Saturday, May 31, 2008

لستالينية.. وتجربة الحزب الشيوعي السوداني

الأيام العدد 9103 السبت 10/5/2008

الستالينية.. وتجربة الحزب الشيوعي السوداني

مناور لا مبادئ له.. سحق الحزب ليصبح سيده 2/2

محمد علي خوجلي

مقاومة تيار المركزية المطلقة في الأحزاب التي حكمت باسم الطبقة العاملة والفلاحين، وفي الأحزاب الشيوعية الوطنية لم تفتر أو تتوقف، لكن الملاحظة الأساسية أن الصراعات والمقاومة بسبب ضعف الديمقراطية في الأحزاب والدول كانت محصورة على المستويات القيادية مما أضعف التيارات المقاومة وجعلها صيداً سهلاً. وكل مقاومة القيادات في الحزب السوفيتي والتي دفع فيها المقاومون ثمناً غالياً هو حياتهم ظلت من (اسرار الحزب) حتى كشفت عنها المذكرات الخاصة ومؤتمرات الحزب السوفيتي من بعد 1956م وأكدت التجربة أن كشف الحقيقية هو الترياق الناجع للمركزية المطلقة فكل الذين قاوموا في المكتب السياسي وفي اللجنة المركزية أعدموا قبل ان تتعرف عضوية الحزب على حقيقة تضحياتهم من أجل الديمقراطية في الحزب وكانوا بعيدين عن الجماهير وهم يدافعون عن اشاعة الديمقراطية في الدولة. وهذا أهم الدروس التي تعلمناها في السودان. فمطالبة تروتسكي المستمرة بإعادة الديمقراطية إلى الحزب كانت سبب طرده من الحزب والبلاد واغتياله وما سجله بوخارين:
(
لن يدع الأمين العام للحزب أي شئ يوقفه.. سيفرق الانتفاضة بالدم.. سيخنقنا.. سيغتالنا ان جذور الشر هي في الخلط التام بين الحزب والدولة.. وان الأمين العام للحزب مناور لا مبادئ له..) دفع ثمنه.. وأختفى فيما بعد من الحزب والحياة وعضوية الحزب في عزله عما يجري.
والسؤال: لماذا ظل تيار المركزية المطلقة أغلبية في الحزب السوفيتي حتى الانهيار؟
نذكر ان التيار كان أغلبية من قبل وفاة لينين وهيمن تماماً مع صعود ستالين وقد وظف التيار بتخطيط دقيق السيطرة على مفاصل الحزب والدولة واعتمد على جهاز المتفرغين (آلاف الموظفين الحزبيين) بمرتبات ومخصصات عالية كانت أضعاف مرتبات العلماء والاختصاصيين، وأقام أجهزة متعددة للتجسس ولجاناً للرقابة ومكاتب خاصة..الخ لإحصاء أنفاس كادر وعضوية الحزب قبل الجماهير، وأتبع وسائل قاسية لقهر المعارضين لسياسات الحكم واغداق الامتيازات على القيادات المطيعة. وفي تصفية الخصوم السياسيين كان التيار يصعد قاصداً ممثلي التيارات المعارضة لسياساته إلى مؤتمرات الحزب وحتى اللجنة المركزية، ليقوم بتصفيتهم من بعد ذلك.. وفي نفس الوقت يكسب التيار المسيطر الاستقرار ويغذي نفسه بدماء جديدة من القيادات والكادر. وهذه الصورة تجد عكسها في الأحزاب الشيوعية الوطنية غير الحاكمة ومنها حزبنا،ً فهي تحرص على انتقاء المصعدين ومناديب المؤتمرات، وتعمل على منع اية تيارات معارضة من تولي مواقع اتخاذ القرار لان ذلك يؤثر على استمرار سلطتها في الحزب والتي لا تملك غيرها وتعمل على ابعاد المعارضين لسياسات القيادة من الحزب وطردهم وإشانة سمعتهم. وإذا كانت تملك سلطة الدولة لتماثل أمرها مع الأحزاب الستالينية التي حكمت..
في مرة، وبعد المؤتمر الثالث عشر للحزب السوفيتي، رفع 46 قائداً مذكرة إلى اللجنة المركزية مطالبين بتوسيع الديمقراطية داخل الحزب. وقررت اللجنة المركزية توجيه لوم لموقعي المذكرة بتهمة تشكيل تكتل داخل الحزب وهو أمر محظور منذ المؤتمر العاشر مع موافقة اللجنة المركزية على توسيع الديمقراطية (هذا في النظرية والأقوال) أما في الممارسة والفعل فان كل الذين وقعوا على المذكرة اختفوا من الحزب ثم من الحياة فيما بعد.
وفي الحزب الشيوعي السوداني مع الاستجابة لدعوة بابو نطرح سؤالين في الممارسة وننتظر الإجابة:
الأول: وجد في الحزب الشيوعي السوداني مكتب الرقابة المركزي قبل حله، وكان الشيوعيون يشون ببعضهم بعضاً وفعل ذلك المكتب ما فعل هل تم كشف تجربة ذلك المكتب لعضوية الحزب؟ المكتب لم يسلم منه أقوى واشجع قادة الحزب وعلى رأسهم قاسم أمين وعبد الخالق محجوب هل سيتم تسليط الضوء على ذلك؟ قامت في الحزب وتقوم مكاتب ولجان للرقابة (فوق الحزب) وخارج محاسبته هل كل ذلك لا يهم عضوية الحزب وخارج اختصاص المؤتمر الخامس؟
الثاني: في ليو 1989م التقى عدد من كادر الحزب بمديرية الخرطوم واجتماعه الأول كان مساء 30 يونيو 1989م وتضمن مشروع مذكرته للجنة المركزية خمس نقاط هي:
1-
مسئولية العمل القيادي في نجاح الانقلاب العسكري.
2-
الاختفاء الجماعي لكادر من دون قرارات.
3-
الاختراقات في التنظيم.
4-
الديمقراطية في الحزب وشرعية القيادات .
5-
دور الحزب ومقاره التي تم تركها بممتلكاتها.
وكانت وشاية وتم ايقاف حضور الاجتماع الأول من النشاط الحزبي معظمه بسبب (التأمين) وخلال أسبوعين رفعت سكرتارية مديرية الخرطوم توصية للسكرتارية المركزية بفصل ثمانية عشر كادراً من الحزب، جميعهم بمديرية الخرطوم على ألا يتم ابلاغهم بقرارات الفصل لدواعي التأمين (وتفاصيل لا يجوز كتابتها في الصحف) هل سيتم التحقيق في هذه الحالة؟
الأمين العام للحزب السوفيتي كان يقرر كل شئ بنفسه ثم يضع هيئات الحزب أمام الأمر الواقع وبعد فترة لم يصطدم بأية مقاومة داخل الحزب وقيادته. وآخر الذين تخلص منهم هم ذات القيادات الحزبية المطيعة التي استخدمها فالشهود يجب ان يختفوا مثل المعارضين فاعدم الوشاه ومفبركي الوقائع أيضاً.
لذلك لم يجد الشيوعيون الذين طردوا من الحزب ولم يقتلوا، والذين لم تطلهم الاعتقالات أوقضوا فترات سجنهم، طريقاً بخلاف التنظيمات السرية بالتعاون مع بعض قيادات في الحزب لكن لجان الرقابة خاصة على القيادات من الحزب كشفت تلك التنظيمات وبالرغم من ذلك فان قيام هذه التنظيمات قلل من الارهاب الجماهيري، وجعل الشرطة السياسية مترددة.
هذه المقاومة السرية من نتائجها الايجابية انها استطاعت ان تجعل الصراع قبل وخلال انعقاد المؤتمر السابع عشر كصراع بين (الحزب) و(الأمين العام للحزب) بعد ان كان بين الأمين العام وقادة التيارات المعارضة للمركزية المطلقة. ولأول مرة انحنى الأمين العام للحزب للعاصفة وتم تصعيد كل المعارضين لسياساته مناديب للمؤتمر. وجرت دعوة كل المعارضين الذين لازالوا على قيد الحياة والمفصولين سياسياً من الحزب لحضور المؤتمر وحضروا جميعاً الاروتسكي وانحنى وتراجع بعض ممثلي التيارات المعارضة للأمين العام للحزب الذي انحنى- مؤقتاً – للحزب. ومنهم من مجد الأمين العام (الذي جسد روح الحزب وارادته) بل ان ممثلي تيارات معارضة دعوا إلى سحق المعارضات التي كانوا ينتمون اليها. فماذا حدث؟
خرج المؤتمر بقرارات وتوصيات عديدة تدعم (القيادة الجماعية) وواصل الأمين العام للحزب خداعه ومناوراته فالغي الشرطة السياسية واستبدلها بإدارة ضمن مفوضية الشعب للشئون الداخلية وأقر المؤتمر:
-
إعادة انتخاب بعض قادة التيارات المعارضة الذين قدموا نقداً ذاتياً واضحاً.
-
أكد المؤتمر على ضرورة انعقاده كل ثلاث سنوات وانعقاد اللجنة المركزية كل أربعة شهور.
-
تقرر أنه يتوجب على اللجنة المركزية اطلاع منظمات الحزب على عملها.
-
ان قيادة الحزب هي اللجنة المركزية.
-
تنظيم اللجنة المركزية من أجل العمل السياسي (المكتب السياسي) ومن اجل القيادة العامة للعمل التنظيمي (المكتب التنظيمي) ومن أجل العمل التنفيذي والتنظيمي اليومي (السكرتارية).
وما حدث بعد ذلك انه من بين 1966م مندوباً حضروا ذلك المؤتمر تم اعدام 1108 بناءاً على أوامر الأمين العام للحزب من بينهم 98 من أصل 139 عضواً في اللجنة المركزية المتنخبة وكل قادة التيارات المعارضة الذين حضروا المؤتمر، أعدموا جميعاً خلال عامين بما في ذلك الذين تراجعوا وقدموا انتقاداتهم الذاتية الزائفة. لذلك من الاستحالة ان ينزع المركزية المطلقة من هو جزء منها مثلما يكون مستحيلاً ان يتنازل تيار المركزية المطلقة عن سلطته، مصالحه.. والحل تملكه جماهير الشعب وعضوية الحزب ومفتاح النزع مشاركة الجميع في نظر القضية..
وبمقتضى المركزية المطلقة والهيمنة على الحزب السوفيتي، والأحزاب الأخرى الستالينية الحاكمة كانت تجري حملات تطهير بين آونة وأخرى. عشرات الآلاف من الكوادر والعضوية يتم طردها من الحزب، ويعتقل آلاف الشيوعيين ويتم نفيهم بمعلومات لجان الرقابة والمكاتب الخاصة ووزارة أمن الدولة..الخ ولا يمنح الشيوعيون الذين يتم انزال العقوبات عليهم أية فرصة للدفاع عن أنفسهم.. وتم اعدام معظم قادة الحزب السوفيتي الذين قادوا النشاط خلال ثورة اكتوبر ومعهم ايضاً القادة العسكريون فالتيار القابض مدرك لاخلاص هؤلاء لقضايا الشعب والحزب وفي حياتهم ومعارضتهم خطر على التيار أي خطر. وقتل تيار المركزية المطلقة مؤرخين وفلاسفة وعلماء وكتاب وفنانين أو أبقاهم تحت الاعتقال والنفي لسنوات طويلة وهم في معظمهم من الشيوعين.
وجاء في التقرير السياسي الذي أجازه المؤتمر الرابع 1967م:
(
على حزبنا ان يقف بحزم ضد المحاولات الرامية إلى بسط منهج البرجوازية الصغيرة في التفكير وفي العمل الحزبي، باستعمال سلاح النقد والنقد الذاتي وباعلاء نفوذ التنظيم والتدريب على الماركسية ثم بتطهير صفوف الحزب بحزم من العناصر التي تصر على رفض التعليم وتواصل اسلوباً يخرب حياة الحزب، ويضعف من قدراته لمواجهة مهام الثورة ويصرف اهتمامات اعضائنا إلى صراعات لا مبدئية قائمة على مصالح الشلل لا مصالح الحزب والحركة الثورية).
فهل سيطال التجديد اماطة اللثام عن حملات التطهير التي نفذت في حزبنا من أم درمان وحتى بورتسودان وبيان اسبابها وآثارها؟ هل دعوة الرافضين للتصفية باسم التجديد هي من أشكال التطهير الجديدة؟ وإذا كان كذلك فهل تعتبر الاستقالة من أنواع المقاومة؟!!
ومعروف أن الحزب الشيوعي السوداني التحق بالأممية الشيوعية متأخراً، وليس كما الاحزاب الوطنية في مصر ولبنان والعراق..الخ وبعد انتصار واستقرار المركزية المطلقة في الاتحاد السوفيتي وبافتراض ان الحزب تأسس في الخرطوم لا عطبرة وفي 1946م فهذا التاريخ يمثل الكشف عن مآسي المركزية المطلقة علناً في 1956م ثم المؤتمر الثاني والعشرين في 1961م وفي ذلك المؤتمر شرحت قيادة الحزب السوفيتي ارتباط المركزية المطلقة بعبارة الشخصية او عبارة الزعيم ولان المركزية المطلقة كان تيارها اغلبية قبل صعود ستالين فقد حاول لينين- مثلاً- وقف ظاهرة انتشار صور في كل مكان وفشل تماماً واقترح عبثاً نقد النظرية التي عبر عنها جوركي كأرضية لعبادة الزعيم (لقد اصبح لينين شخصاً اسطورياً وهذا أمر جيد فالناس تحتاج أن تؤمن حتى تبدأ بالعمل..الخ) فعبادة الزعيم تقرر بوعي في الحزب السوفيتي.
وفي السودان وجدنا اكثر من غوركي وقال الناطق الرسمي للحزب عندما سئل عن خروج نقد (2003) وذلك قبل عملية الخروج والافراج المزدوجة، كما أقر بذلك السكرتير السياسي للجنة المركزية: (ربما أدى خروج نقد لاعتقاله او اي شئ آخر وهذا (يطرشق كل شئ. لذا من الأفضل لنا أن يظل نقد تحت الأرض وعائد العمل ضعيف بدلاً من أن لا يكون هناك شيئ على الاطلاق).
ونظرية الناطق الرسمي هي الجمود العقائدي الذي يعني أن سياسة الحزب تهبط من الزعيم إلى الحزب ثم إلى الجماهير وعلى الحزب والجماهير الايمان بصحة كل ما يقول الزعيم، ولان الفعل الفردي هو الذي يسود لا العقل الجماعي فان الحزب يصاب بمرض الجمود العقائدي الذي من مظاهره التخلف والعقم الفكري.. ويتحول الحزب من مغير للواقع إلى مفسر له وهذا التحول الذي هو من نتائج المراد يعمل تيار المركزية المطلقة المهيمنة على جعله دستوراً للحزب وقال شطبنا في مشروع الدستور (تغيير المجتمع)!!.
وأوجد الحزب السوفيتي عن طريق دولته جريمة أطلق عليها اسم (الخطر الاجتماعي) بما يوجب اتخاذ اجراءات الدفاع الاجتماعي ضد المجرمين، بما في ذلك منع الاشخاص الخطرين اجتماعياً من الاقامة في منطقة معينة ونقلهم بالقوة إلى مناطق أخرى (مناطق عزل للاعداء الطبقيين) والذين هم من الشيوعيين وسبق تشريع جريمة (الحظر الاجتماعي) ضرب الفلاحين عندما بدأت الحملة ضد أغنياء المزارعين ثم شملت موت سبعة عشر مليون فرد وكان شعار تيار المركزية المطلقة أمام الشيوعيين (إما دعم الأمين العام للحزب وسياساته أو أنكم أعداء الحزب). والحزب الشيوعي السوداني لا يستطيع اقامة (مناطق عزل للاعداء الطبقيين) لكن بابو يعلم يقيناً الاساليب البديلة التي يتبعها تيار المركزية المطلقة الجاثم: العزلة السياسية، والعزلة الاجتماعية، وفبركة الوقائع، واشانة السمعة، والكذب الضار والتصنيف المسبق للاعداء المحتملين او المفترضين بسبب علاقاتهم الانسانية مع (الأعداء الطبقيين) وصرف التعليمات (بقطع العلاقات) ويمكنني سرد 103 قصة في هذا الحيز. فما هو موقف المؤتمر الخامس من هؤلاء الضحايا؟
إن المركزية المطلقة تقرر ان كل انتقاد للأمين العام للحزب (خيانة) وان انتقاد قيادة الحزب هو مقدمة للهجوم على كل الحزب بحيث لا تكون هناك أية (فرقة ناجية) وأن قيادة الحزب هي الحزب، والأمين العام للحزب هو الحزب وهذا ما ظل يتم تكراره منذ حقبة ستالين وحتى اليوم وكل ذلك لم يعصم تيارات المركزية المطلقة من الهزيمة ليس ذلك فحسب بل ومن دعاة الرأسمالية الجديدة.
(
وإذا كانت الأحزاب الستالينية التي حكمت تعاقب المعارضين من عضوية الحزب بالاعدام من غير محاكمات، والاعتقال والنفي والطرد من الحزب والوظيفة فان العقوبات في الاحزاب الشيوعية الوطنية الصغيرة وغير الحاكمة التي سيطرت عليها تيارات المركزية المطلقة تماثل ما يحدث في نموذجها ومن ذلك الفصل من عضوية الحزب دون تحقيق ودون منح المتهم حق الدفاع عن النفس ودون ابلاغ المفصول سياسياً بانه قد تم فصله.. والايقاف عن النشاط بسبب التأمين وتجميد النشاط بسبب (انتظار التوصيل) أو (التوصيل مع ايقاف التنفيذ) أو الفصل من العمل عن طريق قيادة الحزب وتحديداً للعاملين في غير القطاع الحكومي أو (إلى مزبلة التاريخ)..الخ.
ويمكن حكاية مائة قصة هنا في الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني. هل سينظر المؤتمر الخامس في كل ذلك؟
وفي التجربة السوفيتية (النموذج) ينتقل الوضع بالتدرج من قيادة الحزب إلى الحزب كله، ثم المنظمات والأجهزة وفي الاحزاب الستالينية التي حكمت تطابقت سلطة الدولة الحزب وسلطة الحزب مع سلطة الأمين العام للحزب فالحزب السوفيتي في قلب الدولة السوفيتية لم يعد ممكناً التمييز بينه ودولته.. اندماج بالكامل ومع مرور السنوات تضخمت لائحة الوظائف التي لا يسمح بشغلها إلا باذن من الحزب أو باقتراح من قيادته وإذا كان الحصول على تلك الوظائف يسمح بشغلها إلا باذن من الحزب أو باقتراح من قيادته وإذا كان الحصول على تلك الوظائف يسمح بالمساهمة في السلطة فان الابعاد لا يعني فقط فقد السلطة بل ايضا الحرية وفقدان الحياة. وأصاب القمع القيادات والكوادر باكثر مما أصاب العضوية، كما أصاب عضوية الحزب اكثر مما أصاب الناس من غير عضوية الحزب.. وأصبح الغياب الكامل للنقد ماسوياً داخل الحزب السوفيتي وقيادته وتحول كل نقد لأي من خطوات القيادة واللجنة المركزية إلى مجازفة بخسارة الموقع الحزبي وأيضاً الوظيفة إذن لم يعد النقد ممكناً.
(
وانتقل المرض من النموذج للاحزاب الستالينية الحاكمة في دول شرق اوروبا وكذلك غير الحاكمة ومنها حزبنا السوداني فعرفنا عقوبات جديدة كإنهاء التفرغ الحزبي لكادر معتقل وانهاء التفرغ لكادر مختف مطلوب من قبل أجندة الأمن.. هو الاعدام او النفي بطريقة أخرى فهل سيعرض ذكل على المؤتمر الخامس؟).
وجاء في رسالة بوخارين:
(
انني احس بالعجز المطلق أمام هذه الآلة الجهنمية التي اكتسبت سلطة كبيرة.. والتي تغبرك الوشايات بوقاحة وثقة.. لكل زمان اخلاقه.. كان الجميع يتحاورون حول افضل الطرق والوسائل ويختلفون ثم يتفقون ثم يسيرون معاً..
إني أناديكم اياها الجيل الجديد من قادة الحزب الذين سيكون من مهماتهم التاريخية تشريح هذه الموجة المخيفة من الجرائم التي تصطخب وتخنق الحزب.. اني انادي كل اعضاء الحزب) ونواصل الموضوع بالعلاقة بين الديمقراطية في الحزب واستقلالية النقابات.

No comments: