Thursday, March 5, 2009

قطار الخصخصة السريع.. وسندته أمام هيئة البريد

قطار الخصخصة السريع.. وسندته أمام هيئة البريد
محمد علي خوجلي
شاع مصطلح الخصخصة منذ ثمانينيات القرن الماضي مع تنامي سياسات الليبرالية الجديدة، وتنامي مظاهر إنهيار الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية التابعة- ذلك الانهيار الذي تنبأ به القائد العمالي الشهيد قاسم امين في 5791 حين ظن بعض أدعياء الثورية الذين يسترشدون بالمنهج الماركسي ان المناضل قد فقد عقله! وتحول الى رجل معتوه!!- وشهدت تلك الفترة أيضاً بدايات انقضاض الرأسمالية على نظام (دولة الرفاهية) في دول الغرب الرأسمالي. وهو النظام الذي كان القطاع العام إحدى أهم ركائزه. فقد كانت الرأسمالية تعتبر نظام دولة الرفاهية صمام الأمان ضد «الاضطرابات الاجتماعية» أو كما يكتبون. ومع إنهيار الدول الشيوعية طرح منظرو اليبورالية الجديدة: أن الرأسمالية لم تعد في حاجة لقطاع عام أو ضمان اجتماعي أو تأمين صحي. ومن ثم بدأ الهجوم الكاسح على حقوق العاملين المكتسبة. وانطلق قطار الخصخصة في دول الغرب في اكبر معقلين للرأسمالية، الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا. وبدأت قلاع القطاع العام في الترنح ثم السقوط واحدة تلو الاخرى تحت ضربات الشركات متعددة الجنسيات (الاحتكارات الدولية) تحت دعاوى أن الخصخصة هى: كفاءة التشغيل، وحرية المنافسة، ورخص الأسعار والجودة الأفضل. ومن بعد ذلك جعلت ادوات الرأسمالية الدولية: صندوق النقد والبنك الدولي الخصخصة أحد أهم شروط الاصلاح الاقتصادي في الدول النامية. وعلى الرغم من تعدد أشكال الخصخصة، اثنا عشر شكلاً أو يزيد إلا أن الشائع هو «بيع الأصول» أو بيع القطاع العام لشركة أو عدة شركات او شخص واحد، يطلقون عليه ( المستثمر الاستراتيجي) فيكون من أنواع الفساد السياسي أن يرفع مؤيدو الخصخصة من بين الثوريين الداعمين لتصفية القطاع العام شعار الاشتراكية، إلا اذا كانت من نوع (اشتراكية سرجي مرجي.. انت حكيم ولا تمرجي)!! وفي السودان تم استبدال قطار الخصخصة البطئ ابان الحقبة المايوية الذي لم يعرف الالغاء الجماعي للوظائف، بمعنى الفقدان الجماعي للوظائف بقطار الخصخصة السريع في 2991.. ذلك القطار العجيب والذي يأخذ سندته الآن امام الهيئة العامة للبريد والبرق. والمعروف ان اول قانون لتنظيم خدمات البريد كان في عام 6191 مع قيام مصلحة البريد والبرق والهاتف والتي استمرت حتى عام 1791- وكان الانقلابيون من العسكر المدعومين بقوى سياسية وديمقراطية يهتمون بالاستيلاء على أجزاء مصلحة البريد أو هيئة البريد، حيث توضع في درجة واحدة، مع الاستيلاء على القيادة العامة وقيادات الاسلحة الاخرى، حتى جاءت امبراطورية شركات الهاتف السيار فاختلف الأمر، وهذا من اسباب سطوة الشركات الجديدة. وفي عام 1791 تم فصل مصلحة البريد الى قسمين: مصلحة البريد والبرق والمواصلات السلكية واللا سلكية التي قامت الامبراطورية على انقاضها. وفي 8791 تم تحويل مصلحة البريد الى المؤسسة العامة للبريد والبرق باعتبارها مؤسسة خدمية لا تجارية. وفي 0991 صدر قانون تحويلها الى هيئة عامة تكفلت وزارة المالية بسداد مرتبات العاملين بها بنسبة 001%، لكن ذلك استمر لعام واحد فقط، حيث نقص التزام وزارة المالية في عام 19/29 الى 05%. وهيئة البريد في اعتقادي رمز تاريخي (معنوي) ومن مكاتبها المائة وسبعة وتسعين معالم تاريخية. دولة بريطانيا تحترم الرموز التاريخية، ولذلك فإنها عند خصخصة البريد اقامت برجاً ضخماً في واحد من مكاتب هيئة البريد، ومن عائده يتم الصرف على العاملين بالبريد، هناك لم تلغ الوظائف ولم يحدث ما يعرقل التطور..! وهيئة البريد والبرق في السودان اضافة الى مكاتبها فوق المائة وتسعين تملك أيضاً مائة وسبعة وسبعين منزلاً مشيداً واربع عشرة قطعة ارض سكنية. ولا يختلف اثنان في تدني وتخلف الصورة البريدية اليوم، واية نظرة خاطفة لهيئة البريد تؤكد الشلل التام في حركة الآليات والمعدات، وبالضرورة تراجع الايرادات وتضخم المديونية، وذلك كان من اسباب تجميد الترقيات والبدلات والعلاوات الى آخر مظاهر تدني شروط خدمة العاملين، مما افقد الهيئة الكثير من الكفاءات والكوادر البشرية المميزة. ولكن على من تقع المسؤولية؟ ان عدم مواكبة الاجهزة والمعدات لثورة المعلومات في المجال البريدي لن يكون مسؤولية العمال.. وفشل خطة التنمية في اطار الاستراتيجية القومية الشاملة بريدياً.. وبيع اسطول الهيئة الناقل ليس من مسؤوليات العمال.. وان تتجه إدارة الهيئة لزيادة الايرادات عن طريق الاستثمار العقاري.. أو أن تقوم بتأسيس الشركة البريدية للاستثمار والتجارة المحدودة مساهمة مع بعض شركات القطاع الخاص وتطلق اسطولاً ضخماً من العربات التجارية لنقل البضائع والسلع الى جانب البريد، وتكون الشركة من الشركات الخاسرة ليس مسؤولية العمال.. وأن يتم انشاء معهد للبريد والبرق بمساعدة اتحاد البريد العالمي ثم يصبح المعهد استثماراً عقارياً باستئجاره لاحدى الوزارات لاربع سنوات دون سداد للايجار! ثم بيع العقار لذات الوزارة لتغطية استحقاقات العاملين الذين الغيت وظائفهم في مارس 4002 لن يكون من مسؤولية العمال. ان اول سندة لقطار الخصخصة السريع في هيئة البريد كانت في 5991م، عندما الغيت وظائف تسعة وخمسين عاملاً. وفي اكتوبر 7991م صدر القرار الوزاري رقم «815» الذي نص على اضافة الهيئة لقائمة مرافق القطاع العام واجبة الهيكلة، وفي ذات العام اغلق واحد وخمسين مكتباً بريدياً مع إلغاء وظائف مئتي عامل. وفي مارس 4002م الغيت وظائف سبعمائة وثلاثة عشر عاملاً، ثم لحق بهم اربعة وستون عاملاً ليتجاوز فاقدي الوظائف الالف.. ويبدو أن مطلع مارس 9002م سيشهد السندة الاخيرة بإلغاء وظائف أكثر من ألف آخرين، وخصخصة البريد تأخذ شكل (بيع الاصول) الى شركة او عدة شركات من بينها صندوق الاستثمار الموحد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات. انتبهت لمخاطبة العاملين بمكتب بريد وبرق ام درمان وفرعياته لرئاسة مجلس الوزراء في نهاية اكتوبر الماضي، حول الاجراءات اللازمة لتخفيف الآثار الضارة بسبب الغاء الوظائف. وبعث العاملون بصورة من مذكرتهم للهيئة النقابية للعاملين بالبريد والبرق، بما يشير للمسافات البعيدة بين النقابة والعمال، فموضوع المذكرة هو من صميم واجبات النقابة والاتحاد العام لنقابات عمال السودان. وحددت المذكرة المطالب الطبيعية التالية: - تضمين الزيادات المستحقة (علاوات، بدلات) الى آخره في المرتبات. - معالجة الترقيات المجمدة خلال العشر سنوات الاخيرة قبل حساب الاستحقاقات. - المعالجات الضرورية لتمكين ربط المعاشات للعمل باضافة سنوات لاغراض المعاشات، وهى جميعها حقوق مكتسبة أو ذات علاقة بتخفيف الآثار الضارة الناتجة عن إلغاء الوظائف الجماعي. وهذه الآثار أصلاً سببها مصادرة حقوق مكتسبة بقوة القانون (تعديلات قوانين التأمين الاجتماعي والمعاشات في ابريل 4002م). ولا ضير في تحرك النقابة من بعد ذلك وتبنيها لهذه المطالب المشروعة، واضافة التعويض عن الفصل أسوة بحالات اخرى، وهى أيضاً في مطلبها لا تتجاوز ما قررته الاتفاقيات الدولية. فالمادة (31) من الاتفاقية رقم (851)، مؤتمر العمل الدولي، هى اتفاقية ملزمة لجمهورية السودان باعتبارها عضواً في منظمة العمل الدولية. وبالدستور القومي الانتقالي فإن الحقوق التي قررتها المادة (31) هى من الحقوق الدستورية، لكن الحقوق الدستورية في الواقع، بما في ذلك وثيقة الحقوق مجمد العمل بها لوجود نص دستوري آخر يقضي بسريان القوانين قبل اجازة الدستور الى حين مؤامتها مع الدستور. والنص بصورته وافقت عليه جميع القوى السياسية الحاكمة والمعارضة، وأجيز بالاجماع لا بالاغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني!! والمادة (31) تلزم صاحب العمل عند القيام بعمليات إنهاء الاستخدام لاسباب ذات طابع اقتصادي او تكنولوجي او تنظيمي.. الى آخر، بتزويد ممثلي العمال (النقابة) بكل المعلومات المتصلة بذلك، والفترة التي سيجري اثناءها ذلك (لاحظ انه في حالة هيئة البريد ممتدة ما بين 5991-4002م) كما أنه من الواجب الاتفاق مع النقابة على كل الاجراءات التي ينبغي اتخاذها، ومنها الاجراءات اللازمة لتخفيف الآثار الضارة الناتجة عن إلغاء الوظائف. إن مطالب عمال البريد قانونية، ومطلب التعويض النقدي نصت عليه المادة (21) من ذات الاتفاقية الدولية، حينما قررت دفع تعويضات أو إعانات اخرى نقدية، محددة المقدار، بين أمور اخرى، على أساس طول مدة الخدمة ومستوى الأجر، وأن هذه التعويضات والإعانات لا علاقة لها باشكال الضمان الاجتماعي الاخرى، والتجربة العملية في السودان ومن دون تعديل للقوانين سارت على نهج الاتفاقيات بالتراضي، ومن بين ذلك التعويض عن الفصل. النقطة الوحيدة التي ستكون محل جدل قانوني، هى مسألة اضافة عدد من السنوات لتمكين العمال من استحقاق المعاش، وهذه المسألة لم يطالب بها العاملون أو النقابة عند الغاء الوظائف في 5991م و7991م ومارس 4002م، فما هو السبب؟ المعلوم أن قوانين المعاشات (غير الخاصة) تضمنت تعديلات في 1/4/4002م، في ما يتعلق بشروط استحقاق المعاش بتعديل فترة الاشتراك التي يستحق عنها المعاش من (اثني عشر عاماً) الى (خمسة وعشرين عاماً) مرة واحدة، وكذلك السن القانوني للتقاعد من خمس وأربعين الى خمسين سنة. وواقع عمال البريد في سندة قطار الخصخصة اليوم من حيث انطباق شروط المعاش يفيد: ? إن حوالي 44% من العاملين تنطبق عليهم شروط استحقاق المعاش بعد التعديل. ? إن حوالي 65% من العاملين لا تنطبق عليهم الشروط، إما أنهم لم يكملوا 52 سنة خدمة، وهنا لب المشكلة، خاصة ان كثيرين مدة خدمتهم اربع وعشرين سنة، أو لم يبلغوا السن القانوني وهذه أخف. ? أما النساء اللاتي لا تنطبق عليهن شروط استحقاق المعاش، فهن حوالي 23% من العاملات. والعدل والإنصاف يقتضي التدقيق في حالة هؤلاء العمال، وانه يجب ألا تسقط الحقائق التالية: 1/ إن برنامج خصخصة البريد متواصل منذ 5991م، وربطت للعمال معاشات بالقانون قبل التعديل. 2/ تضرر العمال بايقاف (معاش الفصل الوزاري) عملياً بتعديل شروطه، حيث كان شرطه الوحيد، اشتراك اثنتي عشرة سنة بصرف النظر عن السن. 3/ إن هؤلاء العمال لم يتقدموا باستقالاتهم عن العمل. 4/ إن هؤلاء العمال لم تكن لهم يد في تحديد تاريخ الغاء وظائفهم. 5/ إن المعاش أصلاً ليس للعامل بل لافراد اسرته، والصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية هو صندوق تكافلي، وتمسك الصندوق بدفع المكافأة. وحرمان العمال من المعاش يهزم في الممارسة جوهر مبادئ التأمينات الاجتماعية. وكان الله في عون العمال الضعفاء.

عندما فقد العمال نظام التقاعد بإلغاء الوظيفة

عندما فقد العمال نظام التقاعد بإلغاء الوظيفة
محمد علي خوجلي
صدر قانون التأمين الاجتماعي في 1974 ليشمل عمال القطاع الخاص والعمال الذين يشغلون درجات وظيفية بالحكومة. ويقوم تمويل نظام التأمين الاجتماعي على الاشتراكات التي يدفعها طرفان: أصحاب الاعمال (المخدمون) والعمال (المؤمن عليهم). وحكومة السودان ليست طرفاً ورفضت المشاركة صراحة ولكنها عندما تكون (مخدماً) فانها تسدد مساهمات عمالها المؤمن عليهم. فأموال التأمين الاجتماعي هي أموال خاصة وهذه نقطة مهمة.
وجرت تعديلات في قانون التأمين الاجتماعي في 1978 و1979، إلا ان تعديلات 1990 وابريل 2004 لم تأت لصالح نظام التأمين الاجتماعي ولكن لصالح الفئات الاجتماعية المهيمنة اقتصادياً والتي تمكنت بالسلطة السياسية من صندوق التأمين الاجتماعي لتجرده بالكامل من استقلاليته المالية والادارية. وتخلفت الحكومة من نظام التقاعد الخاص بالمصارف والحقته بالتأمين الاجتماعي وكذلك كل الشركات والبنوك التي تملك الدولة كل اسهمها والهيئات العامة بقانون 1925... الى آخر ذلك.
ومن بعد استشراء الخصخصة واعادة الهيكلة تلاحظ الغاء وظائف آلاف عمال الحكومة ثم تحل الشركات الحكومية محل المنشآت التي تمت تصفيتها وتخضع لنظام التأمين ثم مرة أخرى تتم تصفية الشركات... الى آخر ما يضعف نظام التأمين. فالشركات الحكومية بولاية الخرطوم وحدها التي قامت معظمها على انقاض منشآت بلغت 114 شركة تمت تصفية 65 منها بنسبة 67%. مثلما نلاحظ كيف يتم تحويل العمال من قانون المعاشات العامة (معاشات الحكومة) الى قانون التأمين الاجتماعي (معاشات القطاع الخاص) قبل الغاء الوظائف(!)
ويتحول نظام التأمين الاجتماعي عملياً الى نظام شبه حكومي دون ان تملك الحكومة فيه شيئاً إلا منح وزارة المالية الشهرية لمعاشيي التأمين(!) والحقيقة ان القطاع الخاص يتحمل اثار السياسات المالية والاقتصادية للحكومة ومنها الغاء الوظائف وهذا امر محير.
لكن المحير اكثر ان كل الدول النامية منحتها المؤسسات المالية الدولية حوافز ودعومات نقدية كبيرة لمواجهة الغاء الوظائف بسبب الخصخصة واعادة الهيكلة وما توصي به تلك المؤسسات وما تقدمه من وصفات.
فهل تنفذ حكومة السودان سياسات المؤسسات الدولية، ادوات الرأسمالية الدولية مجاناً، ولوجه الله؟!
وصندوق التأمين الاجتماعي دفع مكافآت من دفعة واحدة لعشرات ومئات الآلاف من العمال الذين الغيت وظائفهم. وهذه المبالغ ليست تعويضات عن الفصل بل هي اموال العمال المستقطعة ومساهمات مخدميهم ترد إليهم. ويتم ردها بعد خصم المصروفات الادارية فاستثمار الصندوق لاموال العامل لتسع عشرة سنة لا يغطي

مصروفاته الادارية(!)
وابتدع نظام التأمين الاجتماعي باثر الاشراف السالب عليه نظام التقاعد بالغاء الوظيفة خدمة للحكومة واطلق عليه معاش الفصل بقرار وزاري يموله القطاع الخاص!! وكان شرطه واحداً: اثنيى عشرة سنة اشتراك ولا يهم ان يكون مستحق المعاش في الثلاثين من عمره. وكرس قانون التأمين الاجتماعي بذلك تمييزاً بين المؤمن عليهم بحجة ان المعاش (مؤقت) وهي حجة مردوده عليه فما دام المعاش مؤقتاً فلماذا يتم اشتراط فترة اشتراك، انه يكون مستحقاً لكل عامل في الخدمة المستديمة.
وربط الصندوق ذلك المعاش لالاف العمال الذين تحولوا من ممولين للنظام الى معاشيين بقرارات من الحكومة. والمعلوم ان هناك حزمة من الحلول على نطاق العالم لمواجهة الغاء الوظائف، قبل الالغاء وبعده. فقبل الالغاء يمنح العمال اجازات طويلة مدفوعة الاجر مع دعم مشروعاتهم او تخفض مدة الاشتراك المستحق عن المعاش الاختياري.. الى آخر. وبعد الالغاء هناك نظام المساعدات الاجتماعية الذي تموله الحكومة أو نظام معاش البطالة المؤقتة..
(وارجو أن نذكر ان حكومة نميري وحكومة الصادق المهدي كانتا تدفعان مرتبات عمال النسيج السوداني، وهو قطاع خاص!! حتى صدور القرار الجمهوري باغلاق المصنع وفصل عماله)
والواقع ان العمال الذين منحوا معاش الفصل بقرار وزاري تعاملوا معه كدخل اضافي وليس معاشاً مؤقتاً من بعد التحاقهم بوظائف جديدة وحاقت اضرار بأفراد الاسر ونظام التأمين لضعف الوعي بالحقوق الذي ينتشر بين النقابات وكل المهتمين بالحركة العمالية والمدافعين عن حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية وليس بسبب العمال وحدهم.. وهكذا يخرج كل يوم مئات العمال من نظام الحماية الاجتماعية.
ثم قامت وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية لتحل محل وزارة التخطيط الاجتماعي عند اعادة هيكلة الدولة مع بداية برنامج الولاية الثانية للرئيس. وبدأت مسؤولية الوزارة الجديدة في (الاشراف والرقابة) على الصناديق الاجتماعية ومنها صندوق التأمين الاجتماعي وبرق امام العيون شعار «نحو التحول لنظام الضمان الاجتماعي» هو برق سريعاً ما اختفى ليزداد الواقع سوءاً، فلا تحقق جزء من الضمان الاجتماعي ولا تم الاحتفاظ بحقوق العمال المكتسبة قبل ذلك الشعار (نظام مخصصات لشروط الخدمة).
وفي العام 2002 أطلق وزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية الاستاذة سامية أحمد محمد بعد دراسات وحوارات وأوراق عمل وتناول مكثف حول الضمان الاجتماعي ومؤسساته مقترحات المرحلة الأولى واجبة التنفيذ منذ 2002 أي قبل تعديلات قانون التأمين الاجتماعي في مارس 2004 وهذه ايضاً مسألة مهمة للغاية ان من بين خطة المرحلة الأولى نقلاً عن تقرير الوزير جاء ما يلي:-
1 - ادخال نظام المساعدات الاجتماعية وهي سلة واسعة من الميزات والمنافع تمول من الخزينة العامة ومن الاشتراكات والزكاة وتشمل العلاوة العائلية.
2- تأسيس ادارة ضمن صندوق التأمين الاجتماعي وصندوق المعاشات لادارة نظام تأمين البطالة المؤقتة ويسمى ادارة المعاشات المبكرة يلحق به المعاشيون الذين يتقاضون معاشات ولم تبلغ سنهم سن الشيخوخة (60 عاماً) ولم تلحق بهم مخاطر العجز والوفاة. وتوفر موارد هذه الادارة من الاشتراكات وحصة من المال المرصود لمعالجة اثار الخصخصة في الموازنة العامة للدولة.
3- الغاء نظام التقاعد بالغاء الوظيفة او بند التعويض بربع المدة لبلوغ سن المعاش المرتبط به، وعدم منح معاش إلا بعد بلوغ سن الشيخوخة أو في حالات الوفاة والعجز الكلي.
فماذا حدث منذ العام 2002؟
لم يتم ادخال نظام المساعدات الاجتماعية. ولم تؤسس ادارة المعاشات المبكرة (بديل التقاعد بالغاء الوظيفة) والانجاز الوحيد هو الغاء نظام التقاعد بالغاء الوظيفة منذ مطلع ابريل 2004. هذه هي المشكلة التي تواجه عمال البريد اليوم وستواجه كل الذين سيتم الغاء وظائفهم.
ان مطلب عمال البريد باضافة سنوات خدمة افتراضية لاستحقاق المعاش لم يطرحه عمال البريد الملغاة وظائفهم خلال الفترة 1995 - مارس 2004 حيث اصبح استحقاق العمال للمعاش في حالة الفصل بقرار وزاري بالمادة (63) من قانون التأمين الاجتماعي يستوجب:-
(1) اشتراك العامل بالنظام لعشرين سنة.
(2) بلوغ سن الخمسين
وبخلاف ذلك فانه يتم طرد المؤمن عليه من (الضمان الاجتماعي) ويمنح مكافأة من دفعة واحدة، أي ترد له أمواله ناقصاً التكلفة الادارية للصندوق.
ومطلب عمال البريد باضافة سنوات خدمة افتراضية لصالح استحقاق المعاش يسنده الآتي:
أولاً: الغاء نظام التقاعد لالغاء الوظيفة سبق ايجاد نظام تأمين البطالة بما يخالف القانون وروح التكافل ومبادئ نظام الضمان الاجتماعي.
ثانياً: الغاء بند التعويض بربع المدة (سنوات افتراضية لاغراض المعاش) سبق ادخال نظام المساعدات الاجتماعية وادارة المعاشات المبكرة.
ثالثاً: ان سن التقاعد القانوني بموجب عقد العمل هو ستين سنة والمخدم (هيئة البريد - الحكومة) ومشتري المنشأة الجديدة (صندوق استثمار التأمين والمعاشات وآخرين) هم اصحاب المصلحة في انهاء عقود العمل بالغاء الوظائف، ولا يشترط ان تكون العقود كتابة. وبالضرورة فان من واجب اصحاب المصلحة تخفيف آثار الاضرار التي ترتبت على الغاء الوظائف بدفع قيمة سنوات الخدمة الافتراضية لصالح العامل وهي تدفع لصندوق التأمين الاجتماعي.
رابعاً: عمال البريد لم يتقدموا باستقالات عن العمل كما انهم لا يحددون تاريخ الغاء الوظائف.
خامساً: عمال البريد الذين الغيت وظائفهم قبل 2009، وهم اكثر من ألف طبق عليهم قانون التأمين الاجتماعي (بشروط مختلفة) ومادام النظام واحداً والمخدم واحداً والجهة التي تقرر الغاء الوظائف واحدة فان العدل يقتضي اعتماد سنوات خدمة افتراضية (ربع المدة المتبقية لبلوغ سن المعاش) لتقليل اثار أي اضرار على العمال.
سادساً: عملية الغاء وظائف عمال البريد مستمرة منذ 1995 ووضع هيئة البريد ضمن المؤسسات الخاضعة للخصخصة لم يصدر في العام 2009 بل في العام 1997.سابعاً: العمال الذين بلغوا سن الخمسين ومدة خدمتهم اكثر من اثني عشر عاماً وحتى تسعة عشر عاماً، أي اقل من عشرين سنة لن يستحقوا أي معاش إلا باضافة سنوات خدمة افتراضية.
ومعلوم ان منافسة هؤلاء في سوق العمل لا أمل فيها.. بل ان اعلانات الوظائف الشاغرة تشترط في معظمها ألا يتجاوز عمر مقدم الطلب اربعين عاماً...(!) ومنح هؤلاء مكافأة يعني خروج افراد أسرهم نهائياً من نظام الحماية الاجتماعية.
ان اصحاب الاعمال والعمال المؤمن عليهم والمعاشيين والمنتفعين يتضررون يومياً من سياسات الحكومة ومن سياسات صندوق التأمين. وكما حملتهم الحكومة اثار سياساتها المالية والاقتصادية فان صندوق التأمين يحملهم نتائج عجزه وقصوره فالدراسة الاكتوارية لصندوق التأمين 2003 تورد الملاحظات والحقائق التالية:-
(‌أ) فشل ادارة الصندوق في انجاز اهم عوامل تقوية المركز المالي للصندوق وهو تحصيل الاشتراكات
(‌ب) ضعف العائد السنوي من استثمارات الصندوق بسبب ارتفاع نسبة الاموال المستثمرة في الاراضي والعقارات التي يكون عائدها الفوري ضعيفاً.(
(‌ج) النظر في امر تحويل جميع المشتركين من القطاع العام الى صندوق المعاشات اذا كان الصندوقان سيعملان منفصلين.
(‌د) اتضح ان نسبة المصروفات الادارية بلغت 30% من اجمالي دخل الصندوق على الرغم من ان قانون الصندوق ينص على ألا يتجاوز الصرف الاداري 10% وعندما تتجاوز المصروفات الادارية 9% من الدخول المؤمن عليها فان ذلك يعادل 36% من الدخل من الاشتراكات (فاذا كانت 30% فانها تعادل كل الدخل من الاشتراكات!!)
وعلى ضوء كل هذه الحقائق فان التبشير بنظام للضمان الاجتماعي يكون حلماً بعيد المنال. وفي كل السنوات الماضية كان تركيز صندوق التأمين الاجتماعي ليحافظ على وجوده وبقائه هو الضغط على اصحاب الاعمال والتضييق على العمال المؤمن عليهم والمعاشيين والمنتفعين والتنازل عن الاستقلال المالي والاداري للصندوق فهل سنشهد بعد ذلك تفكيك نظام التأمين وخصخصته هو أيضاً؟

عمال البريد وقرار المجلس الوطني رقم (9)

عمال البريد وقرار المجلس الوطني رقم (9)
محمد علي خوجلي

صحيفة الخرطوم الخميس 12 فبراير 2009
علاقة هيئة البريد والبرق وعمالها بأجيال السودان القديم فوق الوصف . . حيت ارتبط عمال وموظفي البريد بالنضال الوطني منذ الجمعيات السرية وثورة 1924من اجل الاستقلال وحركة التقدم . . وانتشرت احياء "لبوستة" في كثير من مدن السودان من بعد اقامة مصلحة إلبريد والبرق 1916. ويبدأ حي البوستة دائمأ بمنزل وكيل البوستة وموظفيها. هكذا كان الامر في أم درمان وبورتسودان والأبيض وجوبا. . الى اخر. وذلك يعني اندماج عمال البريدفي المجتصعات وللاندماج معانيه ودلالاته .
وبرز من عمال البريد وموظفي البوستة نقابيون يشار لهم بالبنان ، نتوقع ان يتضمنهم جميعا مشروع صديق الزيلعي الرائد، من نماذجهم : حسن قسم السيد وأمين السيد ومحمد احمد طه وبخاري محمد بخاري الذي مثل اتحاد الموظفين في مجلس الشعب القومي لدورتين ني الحقبة المايوية . أما النقابي عبد الجواد - من أهالي حلفا - فقد كان من نقابيي البوستة في جنوب الوطن وهو الذي ارسل بشأنه مسؤول بوليس عطبرة عصمت معنى برقيته الشهيرة لمدير البوليس في جوبا بعد اعتقال عبد الجواد في عطبرة والتي جاءت : (قبضنا على الجواد الذي ظل يطاردنا. .)
وأول فنان مبدع انبتته مصلحة البريد هو خليل افندي فرح ومن بعده آخرون منهو صلاح مصطفى. . وشعراء موهوبون ستظل اثارهم باقية : مصطفى سند ومحمد يوسف موسى وعبد الله النجيب وآخرون . . ومحامين منهم الاستاذ سيد علي طه كدفور واعداد من الثوريين من نماذجهم السر الناطق وعباس محمد الطاهر. . ولا مجال لمزيد من الرصد لكن لابد في نهاية هذه الافتتاحية ان نذكر ان أول طابع بريد صدر في السودان كان في العام 1902في بربر وحمل صورة اول ساعي بريد سوداني على عهد التركية : الشاعر ابراهيم الفراش وهو على ظهر الجمل والذي كان مسؤولأ عن بريد: كرسكو، مصر والشام وسواكن - الجزيرة وحضرموت .
وبعد فقدان قوة الفعل ، من صفاتنا القديمة بسبب (التجديد وما ادراك ما إلتجديد) والقيادات التي فرض عليها الزمن طريقا واحدأ في معالجة قضايا العمال ، الجودية والاتفاقيات . فلا املك إلا مواصلة العزف المنفرد، أو كما يقولون (!) واضيف ، واحيانأ العزف السري كما يفعل عمرو في مسلسل (الحلم الضائع ) -4. فمن حق عمال البريد علينا ان نقول كلمة في حق اكثر من ألف عامل غادروا واكثر من ألف يغادرون اليوم نحو المجهول بسبب قطار الخصخصة السريع الذي صادقت على مساره معظم القوى السياسية حاكمة ومعارضة ومن بينها (حزب نقد الماركسي) الذي يجب ان يتعاون مع العمال . . .(!)
كشف الغاء الوظائف في البريد والبرق نهاية فبراير 2009يضم اكثر من الف عامل وسبقته كشوفات في 1995و1997ومارس 2004، وعمال البريد وهم منزوعو السلاح يجهلون مصائرهم ولا يدركون نتائج مذكرة نقابة العاملين أوموقف اتحاد نقابات عمال السودان من مطالبهم العادلة ومن المعلوم أن رئاسة مجلس الوزراء مقيدة بالموافقة الرسمية لاتحاد النقابات ففي 25مارس 1996إصدرت إلامانة العامة لمجلس الوزراء خطابأ واضحا يحدد ان قرارات الغاء الوظائف مرتبط بموافقات صناديق المعاشات والتأمينات ووزارة المالية واتحاد نقابات عمال السودان
لحماية حقوق العمال وسرعة الحصول عليها وعلى ذلك فان مطالبات عمال البريد تتحول مباشرة إلى اتحاد النقابات باعتباره الجهة المنوط بها حماية حقوقا لعاملين


ولا ننسى ما ظل يكرره قادة اتحاد النقابات
- لن يفصل عامل بعد اليوم (بعد الغاء مادة الفصل للصالح العام في قانون الخدمة)
- لن يفقد عامل وظيفته بسبب الخصخصة ويستوعب العمال في المنشأة الجديدة.
- أي عامل يفقد وظيفته ولم يستوعب في المنشأة الجديدة: يتم ايجاد وظيفة أخرى له أو يصرف مرتبه الى حين بلوغه سن التقاعد القانوني.

وفي الممارسة لا شئ يحدث من تلك الوعود. وما بين تصريحات قيادات اتحاد العمال الوردية وشجب واستنكار القوى الأخرى للخصخصة العشوائية تضيع حقوق العاملين ويتنزل العقاب على افراد العائلات ألوانأ، ومن بين معذبي الخصخصة اطفال المدإرس وتلاميذ الثانويات وطلاب الجامعات (ذكورأ واناثا) ويضطر كثيرون لترك مقاعد الدراسة وبعضهم يختار العمل والدرس معأ فتعرفنا على الطلاب العمال والطالبات العاملات الشريفات والماجدات .
ان العاملين بالبريد والبرق لم يتقدموا باستقالات عن العمل وكان من المتصور استمرار خدماتهم حتى بلوغ سن التقاعد القانوني أو الوفاة أو العجز. . ورتبوا إمور حياتهم على هذا النحو ومع اخراجهم قسرأ من وظائفهم بالالغاء من الطبيعي ان تلحق بهم اضرار مختلفة الاشكال وفي نفس الوقت لا يوجد نظام للتأمين ضد البطالة قد يوفر لهم الحد الادنى والمؤقت من الدخل حتى الحصول على رزق جديد. . ولا تعمل الدولة بنظم المساعدات الاجتماعية . . فماذا يفعل فاقدو الوظائف ؟. . وسوق العمل أصبح من الصعوبة الحصول على وظيفة فيه ، خاصة بعد بلوغ سن الخمسين ، والسوق يفيض بالعطالة والخريجين غير الدستوعبين والعمالة الاجنبية رخيصة التكلفة لأنها مهدرة الحقوق .
ثم كان قرار المجلس الوطني رقم (9) في جلسة المجلس رقم (13) من دورة الانعقاد الرابع بتاريخ 8مايو 2007والذي جاء فيه :-
اعداد وتصميم برنامج لاعادة تأهيل المحالين للتقاعد جراء الخصخصة والغاء الوظائف حتى يستطيعوا المواكبة .
تفعيل وتمويل صندوق المتأثرين بالخصخصة والغاء الوظائف الذين لم يتم تعويضهم وذلك عبر لجان تشكل بواسطة مجلس الوزراء يمثل فيها المتأثرون بالخصخصة والغاء الوظائف .
الذين تمت احالتهم بسبب الغاء الوظيفة أو الخصخصة ولم تسو لهم حقوقهم التعويضية والمعاشية يجب سدادها لهم فورأ من وزارة المالية .وها نحن نقترب من العام الثاني من بعد القرار رقم (9) ولم ينفذ شئ من برنامج التأهيل ولا تفعيل صندوق الخصخصة ولا تمويله . . إلى آخر الدخان الذي غطى الفضاء العريض (:) ويكون سليما موقف نقابة عمال البريد عندما تحفظت على تاريخ الغاء الوظائف من قبل الاتفاق على حقوق العاملين فالتجربة اكدت – بقرار المجلس الوطني رقم (9) ان هناك عمالأ الغيت وظائفهم دون حقوق تعويضية ومعاشية لاكثر من عشر سنوات .
وصندوق دعم المتأثرين بالخصخصة كان يمكن ان يكون سندأ للعمال وتجربة فريدة في غياب نظم المساعدات الاجتماعية وتأمين البطالة لكن الحقيقة انه مجرد فكرة ومن بعد أول خطوة خطاها توقف نهائيا. وتراكمت مساهمات الحكومة على الورق بأكثر من اربعين مليارأ ثم تحول الى شكل من اشكال الالتفاف حول المعايير الدولية التي تحكم الغاء الوظائف وصندوق دعم المتأثرين بالخصخصة اصبح هو نفسه في أمس الحاجة إليها .
والعمال الذين يفقدون وظائفهم يحتاجون للعون القانوني الذي يمكنهم من استرداد بعض حقوقهم وليس هناك من يمد الأيادى. فقرار المجلس الوطني رقم (9) لم ينفذ فما هي الاجراءات المطلوب من المستفيدين اتخاذها؟ وقوانين الخدمة لا يتم التقيد بها فإلى أين يتجه العمال ؟ فالنائب الاول لرئيس الجمهورية (مايو 99) وجه بحسب خطاب السيد وزير رئاسة مجلس الوزراء بانه يجب :-
الالتزام بقوانين ولوائح الخدمة بالنسبة للاحالة للتقاعد او الغاء الوظائف .
وعلى الامانة العامة لمجلس الوزراء التأكد من سلامة الاجراءات قبل اصدار القرار، قرار الغاء الوظائف وذلك بالتأكد من موافقة ومشاركة كل الاطراف المعنية .
والمذكرة التفسيرية لقانون الخدمة العامة أكدت :-
"أن الوظيفة العامة تعبر عن حاجة معينة . وعلى ذلك فلم يترك انشاؤها أو تغييرها أو الغاؤها لمجرد التصرفات الرئاسية لما قد يشوب تلك التصرفات من انطباعات ذاتية بعيدة عن المصلحة العامة . ولكن ربط ذلك بالضوابط العلمية والحاجة الموضوعية . وعليه فاذا دعت الضرورة التنظيمية عدم الحاجة للوظيفة وتم الغاؤها فيتم انهاء خدمة شاغلها. ويلاحظ ان تعيين أو اعادة تعيين أي شخص في الوظيفة الملغاة يعد تعسفا في استعمال السلطة وتنهض دليلا على عدم موضوعية سبب الالغاء . ولعل هذه المذكرة توضح ان انهاء خدمة الموظف أو العامل بسبب الالغاء الموضوعي للوظيفة لا يعني عدم امكان الاستفادة منه في وظيفة أخرى متى ما توافرت لذلك الاسباب والمبررات . ." وفي كل يوم نجد عشرات نماذج التعسف في استعمإل السلطة (الخطوط الجوية السودانية نموذجأ) ولا نجد من يمد الايادي للعمال الضعفاء. . ان العمال فاقدي الوظآئف ليسوا في حاجة الى قرارات أو نصوص اضافية في القوانين
الوطنية والاتفاقيات الدولية بقدر حاجتهم الى كيفية تنفيذ القرارات والنصوص السارية .
ومطالب عمال البريد والبرق في الطريق لالغاء وظائفهم هي استحقاقات قانونية وهي:
أولأ: الاتفاق على استحقاقات الفصل قبل استلام خطابات الغاء الوظائف وهذا من حقوقهم القانونية بحسب الاجراءات التي من المفترض أن تتقيد بها رئاسة مجلس الوزراء.
ثانيا: ا- تضمين الزيادات (البدلات والعلاوات ) للمرتبات قبل حساب الاستحقاقات وهو حق قانوني.
2- التعويض عن الفصل وهو ايضا من الاستحقاقات القانونية .
3- تنفيذ الترقيات ا~يدة خلال السنوات العشر الاخيرة قبل حساب الاستحقاقات وهو حق قانوني.
4- مراعاة شروط استحقاق المعاشات (الجديدة ) بعد ا/2004/4م .
والتعويض عن الفصل بسبب فقدان الوظائف للخصخصة والغاء الوظائف اقره صراحة القرار رقم (9) للمجلس الوطني القومي. وطبق في الممارسة تحت مسميات مختلفة (بند الاحسان ) و(منحة الوزير). . الى آخره لكن كل الجهات تفادت ان تطلق عليه اسمه الحقيقي: التعويض عن الفصل (:) ومعظم المخدمين بما فيهم الحكومة لجأت لانهاء الخدمات بالتراضي بما يمكنهم من حل مشاكلهم بعيدا عن قانون العمل الذي تم تصميمه قبل انطلاق السياسات المالية والآقتصادية للدولة وقطار الخصخصة السريع فقانون العمل لا يرتب أي تعويض في حالة الغاء الوظيفة بما يخالف الاتفاقيات الدولية والدستور المؤقت . . بل وجدنا في الممارسة ان ادارة العمل بولاية الخرطوم عندما رتبت لالغاء وظائف اعداد من سائقي العربات بخدمتها دخلت معهم في تفاوض من نتائجه الاتفاق على تعويض نقدي موحد الى جانب استحقاقات نهاية الخدمة القانونية وعمال البريد يستحقون ان يتم الاتفاق معهم حول التعويض عن الفصل موحدا أو بحسب مدة الخدمة ومستوى الاجر.
ان افظع اخطاء القوى السياسية المعارضة انها صورت زيفا لآلاف المفصولين ان انصافهم رهين بزوال الانقاذ، وان الذين الحقوا بهم الاضرار لن يرفعوها. . . إلى آخره وان الذين يقتربون من اتحاد نقابات عمال السودان انما هم عملاء للموتمر الوطني (!) أو من الذين انكسروا (!) إلى آخر الترهات والابتزاز السياسي في حين ان قيادات من القوى السياسية المعارضة منحت نفسها حق الاجتماع واكل الملح والملاح مع كل قيادات واجهزة الحكومة ولم تؤجل قبض التعويضات النقدية حتى زوال الانقاذ. . فلماذا يطلبون من العمال الانتظار حتى الموت جوعأ؟!
واليوم ، متى انتظم العمال المتأثرون بالخصخصة والغاء الوظائف واقاموا روابطهم وجمعياتهم فانهم يستطيعون بالتضامن اسرترداد حقوقهم القانونية واذا كان ثمة كلمة اخيرة للعاملين بالبريد وإلبرق فإنه يجب عليهم الاعتماد على أنفسهم أولأ وأخيرأ بوحدتهم وتنظيم صفوفهم التي تجمع الذين فقدوا وظائفهم والذين في الطريق وان يوجهوا جهودهم نحو اتحاد نقابات عمال السودان ووزارة العمل ورئاسة مجلس الوزراء فهم اصحاب الحل والعقد حتى يقضي الله أمرأ كان مفعولأ. .