارضتهم لسياسات التيار اليميني التصفوي «ومن الطريق طرد عضو حزب من اجتماع لفرع الحزب منعقد داخل منزله بسبب تلك العلاقات»!! الى آخر اساليب اللجنة المركزية في مواجهة المعارضين.
واجه التيار القابض التيارات الناقدة له بصور مختلفة اهمها «الصمت» و«رفض مناقشة الافكار» واستعمال «العصى الغليظة» بين آونة واخرى. والمحاولات المستمرة للتقليل من اثر «بقايا الشيوعيين» والتحريض المباشر ضدهم وفرض العزلة السياسية والاجتماعية وجعلهم دائما تحت الحصار «اساليب الالفية الثانية» لذلك عندما اتفق على منح تيار معارض فرصة عرض افكاره بندوات مقترحة بمركز الخاتم عدلان بعد المحاضرة الاخيرة لدكتور فاروق تم قطع الطريق على ذلك.. الى اخر ما هو معروف.
ونلاحظ ان سياسات التيار القابض على مستوى جميع علاقاته مع الآخرين يعتمد على تقارير «المعلومات» ووضع ممثلين له داخل احزاب ومنظمات وصحف.. الحقيقة ان كل ذلك لا ينتج الا ابطاء الوصول للنهايات.. فصراع الافكار هو صراع طبقي لا تلغيه الاجراءات مهما تكاثرت وتطاولت.
وقيادة التيار اليميني التصفوي قضت سنوات طويلة لاقناع العضوية وجماهير الشعب وقوى اليسار بأنهم «الحزب الماركسي» و«حزب الطبقة العاملة» ولم يستعجلوا الخروج كما فعل الخاتم ورفاقه فهم يريدون الخروج «تحت رايات الحزب» بوسيلة المؤتمر «وتنازلوا عن المؤتمر الذي تجاز قراراته بالاجماع واكتفوا بالاغلبية!!» وهدف التيار اليميني القائم ولن يتزحزح عنه: التخلي عن الماركسية بمفردات ماركسية تحت رايات الحزب.
الحزب الشيوعي السوري قررت قيادته الخروج تحت رايات الحزب لكن التيار اليميني القابض عندما لم يجد من يعارضه من قيادات الحزب، ساعد، وهو ينظم عملية الخروج، علي احداث انقسام في الحزب «الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي» فاصبح للتيار الواحد حزبان مما اجبر التيار الثوري للاستمرار بالحزب «حزب العمل الشيوعي السوري» وهو ايضا من بقايا الشيوعيين عقد «الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي» مؤتمرين منذ 2005 حيث قطع نصف الطريق في المؤتمر الاول نحو الحزب الشيوعي السوري «الرسمي» ليلتحق به في المؤتمر الثاني باسم «حزب الشعب الديمقراطي السوري» اما حزب العمال «الصغير والشيوعي» فقد ظل لفترة طويلة خارج تنظيم «التجمع الوطني الديمقراطي» المعارض الرسمي للنظام السوري حتى اعترف به اخيرا! والدرس ان الخروج تحت الرايات مسألة مؤقتة.
اعلان بابو 2008 لم يكن «اعلانا سياسيا» ولذلك تباينت الآراء حوله، فيرى البعض ان وجود ممثلين للتيار الثوري حتى اذا كانوا مزيفين يتيح فرصة محاصرة التيار اليميني! وآخرون ظنوا انه انتصار لقواعد الحزب بما يولد الامل في انحياز المؤتمر للقواعد، ويرى البعض انه الانقسام لا ريب فيه وآخرون يفسرونه في حيز الصراع على المواقع الحزبية مثل ما يراه البعض انه الترويج النهائي قبل الخروج الذي سيحدث لا محالة. ونلاحظ ان المناقشات لا تزال تدور خارج الاجتماعات التنظيمية للحزب وفي الصحف اليومية البرجوازية ولهذا دلالاته.
الاقتراب من الحقيقة يقتضي عدم الفصل بين الوقائع واسباب الاعلانات والنتائج التي حققتها واذا كانت اهداف الاعلانات متعددة الاغراض فانني اعتقد ان اعلان بابو هو لخدمة عدة اهداف في وقت واحد ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد:
تصنيف ما قبل المؤتمر، حرية ابداء الرأي المعارض زيفا ثم قبول الاقلية برأي الاغلبية عند خروجها ،رسالة لليمين المحلي والدولي. دفع تيار الوسطية الماركسية ليتخذ له شكلا تنظيميا قبل انعقاد المؤتمر.
خاتمة:
نشرت جريدة الوطن بالعدد 1262 في 13 نوفمبر 2006م بالصفحة الاولى خبر الحوار بين عادل سيد أحمد ومحمد ابراهيم نقد بمنزل الاخير.
عادل: لماذا السودان محظوظ حتى الآن رغم ان مقومات انهيار الصومال قد توفرت في السودان؟
نقد: «قال بسرعة» انه التصوف.
علق عادل: نقد صوفي.. واشهد الله انه من اهل الله الصالحين.
لم يعلق بابو.... «!»
اذن فان تيار اليمين في الحزب الشيوعي السوداني محظوظ رغم مقومات انهياره بفضل من الله اولا ثم بفضل قائده الذي هو من اهل الله الصالحين. والحمد لله.
////////////////////////////////////

لمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني المركزية المطلقة أفظع من هذا..!!

بسم الله الرحمن الرحيم

المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني

المركزية المطلقة أفظع من هذا..!!

الحلقة الأولى

عرض: البشرى الصايم مصطفى عضو الحزب الشيوعي السوداني

بناء المقال يقوم على بعض الوقائع المقرة بمشروع التقرير السياسي العام المقدم للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي في اضاءته حول (المشروع والتجربة السوفيتية) وهي:

1- القهر والبطش طال القوى الرامية للاصلاح والتجديد داخل الأحزاب الشيوعية بتعميمات ستالين النظرية التي كانت تكأة لتصفية الخصوم السياسيين داخل الحزب بوصفهم امتداداً للعدو الطبقي مما افرز الجمود والإنغلاق والرأي الواحد والنموذج الصالح لكل زمان ومكان.

2- ما حدث في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي 1956م، كان تعداداً لجرائم الستالينية دون تشخيص عميق لمسوغاتها النظرية والفكرية.. ورد الاعتبار تم دون شفافية تذكر لضحايا القهر الستاليني.

3- جوهر ما يجب ان نتعلمه من التجربة السوفيتية يرتبط مباشرة بقضية الديمقراطية ونعني تحديدا الديمقراطية داخل الحزب.

4- يمكن القول إن السبب الرئيسي لتعطيل انعقاد المؤتمر (تغليب الاعتبارات التأمينية على ضرورات التمسك بقواعد النظم الحزبية ومبادئها ، ومحاولات انقاذ اضعاف الحزب، وتارة ثانية محاولات اختراق صفوفه وزرع الفتن والفوضى داخله وانقسامه.. وان واحداً من الشروط والمقومات المهمة لتجديد الحزب هي مواصلة الصراع ضد اتجاهات التصفية والانقسامات).

5- واخيراً النداء الذي اطلقه مشروع التقرير في سطوره الاخيرة لكل من ابعد من الحزب ظلما او همش اهمالا ان يرفع ظلامته للحزب ليستعيد موقعه... (1)

نتفق مع الوقائع لكنا نبدي ملاحظتين اساسيتين:

الأولى: مناقشة قضايا الأحزاب الشيوعية حق للجميع لكنها تحديداً تخص الطبقة العاملة وحزبها الذي يتعلم من تجاربها مثلما يستفيد لكنه لا ينقل تجارب الآخرين ومنهم السوفيت وما نحتاج الى اجابته في تجربة الماركسيين السودانيين في اطار المركزية المطلقة هو:

أ- أثر التعميمات الستالينية في الحزب الشيوعي السوداني؟

ب- انواع القهر والبطش الذي تعرضت له الكوادر والعضوية في الحزب واسبابه (النظرية والفكرية)؟

ج- من هم الضحايا وكيف سيتم رد اعتبارهم بشفافية؟

د- علاقة الظاهرة الستالينية بنمو الحزب وتحوله الى قوة جماهيرية او اجتماعية كبرى علما بأن الستالينية او المركزية المطلقة لم تختفِ في المؤتمر العشرين ولم تكن حصراً على الاتحاد السوفيتي السابق ممثل بمركزها ونموذجها الصالح لكل زمان ومكان؟

هـ- اثر غياب الديمقراطية في الحزب الشيوعي وعلى تطوره وعمله الجماهيري؟

الإجابة على هذه الاسئلة وغيرها مع بيان موقعها في المؤتمر الرابع 1967م، هو الواجب الشيوعي الأول والشيوعية لا تعرف مجرد العفو عن الماضي والنظر فقط للأمام (1) ، وان تمت الاجابة عن هذه التساؤلات فإن شكل النداء للعضوية التي ابعدت ظلما او همشت اهمالا مختلف جدا لأن هؤلاء وحدهم من يستطيع كشف وتحديد انواع القهر والتجاوزات ويشيرون تحديدا للضحايا المطلوب رد الاعتبار اليهم احياءاً او امواتاً ومن حارس البطش والقهر ومواقعهم الحزبية . وهذا خلافاً للنداء الحالي الذي يسقط النقد والنقد الذاتي ويمنع المحاسبة ويدعو للعفو ويخفي متعمدا الفاعل ويجعله مبنيا للمجهول فالشهداء من عضوية الحزب عمليا لا يستطيعون استعادة عضويتهم، ولا ما حاق بهم ووقع عليهم (قاسم امين ، الجنيد علي عمر، خضر نصر، عبدالمجيد شكاك، موسى المهل، علي فضل، الفاتح الرشيد، عبدالرحمن عوض الكريم) الى آخر القائمة الممتدة.

والملاحظة الثانية: لا وجود ولا مجال في الماركسية التي نسترشد بها لنقد عام للأخطاء بل توجد اخطاء يتم كشفها بينما نجد ما ورد من نقد للمركزية المطلقة وفظائعها في الحزب بمشروع التقرير نقدا شكلياً وزائفاً يتلون بمفردات ماركسية غطاء للتحلل منها ذلك التحلل الذي تمكن بكلياته من معظم القيادات الحزبية التي فرضت نفسها بالتعيين والمركزية المطلقة والحماية والتأمين والقهر والبطش ويؤكده تفادي مشروع التقرير لقضايا الحزب المتعددة وتجاربه الثرة والجرائم التي ارتكبت في حق قادته عبدالخالق، قرنق، الشفيع، وحق عضويته هناك موسكو والمسوغات النظرية والفكرية للمركزية المطلقة في الخرطوم لا كييف.

ولكيفية تجميد نشاطه الجماهيري واسبابه، وليس صحيحا ان تلك القيادات تعلمت من (تكأة ستالين) فهم الى اللحظة ستاليون لم يكتفوا بتعيين بعضهم البعض باللجنة المركزية ومكاتبها وقيادة لجان المناطق والمدن بل جعلوا من انفسهم مفسرين للماركسية فأستبدلوا النظرية بالموروثات المتجذرة وحولوا طبيعة الحزب من حزب للطبقة العاملة وجميع العاملين لحزب لكل الطبقات ويصرحون بأن استشراف افق الاشتراكية ليست في اهدافهم الحالية ويصمتون امام سياسات التحرير الاقتصادي والعولمة وآثارها ويقوعون على اتفاقيات تقرها .. ويعقدون اجتماعات الحوار الثنائية مع اعداء طبقة حزبهم فماذا تبقى من الشيوعية؟! وهم المجددون في الافكار والتنظيم وكل شئ .. اما اصحاب الرأي الآخر الرافضون فعليهم الخروج إذن ما هي الستالينية وكيف تكون؟ لكنا لن نخرج بل هم الخارجون.

لأنهم لا زالوا تحت تأثير المركزية المطلقة فتجد مشروع التقرير في حديثه عن محاولات الانقاذ لاضعاف الحزب يذكر (وتارة ثالثة بمحاولات اختراق صفوفه وزرع الفتن والفوضى داخله وقسمة.... وان واحداً من الشروط والمقومات المهمة لتجديد الحزب هو مواصلة الصراع ضد اتجاهات التصفية والانقسام)، بمعنى آخر ان من يتمسكون بطبيعة الحزب الذي دخلوه باختيارهم ويرفضون ويعارضون ويفضحون تجديدهم عليهم القبول قسراً بالتحول والتحلل وخلافاً لذلك فهم انقساميون وتصفويون!! انه ابتزاز ستاليني تخطاه الحزب الشيوعي السوداني الذي تخلت قياداته عن الستالينية وعن الماركسية وحولته لحزب رأسمالي لكن بعد حل الحزب وانقسامه فكونوا حزبهم من القيادات والمتفرغين والموظفين الحزبيين والاقلية اعادت تكوين حزبها الشيوعي من اول وجديد.

خريطة طريق المؤتمر الخامس في مشروع التقرير هي اعلاء شعار (مع تصفية الحزب باسم التجديد ام مع المؤتمر الوطني)!! عملا فخريطة طريق جورج بوش في الهيمنة على العالم (مع امريكا ام مع الارهاب)!!

ولأنهم يمينيون وتصفويون باسم ديمقراطية الحزب ينشرون مشروع التقرير على الملأ قبل ايصاله لعضوية الحزب ليناقشه ويتفق معه ويشيد به الدكتور الطيب زين العابدين الاسلامي وتوصف مناقشته بأنها واحدة من افضل المناقشات التي قدمت وتجد ترحيبات الاسلامي الشفيع احمد محمد ونصائح الدكتور الاسلامي امين حسن عمر ومطالبات الامام الصادق المهدي بتحرك (لوح الماركسية) كل هذا يتفق مع رغبتهم في ان يكون الحزب الشيوعي كأي حزب آخر وحكمتهم (نصف رأيك عند اخيك)، عبر الشيوعي اما الشيوعيين داخل وخارج الحزب فهم الاعداء والانقساميون وعملاء الأمن الى آخر اوصاف اغتيال الشخصية.

في السطر الاخير من المشروع وضعوا لاستعادة العضوية بعد الظلم والتهميش شرط (عدم اتخاذ المظلوم او المهمش مواقف عدائية ضد الحزب والشعب)، فهم بالطبع من يحدد العدائية وهم من اتخذ قرار الظلم والتهميش. وكثيرا ما صدرت احكام من ثلاثة اسطر تحت عنوان (الى مزبلة التاريخ)، وقد اسماها الاستاذ عبدالله علي ابراهيم (مفشلة التاريخ)، والشيوعية القديمة ولوائحها تقول المسلك الديمقراطي هو ان يتوجه الجميع نحو فروعهم - بلا شرط - وفرع الحزب هو الحزب غير المعين تفتح ملفاتهم امامه وهو من يتولى النظر في امرهم. كما ان من واجب قيادة الحزب (حقاً) ان تفضح للشيوعيين ولكل افراد الشعب (اعداء الحزب والشعب) والملفات السرية مكانها ارشيف الاجهزة الرسمية لا ارشيف الحزب والشيوعية ارشيفها مفتوح وشفاف تكتسب منه المواعظ والعبر وتعمل على اثرائه بالكشف والاعلان عن اي سوءات او ممارسات او مواقف وبالوقوف على التجارب والمراجعة والنقد والنقد الذاتي بغرض التقويم والقدرة على التعلم وبغير ذلك لا يتأتى للتنظيم استمرارية او فاعلية واسترجاع الماضي الغرض منه الحصول والوصول الى المعلومة الصحيحة عن الاداء والقرارات ومن يقدمون عليها لا باحتكارها والحرز على اخفائها وانكارها والمسكوت عليها من اجل البقاء والاستمرارية فلا طريق امامنا غير استكمال مشروع التقرير وعرض كافة القضايا الواردة في مدخل حديثي لكني هنا سأهتم بقضية واحدة وهي:

أثر المركزية المطلقة في تجميد وعرقلة النشاط الجماهيري والذي يعني خدمة مباشرة للنظم الحاكمة والمعادية للحزب الشيوعي والناشطين لتصفيته وقسمه وسيكون بيان اثرها عن طريق عرض (نماذج من الممارسة)، عبر حقب مختلفة للفترة (1972- 2008م)، والنماذج حصرا على تجارب العمل بمديرية الخرطوم عامة والمناطق الصناعية خاصة حيث الطبقة العاملة ومجالات التركيز وقطاع المستقبل رقم واحد في زمن الشيوعية القديمة والشيوعيون في المناطق الصناعية استندوا في نشاطهم على قرارات المؤتمر الرابع للحزب 1967م، والمؤتمر التداولي 1970م وأهم الرؤى هي:

1- قيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي لا يقفز لها قفزاً بل تبنى من خلال العمل اليومي، وبقدرات الطبقة العاملة كطبقة في الدفاع عن مصالح الجماهير وتقديم البديل الجاذب، ولم يعد هذا الوضع مطروحاً كقضية نظرية في حيز الحتمية التاريخية بل هناك الآن اساس مادي لتحقيق هذه القيادة فعلا.

2- لكي تدرك الجماهير اهمية الاشتراكية لابد ان نفتح لها نافذة تطل منها لترى ولو في لمحة ما يمكن ان يحققه الحزب الشيوعي، وهذا لا يتم الا اذا استطاع الحزب الشيوعي ان يكون بين الشعوب لتخفيف آلام المجتمع المتخلف... اننا نريد ان نجعلهم يحسون بفائدتنا اليومية لهم، واين نحن من هذا وقيادي شيوعي مثل سلمان حامد يصف الاشتراكية بالوهم الكبير فهو حتماً يسير على رؤى المؤتمر الرابع والتداولي بالاستيكة.

3- لقد ظللنا ندعو بوضوع لقضية الحزب وتأهيله لقيادة العمل الثوري ولبنائه كواجب مستمر ومنفصل عن المهام السياسية الاخرى. اي ان الحزب لا يتأهل ولا ينمو تلقائيا بل من واجب بنائه وتأهيله قضية العمل اليومي بغض النظر عن الظروف السياسية ومدها وجذرها.

4- الثبات على ان الحزب الشيوعي لا يناضل فقط في الجبهة السياسية بل عليه دائما وابدا ان يناضل من اجل ادخال تحسينات اساسية في حياة الجماهير الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وان التنازل عن هذا الموقف يؤدي الى انعزال الحزب الشيوعي عن جماهير طبقته وعن الكادحين كما انه يعتبر تخليا عن جبهة نضال في صميم جبهات العمل الشيوعي.

5- ان الطبقة العاملة لا تستطيع القيام بأعبائها الثورية دون الوجود المستقل والفعال لحزبها الطليعي المسترشد بالماركسية.

ونحن لا نزال نعتقد ان تحليلات المؤتمرين الرابع والتداولي (النظرية والفكرية) سليمة الى اليوم، والذين يختلفون معها عليهم تقديم بيان أسبابهم النظرية والفكرية والعلمية وننتظر التحدي.

الحلقة الأولى حوت مدخلاً ضرورياً للوقائع التي أقر بها مشروع التقرير في اضاءته حول المشروع والتجربة السوفيتية، وفي هذه الحلقة سأتناول فيها «أثر المركزية المطلقة في تجميد وعرقلة النشاط الجماهيري بما يعني خدمة مباشرة للنظم الحاكمة والمعادية للحزب الشيوعي» من حيث العلاقة الديالكتيكية والمتفاعلة بين الحزب والنقابات ونشاط النقابيين بغرض بحث ومعرفة العلاقة المتبادلة والمفاعلة بين الحزب ونشاطه الصرف والعمال ونشاطهم النقابي من جهة أخرى.

الأحزاب السياسية جميعها تهدف لايجاد نقابات تعمل تحت قيادتها وتوجيهاتها لتسخيرها خدمة وتنفيذاً لسياساتها ونشر شعاراتها، فالبرجوازية والرجعية فيها والتي تتناقض مصالحها مع مصالح الطبقة العاملة تسعى بشتى السبل لفرض سلطانها عليها حماية لأنظمتها وتعمل لخلق البلبة وسط افكار الطبقة العاملة بتشويه نظرية الاشتراكية العلمية خدمة للاستثمارات وزيادة لارباح الاحتكارات على حساب عرق العمال وتعبهم. وتعمل على خنق حركة العمال عبر النقابات الموالية لها بشل نشاطها الرئيسي المتمثل في الدفاع عن المطالب اليومية والمستقبلية مستخدمة اساليب التضليل والتشويه واخفاء الوقائع والحقائق وسن القوانين والقرارات التي تتيح لها الفصل والتشريد والبطالة والجوع ضد القادة النقابيين بقصد ابعادهم ولترهب وتخيف جماهير العمال لتتمكن من فرض قيادات نقابية طيعة وعملاء لها.

المفاهيم الفكرية «الآيديولوجية» تحدد النظام الاجتماعي الذي يناضل من أجله الحزب وتبين تصوراته ومواقفه من الطبقات الاجتماعية الأخرى ولذا يصير كل عضو حزب ملتزم بآيديولوجية حزبه وبرنامجه السياسي وشعاراته، أما النقابات وبما فيها النقابات التي تقودها احزاب عمالية فليس من مهامها الالتزام بآيديولوجية الحزب أو تنفيذ برنامجه وشعاره فهي منظمات جماهيرية واسعة ومرنة تجمع حولها وداخلها جماهير العمال بمختلف توجهاتهم السياسية ومفاهيمهم الفكرية والاجتماعية وقد شاركت قيادات الشيوعية القديمة مع النقابيين من الاحزاب الاخرى بقيادة المناضلين قاسم امين والشفيع احمد الشيخ والحاج عبد الرحمن وابراهيم زكريا والجزولي سعيد وخضر نصر وآخرين كثر. الحركة النقابية السودانية منذ تأسيسها وحتى يوليو 1971 في ترسيخ شعار الحزب «لكل حزبه والنقابة للجميع» بالتزامهم بقوانيها وانضباطهم وفق لوائحها لتحقيق هدفها المباشر والاساسي واليومي تلبية لمطالب العمال والدفاع عن حقوقهم لا العمل السياسي اليومي ولا ننسى وقوفهم ورفضهم طلب المسؤول السياسي للحزب الشيوعي بالمديرية الشمالية حينها لقيادة انقلاب مايو 69 بحل نقابة السكة حديد برئاسة محمد الحسن عبد الله.

الطبقة العاملة دائمة التمسك بشعاراتها الرئيسية «الحريات الديمقراطية والديمقراطية النقابية» فالحريات الديمقراطية تقوي صفوفها وتوحدها عبر حرية النشاط النقابي وتمنع تزييف النقابات حتى لا تُستخدم ضد مصالحها والضامن لحفظ الحقوق المعاشية والحامي من التعسف والارهاب وسياسياً تحصنها من اشكال المساومة على المصالح الوطنية وتحافظ على تقدم وتطورالبلاد لتصل لأهدافها البعيدة والقريبة .والديمقراطية النقابية اداة ضد كل تخريب للحركة النقابية من الداخل وضمانة المراقبة لنشاط الهيئات والقادة من قبل القواعد وسلاح ضد أي انحراف انتهازي للقيادات ووسيلة للنشاط وتحقيق المهام.

العلاقة بين النضال الطلبي والنضال السياسي متبادلة وتتحقق عبرالنضال من اجل الحقوق والمطالب اليومية والمعاشية والثقافية وتربط بشكل محكم ووثيق بين الاهداف والمطالب اليومية المباشرة للعمال وبين مصالح واهداف الطبقة العاملة الثابتة والاساسية ولا يمكن الدفاع عن الشعارات الاقتصادية والمطلبية للعمال بطريقة علمية دون ربطهاوتحليلها نظرياً وسياسياً.

صحيح ان الحزب يقود النقابات ويوجهها سياسياً ويطرح امامها مهاماً سياسية واجتماعية لكن القيادة السياسية والفكرية شئ وفرض الوصاية والهيمنة الحزبية امر آخر ،وقضية القيادة والتوجيه هنا تختلف في جوهرها واسلوبها وشكلها لأن فرض القرارات والتوجيهات الفوقية على جماهير العمال وان كانت لمصلحتهم دون اقتناعهم وموافقتهم تعود بالضرر على الحزب والنقابي الحزبي وبقدر ما تعرف القيادة الحزبية مزاج جماهير العمال ومطالبها بقدر ما تكون قراراتها صائبة ومعبرة لأن فرض القرارات الفوقية يفرغها من محتواها ويشل نشاطها. ومن أكبر الأخطار وأفدحها ان تنظر جماهير العمال الى النقابي وكأنه مفروض عليها أو ممثلاً للسلطة وليس ممثلاً لها.

الحزب الشيوعي يقود الجماهير ويوجهها ولا يجوز له بأي حال ان يسبقها أو يتخلف وينقطع عنها أو تنقطع عنه والنقابي الشيوعي من خلال تربيته الحزبية والنقابية السليمة ونضاله وتجاربه يعرف الفرق بين تنفيذ التعليمات الحزبية وتنفيذ القرارات النقابية ويوائم ويربط بين مصالح العمال الواسعة والعريضة وآراء واهداف الطليعة الواعية مجسدة في حزبه الماركسي اللينيني لتتحول النقابات لمدارس تزيد من وعي الطبقة العاملة.

بعد ردة 22 يوليو 1971 انتقل ما تبقى من الحزب الشيوعي إلى حالة الدفاع الكامل وتأثرت كافة مواقع وجوده بمديرية الخرطوم في اوساط الطبقة العاملة وتعرضت كوادره بالمصالح والوزارات للاعتقال والفصل والتشريد بينما تحملت منشآت القطاع الخاص التي استوعبت اعداداً كبيرة من مفصولي القطاع العام «صناعات الأنسجة والتريكو - مؤسسات شرف العالمية - الأغذية والزيوت - الصناعات الجلدية - الورش الهندسية» اعباء اعادة بناء التنظيم الحزبي والجماهيري معاً. تعرض البناء لبعض الاخفاقات والضربات بسبب الاختراقات الناتجة من التوصيلات فترة التجميع لاعتمادها على أفراد شيوعيين بالمديرية لا على تنظيم واضح المسؤوليات وهيئات محددة المهام عام 1976 وضربات واختراقات أخرى حتى 1978 سنأتي لكشفها كتجارب أحدثت أضراراً بالغة للحزب تسببت فيها قيادات تتولى المسؤوليات حتى اللحظة علها تفيد شباب المؤتمر الخامس. من بعد ذلك ظل جسد الحزب ليس فقط سليماً بل يملك القدرات المهولة على نطاق العمل الجماهيري النقابي بمديرية الخرطوم مما شكل له الحماية ومكنه من كشف نقائص الاختراقات على مستوى المناطق الصناعية والمديرية ايضاً.

العام 1973 نشطت احزاب الجبهة الوطنية «الأمة - الاتحادي - والإسلاميين» بعد التصفية التي تعرضت لها كوادر الشيوعيين ابان ردة 22 يوليو وبدأت تتحرك حيث تواجد نفوذها وسط العمال قبلياً وبين الطلاب واستطاع الشيوعيون والديمقراطيون فرادى من فرض وجودهم في الاعمال المعارضة التي نظمتها احزاب الجبهة الوطنية وخاصة في شعبان 1974 وقد برز بوضوح دور الشيوعيين والديمقراطيين في ندوات التعبئة التي كان مسرحها جامعة الخرطوم. استفاد الشيوعيون غير المنظمين بمشاركة الديمقراطيين في تلك الظروف من انجاز واحد من أكبر اهدافهم وهو اقامة تحالف طبقي واسع بالمناطق الصناعية بالمديرية بما يمكنهم من حماية التنظيم الشيوعي والجباه النقابية التي بدأت تجميع صفوفها وعملت لمحاصرة قيام تنظيم الاتحاد الاشتراكي بين العمال بعد الحاقهم الهزيمة بتنظيم «عمال مايو الأحرار» وهو تنظيم قام شراكة بين السلطة السياسية والانقساميين الشيوعيين وساعد المايويون في هزيمة تنظيمهم اتباعهم اساليب العسر والقسر والقهر والتجسس والعزل مما جعل وجوده في معظم المنشآت شكلياً.

النشاط الشيوعي والديمقراطي المعارض لمايو بين العاملين بمديرية الخرطوم متقدماً أمام حركة كل الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الشيوعي طليعة الطبقة العاملة، ففي حين فشلت قيادات الأحزاب السياسية من مجرد اللقاء المكتمل طوال فترة مايو ليكون اول اجتماع لها في 4 ابريل 1985 فان الشيوعيين في المناطق الصناعية قد دخلوا فعلاً في اعمال مشتركة مع كافة قواعد الأحزاب السياسية (الامة ، الاتحادي ، القوميين)، والتجمعات القبلية ونجحت الجباه النقابية بين العمال والجباه الديمقراطية ، الموظفين والمهنيين من استعادة كثير من مواقعها بالنقابات وخاضت معاركاً كثيرة ومتنوعة على مستوى الوطن وبالذات الحركة النقابية بمديرية الجزيرة غير نقابات الانسجة وقد نشر الاستاذ محمد علي خوجلي تلك التجارب والمعارك بالمناطق الصناعية تفصيلا بجريدة الخرطوم الغراء بسلسلة مقالات تحت عنوان (بين أيديهم أفلا يبصرون) في العام 2001م.

أهم دروس تلك الفترة هي محافظة الفروع الحزبية وقيادات العمل بالمناطق العمالية على استقلاليتها وديمقراطيتها، وارتباطها الوثيق بجماهير العمال ورفضها العملي لكل توجيهات القيادات الأعلى وتنظيم (مركزية الجباه النقابية)، وهو تنظيم مصنوع يضم عمالاً متفرغين بالحزب لا عاملين وسط العمال كونه مركز الحزب لاحكام القبضة القيادية على العمل القاعدي للجباه النقابية وجميع (توجيهاته) جاءت غريبة حتى توجيهه الاخير بعدم المشاركة في التجمع النقابي عشية الانتفاضة 1985م، ومن الدروس المستفادة عمل الشيوعيين في المناطق الصناعية تركز في اعمالهم الكبيرة على التحالفات العمالية بالمنشآت فنجد الاضرابات والاعتصامات واعمال التضامن الواسع مع الفئات المختلفة وخاصة الطلاب تهدف الى لفت انتباه الطبقة العاملة للقضية الكبرى اما توسيع العضوية فكان هدفاً ثانٍ او رابعاً ! فالقضايا الكبرى التي تحتاج لمجهودات (الطبقة) لا (الحزب) كانت اطلاق سراح المعتقلين وتصفية المعتقلات ومدخلها الحريات النقابية لاشاعة الحريات العامة واعادة المفصولين.

حققت الحركة العمالية نجاحات باهرة بالغاء العزل السياسي وتعديل القوانين العمالية وقانون النقابات وقيدت حركة الاتحاد الاشتراكي واعادت المفصولين والمشردين واوقفت الفصل بالقطاع الخاص للنقابيين وتوجت انتصاراتها بحضورها الفاعل والقوى في المؤتمرين العامين لاتحاد نقابات عمال السودان واتحاد الموظفين والمهنيين بحلول عام 1983م.

التحالفات والاعمال المشتركة ظلت تعتمد على الاعمال البسيطة والمهام المحددة (الجمعية التعاونية، الصناديق الخيرية، الاندية العمالية، محو الامية، الفرقة الرياضية والغنائية والمسرحية)، وتلك ادت الى الوحدة عند تقديم المطالب ومناقشة شروط الخدمة وتطورت الى التنسيق في انتخابات النقابات القاعدية ثم النقابات العامة والاتحادات.. برامج بسيطة لا تعرف التعقيدات وتعبر عن اصحابها.

رسخ الشيوعيون خلال الفترة المايوية وسط العمال عدم جواز الفصل بين نشاطهم الاقتصادي والمطلبي والقضايا الوطنية التي تهم مجموع الشعب وان نضالهم يمكن ان يكون قانونياً ويمكن بخلاف ذلك وان الحزب الشيوعي هو المدافع عن مصالحهم بحكم طبيعته وفكره العمالي.، اما اهم الدروس للشيوعيين انفسهم فكانت (حماية وتأمين حشد الحزب)، ووسيلتها الوحيدة هي العمل الجماهيري الواسع لا الانكفاء على الذات وتحويل الحزب الى جمعية للمناظرات يسهل توجيه الضربات اليها .كل ذلك تم بفهم عميق وتطبيق خلاق للشيوعيين بالمناطق الصناعية لموجهات المؤتمر الرابع والمؤتمر التداولي عند الممارسة.

- ونواصل -

üüüüüüüüüüü

أحمد