Saturday, May 31, 2008

تنظيم التشغيل وخدمات التأهيل في قانون العمل (2-2)

تنظيم التشغيل وخدمات التأهيل في قانون العمل (2-2)

محمد علي خوجلي

مشروع قانون العمل الاطاري يتسق كثيراً مع اتفاقية (سياسية العمالة) في تنظيم التشغيل وما جاء فيها من اعلان سياسة نشطة ترمي الى تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة بحرية وبذل الجهود لتطبيقها بوصفها هدفاً أساسياً والعمل على تحقيق:
أ/ ان يكون هناك عمل متاح لجميع اولئك المستعدين للعمل والباحثين عنه.
ب/ وان يكون هذا العمل منتجاً قدر المستطاع.
ج/ وان تتوفر الحرية في اختيار نوع العمل وتتاح لكل عامل اكمل فرصة ممكنة ليصبح أهلاً للعمل الذي يناسبه وليضع في خدمة هذا العمل مهاراته ومواهبه أياً كان عرقه او لونه او جنسيته او دينه او رأيه السياسي..الخ.
وأنه على السياسة المذكورة ان تراعي مرحلة التنمية الاقتصادية ومستواها والعلاقات المتبادلة بين أهداف مرحلة العمالة والأهداف الاقتصادية والاجتماعية الاخرى، وأن يأخذ العمل على تطبيقها بأساليب تتفق مع الظروف والممارسات القومية.
في جمهورية مصر العربية تتولي وزارة القوى العاملة رسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنظمة وعلى الأخص عمال الزراعة الموسميين وعمال البحر وعمال المناجم والمحاجر وعمال المقاولات. ويصدر وزير القوى العاملة بالتشاور مع الوزراء المعنيين والاتحاد العام للنقابات القرارات الخاصة بتحديد القواعد المنظمة لتشغيل هذه الفئات. لكن قانون العمل السوداني لم يتطرق لقضايا العمالة غير المنظمة وهي 95% من القوى العاملة.
وفي كثير من قواعد تنظيم التشغيل يتفق القانون السوداني مع المصري وكذلك بالنسبة لمكاتب الاستخدام الخاصة التي يضيف عليها القانون المصري بالمادة (16) أنه:
يجوز لوزير العمل بقرار منه الترخيص للجمعيات والمؤسسات والمنظمات النقابية بالنسبة لاعضائها بانشاء مكاتب لتشغيل المتعطلين.
واعتقد اننا يمكن تضمين مثل هذا النص في قانون العمل السوداني بالاضافة لمسألة تشغيل العمالة غير المنظمة (بالنسبة لولاية البحر الاحمرمثلا- فان معظم عمال البحر المفصولين من الخدمة- الموانئ البحرية – يستطعيون العمل على السقي عبر اعلام دول العالم المختلفة وباجور مضاعفة: ويوجد في الواقع طلب عالي على عمال البحر من السودانيين ويبحثون فعلا عن امكانية قيام مكتب يهتم بتشغيل عمال البحر.
وخلافاً للقوانين الاخرى، ومنها القانون المصري، فان قانون العمل الساري وكذلك مشروع قانون العمل الاطاري لم يبين اي منهما شروط قيام مكاتب ووكالات الاستخدام والاستقدام الخاصة من حيث المؤسسين وخطابات الضمان غير المشروطة وغير القابلة للالغاء خلال سريان الترخيص. ولا مدة الترخيص ورسومه. وترك القانون كل ذلك لوزير العمل الاتحادي الذي يحدد – وحده- الظروف الطارئة في كل انحاء السوان مثلما يحدد مدة الترخيص وهو الذي يصدق على قيام الوكالات الخاصة، وهو الذي يصدق على طلبات تلك الوكالات بمنح اذونات العمل..الخ.
وكل العاملين المختصين والمسئولين عن هذه الاعمال بمكاتب العمل في كل ولايات السودان اصبحوا بلا عمل(!) كما انه من غير المعقول الا يتضمن قانون العمل شرط منح التصديقات للمكاتب والوكالات الخاصة باحتياجات سوق العمل الفعلية.
قانون العمل الموحد في السودان وكثير من قوانين العمل السارية الآن في الدول النامية اجاز للتنظيمات النقابية قيد اسماء المتعطلين في المناطق التي لا توجد بها مكاتب للاستخدام ومنح شهادة – دون مقابل – بحصول القيد في ذات يوم تقديم الطلب. وان تقوم التنظيمات النقابية بارسال سجلات القيد الى اقرب مكتب استخدام وفقاً للاوضاع والاجراءات التي يحددها وزير العمل.
والجدير بالذكر ان قانون العمل الموحد 1970م حظر فتح مكاتب او وكالات خاصة للاستخدام ومنع توريد العمال لاية جهة او منشاة واستثنى فتح مكتب او وكالة خاصة للاستخدام في المناطق التي لا توجد بها مكاتب عمل او تنظيمات نقابية.
كما اعتبر قانون العمل الموحد ان مكاتب العمل هي المختصة دون سواها بالاعلان عن الوظائف الخالية متى رات ذلك ضرورياً ويتم الاعلان على حساب المنشاة طالبة الاستخدام باستثناء استخدام صاحب العمل لأفراد أسرته ومن يعولهم (الآن تمنح مكاتب العمل تصديقات بالاعلان عن الوظائف) ومن جهة اخرى اوجب القانون على اصحاب الاعمال اخطار مكاتب العمل مرتين في العام ببيانات اساسية:
أ/ عدد العاملين حسب انواع الوظائف ومهنهم واعمارهم وبيان النوع او الجنسيات.
ب/ عدد الوظائف والاعمال التي خلت او انشئت خلال الستة شهور وما شغل منها من بين المتعطلين المقيدين والوظائف الشاغرة واسباب شغرها.
ج/ حالة العمل بالمنشاة من جهة فرص الاستخدام فيه وما يتوقع له من زيادة او نقص في عدد الوظائف والاعمال.
(
وهذه البيانات والمعلومات ذات علاقة بطلبات اصحاب خفض الوظائف او الاغلاق الكلي او الجزئي لاسباب تقنية او فنية او مالية..الخ).
وبالرغم من نصوص قانون العمل العديدة بشان تنظيم التشغيل، الا ان الواقع يؤكد انها في معظمها معطلة فمنذ 1997م وحتى اليوم لم تنشأ اللجنة الاتحادية لتنظيم الاستخدام، فلا يكون هناك اي معنى للحديث عن المساواة وتكافؤ الفرص..الخ وحتى النصوص غير المعطة فانها ضعيفة عند التطبيق واعتقد ان ذلك يعود لعدة اسباب منها:
-
ضعف الامكانيات البشرية والمادية مما يجعل مكاتب العمل تفشل في متابعة تنفيذ قانون العمل من تنظيم التشغيل وحتى السلامة والصحة المهنيتين ومعظم جهودها في حيز المنازعات العمالية والتي كثيراً ما تتم احالتها الى محاكم العمل..
-
ضعف آلية التفتيش على المنشآت.
-
ضعف العقوبات في قانون العمل مما يغري الاطراف بعدم الاكتراث عند مخالفة نصوصه.
-
ضعف مفهوم العمل النقابي فيما يتعلق بتنظيم التشغيل للعمال.
-
ضعف الوعي العام بالحقوق ومنها الحقوق في قانون العمل باثر ضعف الثقافة العمالية.
ان موقف قانون العمل الساري وكذلك مشروع قانون العمل الاطاري من مسألة خدمات تأهيل العمال معارض للدستور القومي الانتقالي والاتفاقية العربية لمستويات العمل ومعايير العمل الدولية حيث لم يأت لا القانون ولا مشروع القانون باي نص يتعلق بتشغيل العمال الذين يتم اعادة تاهيلهم، علماً بانه بخلاف ذوي الاحتياجات الخاصة فان الآلاف يحتاجون لخدمات اعادة التاهيل كاثر من اثار الحروبات الاهلية التي امتدت لعشرات السنين.
ورد في الاتفاقية العربية لمستويات العمل:
*
تقدم كل دولة خدمات التاهيل المهني للعمال العجزة لتمكن العاجز من استعادة قدرته على مباشرة عمله الاصلي او اداء عمل آخر مناسب لحالته.
*
تلزم المنشآت الكبيرة بتخصيص نسبة مئوية من عدد العاملين بها للعمال العجزة المؤهلين مهنياً والذين يتمتعون بجميع الحقوق المقررة للعمال الاخرين وفقا لقوانين العمل.
وجاء في الدستور القومي الانتقالي المادة 12(2):
لا يحرم اي شخص مؤهل من الالتحاق باي مهنة او عمل بسبب الاعاقة. ولجميع الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين الحق في المشاركة في المناشط الاجتماعية او المهنية او الابداعية او الترفيهية.
كما نصت وثيقة الحقوق في المادة45(1) من الدستور القومي الانتقالي:
تكفل الدولة للاشخاص ذوي الحاجات الخاصة كل الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، وبخاصة احترام كرامتهم الانسانية واتاحة التعليم والعمل المناسبين لهم وكفالة مشاركتهم الكاملة في المجتمع.
ومعظم قوانين العمل في العالم تتجه ذات اتجاه دستور السودان المؤقت ما عدا قانون العمل السوداني ومشروع قانون العمل الاطاري(!).
فالمادة (15) من قانون العمل في جمهورية اليمن نصت على:
يتولى اصحاب الاعمال بحسب الامكانيات والفرص المتاحة تشغيل المعوقين الذين ترشحهم وزارة العمل بما لا يزيد عن نسبة 5% من حجم العمالة الكلية لصاحب العمل ويتم التشغيل في الاعمال والمهن التي تتناسب وقدراتهم وامكانياتهم بحيث يتمتعون بكافة الحقوق المقررة في قانون العمل.
اما قانون العمل العماني فقد نص على انه:
على صاحب العمل الذي يستخدم خمسين عاملاً فاكثر تعيين من ترشحه الدائرة المتخصة من ذوي الاحتياجات الخاصة المؤهلين مهنياً في الاعمال التي تتناسب مع حالاتهم وذلك في حدود النسبة التي تحدد بقرار من الوزير. ويتمتع ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يتم تشغليهم بالحقوق المقررة للعمال الاخرين.
قانون العمل في دول البحرين خصص منذ 1967م فصلا بعنوان (في تنظيم تشغيل العاجزين المؤهلين مهنيا) على النحو التالي:
1-
العاجز هو كل شخص نقصت قدرته فعلا عن اداء عمل مناسب والاستقرار فيه نتيجة لعاهة. والتاهيل المهني هو خدمات تقوم للعاجز لتمكينه من استعادة قدرته على مباشرة عمله الاصلي او اي عمل آخر مناسب لحالته.
2-
يصدر وزير العمل بالاتفاق مع الوزارات المختصة والمجلس الاعلى للتدريب المهني القرارات اللازمة لانشاء وتنظيم المعاهد اللازمة لتوفير خدمات التاهيل المهني للعاجزين والتي تمنح شهادة للعاجز الذي تم تأهيله.
3-
على اصحاب الاعمال الذين يستخدمون مائة عامل فاكثر سواء كانوا يشغلون في مكان واحد او في اماكن متفرقة استخدام من ترشحهم وزارة العمل مع واقع سجل قيد الذين تم تاهيلهم وذلك في حدود 2% من مجموعة عمالهم..
ويجوز شغل هذه النسبة باستخدام العاجزين من غير طريق الترشيح من وزارة العمل بشرط حصول القيد. ويكون تعيين العاجزين في المهن التي تم تاهيلهم لها او الاعمال الاخرى التي يستطيع العاجز ان يؤديها. ويعفي هؤلاء من شروط اللياقة الصحية إن وجدت. ويتمتع العاجزون الذين يتم تشغيلهم بجميع الحقوق المقررة لعمال المنشاة التي يعملون فيها.
4-
يجوز لوزير العمل والشئون الاجتماعية اصدار قرار يحدد الوظائف والاعمال الحكومية التي يكون للعاجزين المؤهلين الاولوية في شغلها.
5-
إذا أصيب اي عامل اصابة عمل نتج عنها عجز لا يمنعه من اداء عمل اخر غير عمله السابق وجب على صاحب العمل الذي وقعت اصابة العامل بسبب العمل عنده توظيفه في العمل المناسب بالاجر المحدد لهذا العمل وذلك في حدود 5% من مجموع عماله. ولا يخل ذلك بما يستحقه العامل من مستحاقته عن اصابته لاحكام قانون العمل واحكام قانون التأمين الاجتماعي.
المدهش ان قانون العمل الموحد 1970 سبق معظم قوانين العمل في المنطقة التي تحاول الاحتواء بها الآن: فهو كقانون دولة البحرين خصص فصلا بعنوان (التاهيل المهني) وقانون البحرين هو من قانون العمل الموحد كالاتي:
1-
العاجز كل عامل نقصت قدرته عن اداء عمله والاستمرار فيه.. والتأهيل المهني هو الخدمات التاهيلية التي تقدم للعاجز لتمكينه من استعادة قدرته على مباشرة عمله الاصلي او اداء عمل آخر ينتاسب وحالته.
2-
بعد اتفاق وزير العمل مع الوزارات والهيئات المختصة يتم تحديد وتنظيم وانشاء الهيئات والمعاهد والادارات اللازمة لتوفير التاهيل المهني.
3-
تقيد طلبات العاجزين الذين تم تاهيلهم بمكاتب الاستخدام.
4-
على صاحب العمل الذي يستخدم خمسين عاملاً فاكثر سواء كانوا في منشاة واحدة او عدة منشات استخدام 2 من العاجزين المؤهلين.
5-
يعفي الحاصلون على شهادات التاهيل المهني من شرط اللياقة الصحية ان وجد.
6-
تكون الاولوية في شغل وظائف العاجزين المؤهلين لمن نتجت اصابته عن العمليات الحربية او بسبب الخدمة العسكرية او الوطنية.
7-
يجوز لوزير العمل بعد اخذ رأي مجلس القوى العاملة والتدريب تحديد الوظائف والاعمال التي يكون للعاجزين المؤهلين اولوية التعيين فيها..

No comments: