Wednesday, February 4, 2009

التحلل من الأفكار والنظرية هي القضية.. لا الإبقاء على اسم الحزب «1-2»

صحيفة الصحافة
تعقيب على تاج السرعثمان
التحلل من الأفكار والنظرية هي القضية.. لا الإبقاء على اسم الحزب «1-2»
محمد علي خوجلي
باعتبار أن تغيير اسم الحزب الشيوعي السوداني من المعروضات أمام المؤتمر الخامس تحت قبضة التيار اليميني، قدم السر بابو بجريدة «الصحافة» بتاريخ 18 ديسمبر 2008م، بياناً للمنطلقات الفكرية والنظرية لاسم الحزب الشيوعي، داعماً الابقاء على اسم الحزب بعد نهاية مرحلة التمكين الطويلة، مرحلة التحلل النهائي من الأفكار والنظرية باسم التجديد، ومهادنة كل الخصوم وأولهم الحركة الإسلامية السودانية وأحزابها عبر الحقب المختلفة.
واعتقد أن دعوة بابو - الآن - للابقاء على اسم ا لحزب الشيوعي، هي من اشكال صرف الاخطار عن اصل المسألة: مسألة محتوى الحزب وتوجهاته ونظريته. وهذه الدعوة الكاذبة تقتدي بتجارب أحزاب شيوعية «ستالينية» قليلة، هيمنت عليها التيارات اليمنية، حيث اختارت حل نفسها من داخل مؤتمراتها بالتحلل من الأفكار والنظرية تحت رايات التجديد مع الابقاء على اسم الحزب الشيوعي، وأكدت التجارب ان هناك احزابا شيوعية «ستالينية» حكمت عقودا من الزمان واندثرت ولم تحمل اسم الحزب الشيوعي، وكونها لم تحمل الاسم لم يمنع موتها «الحزب الألماني نموذجا».
وبيان السر بابو لم يضف جديداً لما ظل متداولاً ومنشوراً في مطبوعات الحوار الداخلي او وسائل النشر الاخرى، ومنها الصحف اليومية «البرجوازية» التي يفضلها قادة الجهاز في الحزب الشيوعي على صحيفة الحزب !! وهدف المقال- التعقيب - اثبات ان الفصل بين محتوى الحزب وطبيعته، والانقلاب على طبيعة الحزب مع الابقاء على الاسم، هي من الفخاخ الاخيرة المنصوبة.
وكما اتبع مشروع التقرير للمؤتمر الخامس اسلوب ترصيع ثوبه الرث بجواهر ادبيات المؤتمر الرابع دون الاشارة الى ذلك، فإن السر بابو كتب:
«إن المهم هو محتوى الحزب وتوجهاته الطبقية المنحازة للطبقة العاملة والكادحين، وتوجهاته الفكرية التي تتخذ من الماركسية هاديا ومرشدا لدراسة الواقع من أجل استيعابه وتغييره الى الافضل..».
إن مشروع التقرير الرئيسي حدثنا عن «حزب العاملين» و«حزب المنتجين» للدلالة على حزب الطبقة العاملة، ولم يكتف بذلك، بل زاد الغموض غموضاً عندما جعل له عنوانا «علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة»، وهو ما يمكن قراءته مع العناوين الاخرى التي جاءت فيه.. الحزب الشيوعي وقضية المرأة، الشباب، الطلاب. ولا يخفى أن الشباب والطلاب والنساء فئات اجتماعية منشطرة طبقيا، في حين ان الطبقة العملة هي الطبقة العاملة. والحزب الشيوعي هو حزبها الذي يتبنى قضاياها ويرسم برامجه لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها من عمال زراعيين ومزارعين اجراء وارباب مهن صغيرة وعموم الكادحين.. والطبقة العاملة هي الطبقة الوحيدة التي تمنح شهادة الميلاد للحزب الشيوعي السوداني واي حزب شيوعي في أي مكان في الدنيا، والتي لها الحق ايضا ان شاءت ان تمنحه شهادة وفاته».
فهل يستقيم الابقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني، في الوقت الذي تطلق فيه افكار ممن شاكلة علاقة الحزب الشيوعي بالطبقة العاملة ؟! وهل يخفى على أحد أن من خواص العلاقات انها قد تكون قابلة للازدهار والتطور مثلما تكون قابلة للذبول والفناء.. هل هذا يعني اي شيء سوى التخلي عن السير في طرق الحزب الشيوعي ونظريته؟!
وفي اول علاقة للحزب الجديد، سواء ابقي على اسم الحزب الشيوعي السوداني او اختار اسما جديدا مع الطبقة العاملة السودانية من خلال مشروع التقرير الرئيسي، تجنى على الطبقة العاملة وشوَّه نضالها صراحة عندما جاء فيه:
«والطبقة العاملة تواصل نضالها بهذا المستوى او ذاك.. من أجل دعم القطاع العام ورفض الخصخصة العشوائية وسياسات التحرير الاقتصادي..»
فهل رفض الخصخصة غير العشوائية يدعم القطاع العام؟ الحقيقة أن الطبقة العاملة السودانية وكافة الشرفاء يواصلون النضال ضد الخصخصة في حد ذاتها، بوصفها احد معاول الهدم للقطاع العام. والحقيقة أن التيار اليميني في الحزب الشيوعي السوداني وحده الذي يقبل الخصخصة ويرفض العشوائية.. وهذه مصالح اقتصادية لفئات اجتماعية، ومن حق قيادة جهاز الحزب الشيوعي الدفاع عن مصالحها، ولكن ليس باسم الطبقة العاملة السودانية، ولا باسم الحزب الشيوعي السوداني.
إن إشارة السر بابو لأهمية محتوى الحزب وتوجهاته القارية والطبقية، ليس من اهدافها العودة الى اصل القضية او التوقف برهة، بل القفز فوقها وكأنها تمام التمام، حتى وصل الى آخر المقال مفيدا بأنه بمراجعته لكل الحجج التي قدمت لتغيير اسم الحزب، توصل الى انها غير مقنعة، وبالتالي يرى الإبقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني.
وهذا الموقف الداعم للابقاء على الاسم، هو موقف مزيف من شيوعي مزيف اجاز من موقعه في اللجنة المركزية «التي عينها الجهاز» وبالاجماع، وثائق المؤتمر الخامس التي تكشف بجلاء محتوى الحزب وتوجهاته الفكرية المعادية للماركسية باسم النهج الماركسي، والموقفان متضاربان، فما هو مقدم للمؤتمر الخامس نتيجته الطبيعية تغيير اسم الحزب الشيوعي السوداني. ووثائق المؤتمر تصلح وثائق لمؤتمر اي حزب سوداني آخر، لكنها لا تصلح للحزب الشيوعي السوداني، حتى لو تم الابقاء على الاسم.
فاذا تمت إجازة مشروع الدستور كما نشر، فإن تلك الإجازة لا تعني شيئاً بخلاف الموافقة على حل الحزب الشيوعي.. وحل الحزب الشيوعي السوداني يتطلب أن يكون للحزب بعد الحل اسم جديد، والفخ هو حل الحزب تحت رايات التجديد والإبقاء على الاسم. ويبدو أن هذه هي أهم دوافع الجهاز، وأن السر بابو ينفذ بإخلاص تكليفات اللمسات الأخيرة قبل لحظة الوداع، ومعروف ان المؤتمر الخامس لن يناقش، كما جاء، تغيير الحزب، او الابقاء عليه في صورة المؤتمر المنعقد، بل سيتم ايكال الامر الى «لجنة» مهمتها رصد حجج الفريق الداعم للابقاء على الاسم والفريق الذي يطالب بتغييره، اتساقا مع تجديد المفاهيم والافكار والبنيات.. الى آخر بحسب المنهج الماركسي.. وحتى الآن لم يتعرف أحد على ذلك «المنهج الماركسي»..!!
ان المنهج الماركسي المعلوم «قبل التأصيل» هو اساسيات الماركسية: المادية التاريخية وجدلها التحليلي، قوانين الدياليكتيك والاقتصاد السياسي المؤسس على طبقية المجتمعات لدراسة الواقع عامة والسوداني خاصة وتراثه واستقراء مستقبله، وان افكار علم الماركسية برهن على انه مرشد لنظرية الحياة عندما تتعامل مع الواقع الموضوعي. كما أثبت التاريخ أن افكار العلم الماركسي عندما تكون بعيدة عن الممارسة والفعل الثوري، تتحول الى جثة هامدة.. ولن يحدث أن يحس المواطن العادي بأهمية تلك الافكار او قيمتها، فذلك يتم فقط من خلال الحياة، حياة المواطن باعتباره بشراً.
ومشروع الدستور تخلى صراحة عن الماركسية، ففي حين نجد أن دستور المؤتمر الرابع قد نصَّ على: يهتدي الحزب الشيوعي بالنظرية الماركسية، فإن مشروع دستور الحزب الجديد نصَّ على: يسترشد الحزب بما توصلت اليه البشرية من معارف لمصلحة السودان وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة والنابع من الانتماء العربي والافريقي، فكيف يتم الابقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني؟
وكتب المعلم عبد الخالق «مجهول القبر مع رفاقه من الشيوعيين الثوريين»:
«إن الالتزام بنظم الحزب ولوائحه ليست من الأمور الشكلية او الاجرائية، وان احتقارها هو خطوة متقدمة في طريق السير للتخلي عن الحزب ونظريته».
وللتأكيد على سير التيار اليميني في طريق التخلي عن الحزب ونظريته، ننظر الى الممارسة في هذا الحيز، فالمعروف انه من حقوق العضوية عند مناقشة مشروع الدستور «الجديد» وكما تقتضي نظم الحزب أن:
? يتم نشر الدستور الذي اجازه المؤتمر الرابع على العضوية، والمفترض انه يظل معمولا به حتى نهاية انعقاد المؤتمر الخامس.
? وأن يتم تحديد البنود المراد تعديلها بالحذف او الاضافة.
? وأن يتم بيان الأسباب العملية والدواعي الفكرية التي تستند عليها التعديلات، وعندما يتم ذلك وتجرى المناقشات، نكون امام صراع الأفكار.
فهل من المتوقع ادارة صراع فكري حول محتوى وطبيعة الحزب وتغيير اسم الحزب.. الى آخر..؟!
انظر: استبق جهاز الحزب الشيوعي السوداني المؤتمر الخامس، واجاز مشروع الدستور، فهو اعتاد احتقار نظم الحزب ودستوره، عندما تم اعداد كورسات التعليم الحزبي في عام 1996م، واعيد فيها النظر في عام 2003م، «البرنامج، اللائحة، متغيرات العصر..» الى آخر، فكان أساس التعليم الحزبي هو ما لم يتم اقراره في المؤتمر الخامس، ومن غير المستبعد أن يكون من بين مناديب المؤتمر من نالوا عضويتهم «بعد التأصيل» هذا اذا لم يكونوا مرشحين لعضوية الحزب...!! وانتهز السانحة للتعبير عن احترامي لكل رفيق رفض الاستناد على كورسات التعليم الحزبي بعد التأصيل وتمسك بنظم الحزب.
انظر: اعتمد السر بابو في الابقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني- ضمن اخرى- على دستور الحزب المجاز في المؤتمر الرابع، والنص الذي اورده في مقاله:
«إن الحزب الشيوعي بطبيعته هذه يهدف إلى تغيير المجتمع بإنجاز الثورية الوطنية الديمقراطية، والسير بالبلاد نحو الاشتراكية ثم الشيوعية... إلى آخر».
لكننا نعلم أنه اعتمد على السراب، فهذا النص لا مكان له في مشروع الدستور الجديد ولا ينبغي. وليس ذلك فحسب، بل أنه شارك من موقعه في اللجنة المركزية في شطب النص من المشروع، ليأتي في نفس الوقت ويعتمد على النص الذي شطبه في الدعوة للابقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني.. إنها دعوة كاذبة من شيوعي مزيف، ولجنة مركزية منحت نفسها حقوقاًًًًًًًًًً لا تملكها..!!
ونواصل.

No comments: