Sunday, February 15, 2009

حوار مع العضو الشيوعي السابق محمد علي خوجلي في إفادات ساخنة

العضو الشيوعي السابق محمد علي خوجلي في إفادات ساخنة:



حوار: امل مؤمن ورميساء يحيى
مع إعلان قيام مؤتمر الحزب الشيوعي، تنشط جهات وشخصيات لإبراز وجهة نظرها للمؤتمر.. وفي هذا الحوار يقدم محمد علي خوجلي ـ وهو أحد الذين تم فصلهم عن الحزب ـ إفاداته لـ «الصحافة». ? ما هي توقعاتكم لهذا المؤتمر؟ - في الواقع إن ما يمكن أن يخرج به المؤتمر الخامس للحزب رهين بالمهمات المطلوب انجازها. ونجد أن تركيبة المؤتمر وقيادة جهاز الحزب الشيوعي وضعت مهمتين، اولاهما ما اطلقت عليه «تجديد الحزب»، ثم شرعية القيادات، فالمؤتمر بمقياس القيادة ناجح تماما، وهي خططت تماما لنجاح مؤتمرها، وافلحت في اقصاء وطرد التيار المعارض لها من عضوية الحزب، واستطاعت بذلك الافلات من المحاسبة وتأجيل كتابة تاريخ الحزب الحقيقي و...... ? «مقاطعا» عفوا ولكن ما هي المحصلة النهائية لكل ما ذكرت؟ - باختصار سيتم حل الحزب ذاتيا بأداة المؤتمر، وقد يتم الاحتفاظ بالاسم امعانا في التضليل كما فعلت بعض الاحزاب الشيوعية في المنطقة، كما ان الابقاء على الاسم قد يربك استمرار الحزب الشيوعي. ? يعني أنت هنا تبدو متحاملا بعض الشيء.. الا تتوقع اي نجاح لهذا المؤتمر، خاصة أنه يأتي بعد فترة طويلة من آخر مؤتمر عام عقده الحزب؟ - نجاح المؤتمر من حيث تركيبته يعتمد أساساً على مقدار تعبيره عن قواعد الحزب بحق، أي بمقدار مراعاة الديمقراطية في التصعيد للمؤتمر، وكل الشواهد المتوفرة الآن لا تدعو للتفاؤل، خاصة ان من يتولى التحضير للمؤتمر نفسه يعاني من نقص في الشرعية الحزبية، واتجه نحو المؤتمر مكرها، واعتمد ذات الطرق الستالينية القديمة للتآمر لانجاز هذا الواجب. ومما جاء فإن ما يقدر بـ 70% من أعضاء المؤتمر هم من ولاية الخرطوم والمكاتب المركزية والهيئات، مقابل 30% للولايات الاخرى وفروع الحزب بالخارج، ولا نندهش إذا وجدنا أن معظم أعضاء اللجنة المركزية الجديدة من الذين لم يتم تصعيدهم من أسفل الى أعلى. ? نجد أن معظم قيادات الحزب الحالية تتحدث عن ضرورة التجديد وهذا شيء جيد.. إلا اذا كان لكم رأي في التجديد؟ - سأكون صريحا معكم، فنحن ليس لدينا رأي في التجديد، ولكن مفهومنا للتجديد يختلف عن مفهوم التيار اليميني له، فبينما نحن نرى ان تجديد الافكار والقيادات واساليب العمل تتم من خلال تقييم تجارب الحزب في مسار عمله اليومي وتجاربه بين المؤتمرين، مع مراعاة المستجدات على النطاق الوطني والاقليمي الدولي، فإننا بالمقابل نجد أن التجديد بمفهوم التيار اليميني هو حل الحزب كما ذكرت، مع الإبقاء على اسم الحزب أو ربما تغييره. وفي الواقع نحن نرى أن التجديد من الأمور الطبيعية، ولا تحتاج الى زفة او كورال أو استلاف أزمة الحركة الشيوعية العالمية لتكون هي أزمة الحزب الشيوعي السوداني. ? أنت ذكرت أن ما وصفته بمؤتمر التيار اليميني سيحل الحزب الشيوعي.. هذه النقطة تحتاج الى توضيح؟ - ما عنيته هو أن الدليل على إرادة حل الحزب الشيوعي يتمثل في مشروع النظام الاساسي ومشروع البرنامج، وهما يصلحان لاي حزب سياسي سوداني آخر بخلاف الحزب الشيوعي. فنلاحظ مثلا أن مقدمة مشروع البرنامج اكدت حرصها على مصالح الطبقة العاملة وعموم الكادحين، ولكن عند بحث المشروع لا نجد شيئا من ذلك، بل اعتمد المشروع على التلاعب بالمفردات في محاولة اخفاء حقيقة البرنامج، وعلى سبيل المثال استخدم البرنامج مفردات مثل «التنمية الواعية»، و«التنمية المستقلة» كبديل للتنمية الرأسمالية التابعة، بل أن مشروع البرنامج وهو يطرح استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية أحال للدولة «الحكومة» مهمة رسمها، وبالتالي رفع الحزب يده تماما عنها، بمعنى أنه يترك مهمة التنمية التي يبشر بها للحكومة، لذلك يمكن القول إن مشروع البرنامج تم تصميمه لتلبية طموحات واحتياجات الطبقة الرأسمالية بالتالي ضاعت فيه مصالح الطبقة العاملة، مشروع النظام الاساسي، فقد تخلى صراحة عن الايديولوجية وطمس طبيعة الحزب ومحتواه، وواصل تكريسه للستالينية، وهذا باختصار ما عنيته في حديثي معكم عن الحل الذاتي المقصود الذي سيتم، بدلالة أن مشروع النظام الأساسي ظل معمولاً به لعدة سنوات، فماذا نتوقع من المؤتمر الخامس..!! ? ظللت تقدم نقدا لاذعا لقيادات الحزب، وهي القيادات التي استلمت قيادة الحزب في ظل ظروف صعبة، وتعرضت للاعتقال والتعذيب والتشريد.. الى ماذا ترمي من وراء هذا النقد على قيادات الحزب؟ - إننا نفرق تماما بين عضوية الحزب الشيوعي والحزب المؤسسة، وبين قيادات جهاز الحزب التي ظلت تحتكر سلطة الحزب بوضع اليد، وبقيت لسنوات طويلة يعين بعضها بعضا، وبالتالي هي تخدع نفسها عندما تظن ان الحزب الشيوعي هو عبارة عن ملكية خاصة لجهاز المتفرغين المندمج في هيئات الرقابة والمعلومات، لذلك فإن استيلاء هؤلاء على الحزب وانقلابهم على نظمه ولائحته شيء، والحزب المؤسسة وعضويته شيء آخر. وأكدت تجربة انهيار الأحزاب الشيوعية العالمية أن لاجهزة الاحزاب تلك مصالحها باعتبارها فئات اجتماعية طفيلية، لذلك سرعان ما تحول افراد تلك الاجهزة الى اعداء صريحين للماركسية بعد اقامة احزابهم الجديدة الرأسمالية، وتبني سياسات التحرير والسوق الحر والخصخصة غير العشوائية..!! ونلاحظ ان المنهج الستاليني القديم يرى أن كل من ينتقد السكرتير العام سيجعل من انتقاده هذا مدخلا للهجوم على الحزب، وطبعا المقصود من الحزب جهازه، فالسكرتير العام هو رئيس جهاز الحزب. ولكننا الآن نعيش في عصر التعددية الفكرية، وبالضرورة التعددية التنظيمية، متى ما لم يتم الاعتراف بالتيارات في اطار الفكرة الواحدة. ? ماذا تعني بقولك إن قيادة الحزب افلتت من المحاسبة ومازالت تتبع المناهج الستالينية؟ - ما قصدت ذلك، لكن بعد اقرار مشروع التقرير الرئيسي للمؤتمر فإن المركزية المطلقة «الستالينية» قد سادت في الحزب، وأنه تسببت في مصادرة الديمقراطية الداخلية وتجميد برنامج الحزب، وكل ما قرره المؤتمر الرابع بشأن استقلالية فروع الحزب وديمقراطية التنظيمات الديمقراطية والجماهيرية ..الخ، وما حاق بالعضوية من فصل وطرد من الحزب بسبب الخلافات الفكرية التي كان يتم إجهاضها بالاجراءات التنظيمية ...الخ، وبعد ذلك الاقرار كان المطلوب كشف الأخطاء السياسية والتنظيمية وجرائم الستالينية وتصحيح الاخطاء ورد الاعتبار للضحايا ومحاسبة المتسببين، لكننا نجد أن المتسببين هم الذين يتولون الآن مهام التحضير للمؤتمر ومهام التجديد، وهم بذلك يفلتون من المحاسبة، أما بخصوص مواصلة تكريس الستالينية فأنا اعطيكم نموذجا واحدا.. فإننا نجد ان مشروع النظام الاساسي قد نص على أن اللجنة المركزية هي القيادة الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب ما بين المؤتمرين، وهذا هو جوهر الستالينية «احتكار القيادة»، وهذا النص لا يكتفي فقط بقتل المبادرة، بل يحظر أيضا صراع الأفكار، ويحول كل الكادر والعضوية ما دون اللجنة المركزية لمتلقين ومنفذين للاشارة. وفي السياسة العملية اليوم اتذكر انني اوضحت ان النظام الاساسي الموجود معمول به قبل نشره على العضوية..!! ونجد أن النص طبق حرفيا عند مشاركة الحزب في السلطة السياسية باسم التجمع الوطني الديمقراطي، هذه هي القيادة السياسية..!! ونشاهد يوميا الارتباك في مختلف القضايا، ومنها قضية مبدأ السيادة الوطنية، واكتفي بما ذكره تاج السر عثمان بابو في سودانيز اون لاين، عندما قال إن موقف محمد ابراهيم نقد من توقيف البشير مخالف لخط الحزب السياسي. وشخصيا لا اتوقع مناقشة تلك القضايا في المؤتمر الخامس. ? هل تتوقع أن يتم انتخاب محمد ابراهيم نقد سكرتيرا عاما مرة اخرى؟ ام ان هنالك آخرين جددا؟ وما هو موقفكم انتم؟ - اريد ان اوضح لكم في البدء أن كل عضوية الحزب الشيوعي متساوون في الحقوق والواجبات، وهم جميعا مناضلون من أجل القضية، واختيار القيادة يجب ألا يتجاوز مفهوم الادارة وتنسيق الانشطة، ولذلك فإن العمل القيادي لا تقصد به اللجنة المركزية، بل القيادات على جميع مستويات الحزب، وأهمها القيادات في فروع الحزب، التنظيمات القاعدية. وبسبب الاختلاف في هذا المبدأ فإن القيادة الجماعية في الحزب تتلاشى. وثانياً نجد ان محمد ابراهيم نقد لم يكن سكرتيرا عاما للحزب..!! وحتى عندما تم انتخابه سكرتيرا سياسيا للجنة المركزية تم ذلك بالتكليف الى حين انعقاد المؤتمر الخامس، وبما أن نقد يجد قبولاً من اليمين في السلطة والمعارضة معا، فهناك امكانية لفوزه إذا ترشح. والذي يبدو صراعا في الظاهر ليس صراع أفكار، بل على سلطة الحزب من شرائح تيار واحد هو التيار اليميني، ولا فرق عندي بين نقد والشفيع وبابو، لذلك فإن مثل هذه الترشيحات لا تعنيني كثيرا. ? ما هي القضايا الأخرى التي ترى أن على المؤتمر الخامس أن يهتم بها؟ - هناك قضايا على مستوى الحزب غير قابلة للتأجيل، واهمها مبدأ الديمقراطية المركزية الذي تم حذفه من مشروع النظام الاساسي، ومشكلة الكادر او العمل القيادي وهي قضية مؤجلة منذ المؤتمر الرابع، ومشكلة اعضاء الحزب المسرحين والمطرودين ومنحهم حقوقهم اللائحية، الى آخر المقترحات التي قدمها الأستاذ بشرى الصائم عضو الحزب الشيوعي في رسالته المفتوحة للمؤتمر التي أثارت قضايا مهمة ذات علاقة بتنظيم الحزب التي سلمت لادارة المؤتمر وسكرتارية اللجنة المركزية، كذلك نرى أن على المؤتمر الخامس التعرض للاتفاقيات الموقعة مع الحكومة، مبتعدا في ذلك عن التبسيط وعن قراءة الآخرين مثلا لموقع نيفاشا في مجرى حركتنا السياسية. واعتقد أن ما افتقده موقف الحزب تجاه الاتفاقيات كلها ونيفاشا على وجه الخصوص، هو النظر اليها من خلال المنهج الطبقي، وهذا يعني اختلال الموقف الحزبي وفقده لاستقلاليته ويصبح ذيليا، لذلك ننتظر من المؤتمر الخامس أن يخرج بهذه القضية الى حيز الوضوح الفكري من الموقع الثوري، وأن يصوغ خطابا لابناء الجنوب على وجه الخصوص يساهم في تطوير وعيهم وادراكهم ويقربهم من معارك التطور الاجتماعي. فتصحيح الموقف من كل الاتفاقيات، هو مدخل كبير لإعادة معالجة موقف الحزب الشيوعي من قضايا جماهير القطاع التقليدي، كما هو في المصطلح الموروث أو قضايا المهمشين في التعبير الدارج اليوم، ولا ساعد في هذا السبيل التخلي عن مفهوم «الثورة الوطنية الديمقراطية» لصالح مفهوم «النهضة»، فمن يريد أن يخرج مفهوم الثورة من المصطلح لا يرغب في إجراء تغيير عميق في علاقات الانتاج الاجتماعية، بل يرغب في نهوض علاقات الانتاج الحالية في الريف والمدينة من الناحية الكمية على أساس إصلاحات غير جذرية أدنى من الإصلاح الزراعي الديمقراطي الذي يمس اوضاع المزارعين والرعاة مسا جذريا.. وبدون برنامج ثوري للريف لا يمكن أن يتم بناء حلف مع حركة الريف الناهضة، وسيظل الحزب الشيوعي يستجدي هذا الحلف الى الأبد إن هو تنكر لبرنامجه الثوري الديمقراطي الذي نجد أسسه الناضجة في أعمال عبد الخالق محجوب «حول البرنامج»، حيث تلعب السلطة الوطنية الديمقراطية دورها المركزي في التنمية، وفي استخلاص ومعالجة الفائض، وهو موقف مناقض لموقف دعاة الخصخصة والسوق الحر وآلياته. ونحن أيضا ندعو المؤتمر الخامس الى معالجة التناقضات التي يحفل بها مشروع البرنامج، إن كان يرجو للحزب أن يضع اقدامه على الطريق التي توصله الى حلف مع جماهير وتنظيمات الريف السوداني. وتتاح له فرصة الآن لا تعوض لخطاب عميق للجماهير في جنوب الوطن وفي دارفور وكردفان وفي الشرق والوسط. وفرصة لبناء قواعد الحزب هناك من جديد على أساس ثوري ووفقا لخصوصية كل منطقة، وأن يعالج مرة أخرى وعلى أساس التطورات الحالية قضايا الحلف الوطني الديمقراطي، واضعا في الاعتبار الظرف الموضوعي والذاتي الذي خلفته مناهج العمل اليمينية التي قلصت وجود الحزب وأخفت وجهه.

No comments: