Wednesday, February 4, 2009

تحوَّلت من أداة للجريمة لشاهد ثم ضحيَّة خارج الحظيرة

صحيفة الصحافة


تعقيب على تاج السر بابو
تحوَّلت من أداة للجريمة لشاهد ثم ضحيَّة خارج الحظيرة
. حسن حامد حمدوك

كتب السر بابو القيادي بالحزب الشيوعي السوداني الذي لم ينتخبه أحد لأي موقع حزبي طيلة الثلاثين عاماً الماضية، حتى أصبح عضواً معيّناً باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، فيما أطلق عليه المرافعة الأخيرة قبل المؤتمر الخامس بجريدة (الصحافة) بتاريخ 3 يناير 9002م أنهم -ولا ندري من هم- ناقشوا كل الماركسيين خارج الحزب، وأن مشروع التقرير طالب كل الذين انقطعوا عن الحزب لأسباب مختلفة بالعودة. «وأنهم» يرون أن هنالك حادبين على الحزب حتى وهم خارج الحزب وهناك من يريد أن يدمّر الحزب «وهم» يعرفونهم وكذلك منطلقاتهم.. إن السر بابو «وهم» ومشروع تقريرهم مستمرون في ستالينيتهم الفظّة. وستالين نفسه اتبع ذات الطريق بعد تزايد الضغوط عليه وبتياره اليميني.. وهم في الحزب السوفيتي السابق الذي حلَّ نفسه في نهاية المطاف ناقشوا كل الشيوعيين الثوريين الذين طردوا من العضوية أو خرجوا من الحزب للخلافات الفكرية التي لم تحسم بطرق والإجراءات التنظيمية الصحية. واستجابت أعداد من الشيوعيين السوفيت بمن فيهم أعضاء منتخبون في اللجنة المركزية للعودة للحظيرة بل إن ستالين دعاهم للمشاركة في مؤتمر الحزب وانتخب من بينهم أكثر من عشرين عضواً باللجنة المركزية الجديدة، وكانت النتيجة أن فقد معظم هؤلاء أرواحهم بين المؤتمرين بأوامر ستالين.. ونتعلّم من هذه التجربة أن أكبر الأخطاء التي وقع فيها من دخلوا الحظيرة مرة أخرى أنهم عادوا مع احتقارهم لنظم الحزب ولوائحه عندما اسقطوا مبادئ المحاسبة وتصحيح الأخطاء والنقد والنقد الذاتي وقبلوا بالعودة للحزب مفتوح الأبواب بإثر انحناءة ستالين وتياره اليميني المؤقتة للعاصفة.. «وهم» في السودان ينقلون تجارب الستالينية القديمة نقل المسطرة.. ومع ذلك تفوق جهاز الحزب الشيوعي السوداني على ستالين نفسه عندما جعل له شروطاً سرية للاستيعاب ودخول الحظيرة مرة أخرى عندما فرض وصايته ومنح نفسه حقوقاً لا يملكها عندما قسم الذين خرجوا أو طردوا من العضوية أو تم تسريحهم إلى «حادبين» و«أعداء» في حين لائحة الحزب تقرر أن عضوية الحزب متساوية في الحقوق والواجبات وأن شروطهم السرية وتعنتهم المسبق يجعل من الحزب «ملكية خاصة» لجهاز المتفرعين ويصادر حقوق فروع الحزب المسؤولة عن تحديد جدارة عضو الحزب من عدمه.. وأن بابو وجهازه يتناسون أن معظم الذين سرّحوا أو طردوا من الحزب لم يخضعوا للإجراءات اللائحية ومعظمهم تمت محاكمتهم سراً ودون إبلاغهم بقرارات الفصل والطرد وأغلبها عبارة عن اتهامات كيدية وسماعية ودون أدلة دامغة. إن نداء العودة والأبواب مفتوحة لدخول الحزب هو التفاف غبي على لائحة الحزب ومبدأ محاسبة القيادات التي ظلمت وهمّشت وطردت وساءت إلى العضوية كما أقر مشروع التقرير. وهم يعلمون أن فتح الملفات والاستماع للضحايا بدون شروط سيكشف حقيقة من هم أعداء الحزب الذين يعملون على تدمير الحزب من الداخل. وإنني أعترف أمام الشعب السوداني والحزب الشيوعي السوداني، بالأخطاء الفظيعة التي شاركت فيها عندما كنت من أدوات التآمر على رفاقي من عضوية الحزب واعترف بمشاركتي مع بعض قيادات الحزب «المستمرين في قيادة الحزب حتى اليوم» في فبركة الوقائع والكذب الشنيع، ومن بين ذلك الاتهام «السري» الذي لا يعلم عنه المطرود من عضوية الحزب شيئاً بأنه يعمل مع مخابرات دولة أجنبية«!». نعم، إنني شاهد على تلك الأفعال القبيحة التي تتنافى مع الأخلاق دعك من أخلاف الشيوعيين الثوريين. ثم أدركت في ما بعد كيف أن الستالينية في كل مكان تتخلّص من أدواتها والشهود على جرائمها، فكان تحولي إلى ضحية.. بالأكلشيه.. «إلى مذبلة التاريخ». وفهمت بعد ذلك قول الشهيد خضر نصر عضو اللجنة المركزية المنتخب من المؤتمر الرابع الذي أسهمت في الحملة ضده «إن العمل القيادي بغرض الحراسة على تنظيمات وفروع الحزب يصادر الديمقراطية.. إن القيادة الحالية تعمل على تصفية الحزب بتأن وهدوء وحذر». جاء في مشروع التقرير:- إن التطبيق الخاطئ لمبدأ الديمقراطية المركزية قاد إلى: أن ينفتح الباب واسعاً للغرور والتعالي وللممارسات التي تؤدي إلى استغلال الهيئات الحزبية والفروع واحتكار المواقع القيادية والبلاغات الكيدية. ولحق النقد في القواعد دون القيادات. لقد قضيت في الحزب ثلاثة وعشرين عاماً حتى تاريخ أكلشيه «إلى مذبلة التاريخ» في 9991م، تحولت من شاهد إلى ضحية بعد أن تم فصلي من داخل سجن كوبر. وبالطبع فإن القرار لم يصدر من فرع الحزب ولا من قيادة المدنية التي كنت مدركاً لكل مفاصل عملها السري وأجزاء من عمل المديرية وكذلك عضويتي في هيئة «رجب» ذات المهام الخاصة وذات سرية بالغة وكنت متابعاً لحلقات العمل السري وزملاء مختفين وأماكن سكنهم، كل ذلك لم يمسسه سوء ولا ارشيف الزملاء ولا مخزن الغسيل.. إنها فبركة الوقائع التي شاركت فيها القيادات الحالية. والجدير بالذكر أن إحدى الصحف اليومية وبعد اعتقالي مباشرة وقبل التحقيق معي من قبل جهاز الأمن كتبت في المانشيت الثاني بعد الرئيسي (قيادي شيوعي كبير يسلِّم شنطة بها وثائق تهم الحزب الشيوعي السوداني).. إذاً، جهاز الأمن يكشف عملاءه بالصحف اليومية أي جهاز أمن هذا!! كتب الأستاذ يوسف حسين في المناقشة العامة: وقد قادت شخصنة الحزب، لأن تتوهّم الفئة المهيمنة في قمة الهرم أن قيادة الحزب أصبحت ملكية خاصة لها. ولغيرها من أنواع الملكية الخاصة بها فهي واجبة الذود عنها بالنياب والظفر بوصفها حمى مقدسة. وأنهم هم الحزب ومن يحاول انتقادهم فقد أوقع نفسه في الشبهات بل وولج أبواب المنكر والحرام -وتتم مواجهته بسيف المركزية المسلول على الرقاب دائماً ورميه بنبال الإجراءات التنظيمية ومن ثم فتح أبواب الاتهامات: تكتلات، انقسامات، عملاء... الخ. ثم تبدأ التصفيات والأبعاد والفصل والتهميش وإفراغ الحزب على هذا النحو من خيرة كادره وبالتالي إضعاف نفوذه. إذا كان هذا هو واقع الحال، فكيف يطلب من الضحايا العودة إلى الحزب دون محاسبة المتسببين؟ فالعفو يقرره الضحايا! والحقيقة أن الذين يجب أن يذهبوا إلى مذبلة التاريخ هم الذين يقررون الآن داخل الحزب «كما أن الذي يقرر الذهاب إلى مذبلة التاريخ هو الشعب السوداني وحده». الحل واحد وواضح، فتح الملفات أمام فرع الحزب بما يساعد في كشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين

No comments: