Saturday, May 31, 2008

انهاء الاستخدام في الاتفاقيات الدولية والفصل في دول عربية\

انهاء الاستخدام في الاتفاقيات الدولية والفصل في دول عربية\

محمد علي خوجلي

اتفاقيات منظمة العمل الدولية تغطي المعايير الهامة الي نطلق عليها كذلك الحقوق الاجتماعية والتي من بينها: الحد الادنى للاجور، ساعات العمل، الاجازات، السلامة والصحة المهنية، الأمن الوظيفي، الضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية.. ومن دوافع فرض معايير العمل الدولية تقوية قوانين العمل والتشريعات العمالية الوطنية.
وتطبيق المعايير الأساسية منها لا ينطوي على اي تكاليف وقابلة للتطبيق في كل البلدان بصرف النظر عن حالة التنمية في هذ البلد او ذاك. اما تطبيق المعايير الهامة فقد تنطوي على تكاليف وبالتالي يجب تطبيقها بالتدرج مع الاخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية.
وكثيرا ما تصرح قيادات عمالية بان قانون العمل في السودان متفق مع المعايير الدولية للعمل او معارض لها احياناً..الخ فما هي معايير العمل الدولية؟
للمصطلح معنيان مما يؤدي الى سوء الفهم والارتباك. فالمعنى الاول يشير الى الشروط والظروف الفعلية للاستخدام والعمل ورفاه العمال في مكان وزمان محددين.. بيان حالة قوة العمل الذي يتم من خلال احصائيات تشير الى مستويات التعليم والمهارات الفنية، والاجور وساعات العمل..الخ ويطلق على هذا النوع او المعنى (شروط العمل).
اما المعنى الثاني فهو معياري او توجيهي فمعايير العمل تشترط (ما ينبغي ان تكون عليه شروط وظروف العمل) وهي تحدد حقوق العمال الأساسية في التجمع والمفاوضة الجماعية..الخ كما تشترط ايضا معايير اجتماعية كمعايير الاستخدام والتدريب وانها الاستخدام...الخ وهي من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. فقواعد العمل المعيارية توضع على المستويين الدولي والوطني ومن هنا يطلق عليها معايير العمل الدولية ومعايير العمل الوطنية.
ولا يخفي تصاعد خطر تدهور شروط العمل بسبب تزايد اعداد الدول المتنافسة في الاقتصاد العالمي الذي مثل تنوعاً كبيراً في مستويات الدخل والاجور وتكاليف العمل وشروط العمل وكذلك بسبب تحرير الاسواق المالية واسواق رأس المال المالي مما اثار موجة من الاستثمارات الخارجية المباشرة والمضاربة على العملات وينتج عن ذلك:
-
دخول بضائع مصنعة بايدي عمالة رخيصة الى اسواق الدول الاخرى ومنها الدول الغنية.
-
الاجور المنخفضة والمعايير الاجتماعية المتدنية تعرقل جهود النقابات في الدول ذات الاجور المرتفعة من اجل تحسين شروط العمل.
-
المعايير المتدنية تحفز انتقال الاستثمارات القائمة في الدول ذات الاجور المرتفعة والتعاقد محليا لتوفير الانتاج والخدمات.
والليبرالية الجديدة والقوى السياسية الداعمة لها والملتزمة باهدافها ترى ان تحسين شروط الاستخدام وشروط العمل يحدد ضمنا عن طريق النمو الاقتصادي ولا يكمن تحقيقه عن طريق الاتفاقيات الدولية. وان النظام التجاري الحر هو الشكل الافضل لتحقيق التنمية الاقتصادية ومعها رفاه العمال بما يعني انه يمكن للدول النامية ان تجذب الاستثمارات الوطنية والاجنبية عبر تجاهل معايير العمل الدولية.
وصحيح ان النمو الاقتصادي يساعد في تحسين شروط العمل وهو شرط ضروري لكنه غير كافي، لأن الامر يعتمد على توزيع الانتاج بين العمل ورأس المال. والنمو ليس حيادياً فيما يتعلق بالتوزيع فازدياد عدم المساواة في توزيع الدخل الوظيفي (اي في الحصة من اجمالي الدخل التي تذهب الى العمل) وفي توزيع الدخل الشخصي خلال العقود الماضية يشير الى تضرر العمال وبالنظر الى تصاعد وتيرة العولمة يمكن الجدل بان الحاجة قد زادت الى تطبيق معايير العمل الدولية وذلك بسبب اتساع المجال للاشخاص من هذه المعايير(خفض الاجور، انتهاء الاستخدام، اضعاف آليات الحماية الاجتماعية)...الخ.
ومؤتمر العمل الدولي هو الجهاز التشريعي لمنظمة العمل الدولية الذي يهدف الى توحيد قانون العمل وتدويله، ويضم ممثلي الدول الاعضاء (175) والاتفاقيات التي يقرها تكتسب قوتها التنفيذية لدى الدول التي صدقت عليها. اما التوصيات فهي مجرد رغبات يتوجه بها المؤتمر الى الدول لتحقيق تعديل او اصلاح معين في تشريعات العمل فيها. وغالباً ما يلجأ المؤتمر الى هذه الوسيلة حينما تكون فرص التصديق على مقرراته من جانب الدول ضئيلة والتوصيات تمهد عادة للاتفاقيات اذا قوى من بعد التيار المؤيد لها..
والاتفاقية رقم (158) لمؤتمر العمل الدولي جاءت بشأن انهاء الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل. وقد اكدت الاتفاقية بانه لا ينهي استخدام عامل ما لم يوجد سبب صحيح لهذا الانهاء يرتبط بمقدرة العمل او سلوكه او يستند الى مقتضيات تشغيل المؤسسة او المنشأة او المرفق وان الاسباب التي لا تشكل اسباباً صحيحة للفصل هي:
-
الانتساب النقابي او المشاركة في انشطة نقابية.
-
السعي الى الحصول على صفة ممثل للعمال او ممارسة هذه الصفة او سبق ممارستها.
-
رفع الشكوى او المشاركة في اقامة دعوى ضد صاحب العمل تظلماً من اخلال بالقوانين او اللوائح او تقديم طعن الى السلطات الادارية المختصة.
-
العنصر او اللون او الجنس او الحالة الاجتماعية او المسئوليات العائلية او الحمل او الدين او الرأي السياسي او النسب القومي او الاصل الاجتماعي.
-
التغيب عن العمل اثناء اجازة الوضع.
كما نصت على ان التغيب عن العمل بسبب مرض او حادث لا يشكل سبباً صحيحاً لانهاء الاستخدام.
ونظمت الاتفاقية كذلك الاجراءات واجبة الاتباع قبل او وقت الفصل باسس واضحة: انه لا ينهي استخدام عامل لاسباب ترتبط بسلوكه او ادائه قبل ان تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه ضد الادعاءات الموجهة اليه. ويحق لأي عامل يرى ان استخدامه قد انهى دون مبرر الطعن فيه امام القضاء في غضون مهلة معقولة بعد الفصل (دائماً يحددها قانون العمل الوطني).
وتقع مسئولية اثبات وجود سبب صحيح لانهاء الاستخدام على صاحب العمل وبالطبع فان القضاء او اي هيئات مختصة اخرى تنظر في شكوى العامل فانها مخولة بالاتفاقية سلطة الوصول الى نتيجة بشأن سبب الفصل بناءاً على ادلة يقدمها الطرفان وفقاً للاجراءات المنصوص عليها في القوانين والممارسات الوطنية.
وعندما يستأنف العامل قرار فصله فانه اذا خلصت السلطات المختصة ان الفصل قد وقع دون مبرر فان تنفيذ امر اعادة العامل الى عمله يعتمد على الممارسات الوطنية والتي تجعل امر العودة للعمل غير ممكن وفقاً للقانون الوطني. وفي هذه الحالة فانها تخول سلطة الامر بدفع تعويض مناسب او اي شكل آخر من المساعدة يعتبر مناسباً. ونصت المادة (11) من الاتفاقية على انه للعامل الذي ينهي استخدامه وفقاً للقوانين الوطنية الحق:
أ/ في تعويض عن انهاء الاستخدام او اعانات اخرى يحدد مقدارها بين امور اخرى على اساس طول مدة الخدمة ومستوى الاجر ويدفعها مباشرة صاحب العمل او صندوق تموله اشتراكات صاحب العمل.
ب/ أو في اعانات من التأمين ضد البطالة او مساعدات العاطلين او الاشكال الاخرى للضمان الاجتماعي مثل اعانة الشيخوخة او العجز على ان تستوفي الشروط المعتادة التي تعطي الحق في هذه الاعانات.
ج/ او قيمة مركبة من هذه التعويضات والاعانات.
والتعويض عن الفصل بمقتضى هذ الاتفاقية الدولية يشمل كل انواع الفصل وبجميع مسمياته مع جواز النص على سقوط الحق في التعويضات في حالة حدوث الفصل بسبب اخطاء جسيمة. كما ان هذه المادة نصت على انه يكون للعامل الذي سينهي استخدامه الحق في فترة الاخطار او في تعويض بدلا عنها ما لم يثبت ارتكاب خطأً جسيماً.
وفي محاولة استكمال الصورة التي بدأت بالفصل التعسفي غير المباشر والفصل في قانون العمل والقانون الوطني وانهاء الاستخدام في الاتفاقيات الدولية اعرض بايجاز للفصل التعسفي في بعض دول عربية: البحرين، اليمن، لبنان، مصر، الاردن.
*
قانون العمل في البحرين نص على انه:
اذا كان انهاء العقد غير المحدد المدة بدون مبرر اعتبر الذي انهاءه متعسفاً في استعمال حقه والتزم بتعويض الطرف الاخر عما يصيبه من ضرر نتيجة لذلك مع مراعاة العرف الجاري وطبيعة العمل وبوجه عام جميع الاحوال التي يتحقق معها وقوع الضرر. كما يكون من انهى العقد ملزماً بالاخطار او تعويضا مساوياً لفترته.
اما قانون العمل اليمني فقد حدد حالات الفصل التعسفي واعتبر الحالات التي يجوز فيها للعامل ان ينهي العقد من جانبه بدون انذار صاحب العمل بالنسبة للاثار (مدة الانذار والتعويض) كما الفصل التعسفي. كما يستحق العامل تعويضا خاصا عما لحقه من ضرر بسبب انهاء العقد من جانب صاحب العمل بصورة تعسفية.
وفي جميع الاحوال يحدد التعويض من قبل لجنة التحكيم المختصة وبما لا يتعدى اجر العامل لمدة ستة شهور.
قانون العمل اللبناني نص على ان الفصل من الخدمة من قبيل الاساءة او التجاوز في استعمال الحق (فصل تعسفي) في الحالات الاتية:
1-
لسبب غير مقبول ولا يرتبط باهلية العامل او تصرفه داخل المؤسسة او بحسن ادارة المؤسسة العمل فيها.
2-
لانتساب العامل او عدم انتسابه لنقابة مهنية معينة او لقيامه بنشاط نقابي مشروع في حدود القوانين والانظمة.
3-
لتقدمه للانتخابات او لانتخابه عضواً في مكتب النقابة او لمهمة ممثل للعمال في المؤسسة وذلك طيلة مدة قيامه بهذ المهمة.
4-
لتقديمه بحسن نية شكوى الى الدوائر المختصة تتعلق بتطبيق احكام قانون العمل والنصوص الصادرة بمقتضاه واقامته دعوى على صاحب العمل تبعا لذلك.
5-
لممارسته حرياته الشخصية او العامة ضمن نطاق القوانين.
وفي الاردن فان قانون العمل الاردني تناول موضوع الفصل التعسفي بالنص:
إذا تبين للمحكمة المختصة في دعوى اقامها العامل خلال ستين يوماً من تاريخ فصله ان الفصل كان تعسفياً ومخالفا لاحكام قانون العمل جاز لها اصدار امر الى صاحب العمل باعادة العامل الى عمله الاصلي او دفع تعويض له بالاضافة الى بدل اشعار واستحقاقاته القانونية الاخرى.
وبدل الاشعار في الاردن هو مدة الاخطار في مصر واليمن وهو مدة او فترة الانذار في السودان. وحدد قانون العمل الاردني تعويض الفصل التعسفي ما بين اجر ثلاثة الى ستة شهور (اجمالي). مع ذلك فان القانون الاردني لم ينص صراحة ولم يبين مدلول الفصل التعسفي او مفهومه.
والقضاء الاردني جعل صاحب العمل يثبت صحة قراره جاء:
(
وان كان من يدعي حصول التعسف ملزم باثباته من حيث الاصل الا ان المدعي عليه صاحب العمل الذي يدعي بان الفصل كان قانونيا ولا تعسف فيه يقع عليه عبء اثبات مشروعية الفصل وفق الاحكام القانونية حيث ان المدعي عليها صاحبة العمل ادعت بمشروعية فصلها للمدعية العاملة فان عبء اثبات ذلك يقع عليها (صاحبة العمل)..
اما قانون العمل الموحد في جمهورية مصر العربية فقد ابان ان الفصل يكون تعسفيا في حالات:
-
رفض صاحب العمل اعادة العامل الموقوف عن العمل الى العمل رغم قرار سلطات العمل المختصة او المحكمة.
-
انهاء صاحب العمل للعقد بارادته المنفردة.
-
انهاء صاحب العمل للعقد اثناء مرض العامل.
واخذ المشرع المصري بقاعدة: يلزم من يدعي حصول التعسف باثباته واستثنى حالة فصل العامل بسبب نشاطه النقابي بان يتحمل صاحب العمل عبء اثبات المبرر المشروع للفصل..

No comments: