Saturday, May 31, 2008

أحلام الانتهازيين في مؤتمر الشيوعيين السودانيين «2/2

أحلام الانتهازيين في مؤتمر الشيوعيين السودانيين «2/2»

: محمد علي خوجلي
جتماع الجريف الموسع عام966 1م، وقيام الحزب الاشتراكي السوداني عام 7691م، والصراع الفكري في دورة انعقاد اللجنة المركزية مارس 96م.. كانت مقدمات للاندماج المتوقع في انقلاب مايو 96م، وانقسام 0791م كان المحاولة الاخيرة، وجميعها من جنس السياسات السوفيتية. وفي عام 6591 كان من نصائح (الاممية) ان تمتنع الاحزاب الشيوعية الوطنية عن تهديد حكومات الطبقة المتوسطة وخاصة في البلدان النامية عن طريق منظماتها وخلافه، اي تعاون الاحزاب الشيوعية مع تلك الحكومات (المحافظة على السلطة)!! والفكرة التي احاطت بالسوفيت.. ان انظمة الحكم هذه تعمل على الاستقلال الاقتصادي لبلدانها بالتصنيع وخلافه. وفي ذلك تقوية للاستقلال السياسي، وزيادة اعداد الطبقة العاملة مع تطورها النوعي سيتم لا محالة، وبالتالي فإن تلك السلطة ستدعم تنظيمات الطبقة العاملة، واخذ السوفيت مصر نموذجا. وعلى ضوء ذلك الاستنتاج كان نصح السوفيت للحزب الشيوعي السوداني بالتعاون مع الحكومة العسكرية الأولى في السودان بعد زيارة عبود إن أهم استنتاجات المؤتمر العشرين للحزب السوفيتي 6591 هي: 1/ الطبقة المتوسطة الوطنية هي القوة المتجانسة والمنظمة، وانها اصبحت موضع ثقة فعلية، وان الاسباب الموضوعية تفرض عليها التضامن مع الفئات الاجتماعية الاخرى. 2/ الوصول للسلطة السياسية ممكن عن طريق الاغلبية البرلمانية. 3/ امكانية تعاون الطبقات الاجتماعية. 4/ الغاء مرجعية النموذج السوفيتي كنموذج وحيد، وتعددية النماذج بحسب الظروف المحلية والخصوصية الاجتماعية والثقافية والارث التاريخي. والحقيقة ان استنتاجات 6591م جاءت معارضة لأفكار لينين 0291م، وهي: 1/ دور الطبقة المتوسطة يعود لقوتها المؤقتة والضعف المؤقت للطبقة العاملة. 2/ التحالف معها يقوم على أساس تحليل القوى الطبقي في مرحلة ما، ولا يطبق الا في وضع غير متوازن لمصلحتها. 3/ إن الثقة التي تمنح لها محدودة، على اعتبار انه قد تكون لها مصالح موضوعية في مرحلة او اخرى لقيادة المعركة الوطنية بسبب ضغط الامبريالية او ضعف اعدائها الطبقيين في الداخل، الا انها بعد تأمين سلطتها سترتد على حلفائها الداخليين لتسحقهم. 4/ افتراض أنها حليف صادق ودائم يتجاهل طبيعتها الطبقية، وعلى ذلك كان التشديد على احتفاظ الشيوعيين باحزابهم المستقلة. (عدم حل الاحزاب الشيوعية الوطنية، او جعلها جناحا ثوريا في حزب ديمقراطي). ولسنوات طويلة كانت نظرة السوفيت التي سادت نحو البلدان النامية أنها (حقل مناورات الامبريالية) وانتقلت النظرة الى الاحزاب الشيوعية الوطنية في تلك البلدان (ضد الاستعمار)، و(ضد الامبريالية) على اساس ان الخطر الاول الذي يواجه تلك البلدان (خارجي)، ولذلك كان السوفيت يرفضون أية خلافات قد تقود الى صراعات بين الاحزاب الشيوعية الوطنية والحكومات الوطنية القائمة التي تستفيد منها الامبريالية (ولذلك دعم السوفيت حكومة نميري وبعثوا برسالتهم المعروفة لقيادة الحزب الشيوعي التي تنصح بالتعاون مع الديمقراطيين الثوريين، وساندوا صراحة الانتهازية اليسارية التي كان د. فاروق احد قياداها. وهدف السوفيت من عزل بلدان العالم الثالث عن امريكا، ظل ثابتا عندهم، حتى اذا كان تعاون الاحزاب الشيوعية الوطنية مع الحكومات الوطنية القائمة لا يوقف ما يواجهه الشيوعيون الوطنيون من اضطهاد تلك الحكومات الوطنية لهم، بل ان السوفيت شجعوا الاحزاب الشيوعية المصرية على حل نفسها في 4691م، وبأثر الاممية والخطر الخارجي الماحق، صدر تحليل الشيوعيين المصريين لثورة يوليو 2591م، بعنوان (الخدعة الكبرى)، ووصفوا ما حدث بأنه عصابة من اعوان الاستعمار وخاصة الاميركي اطاحت بالنظام الملكي الذي انكشف للجماهير.. الى آخره .. والحقيقة أن اهداف السوفيت كانت: 1/ المحافظة على التوازن الدولي. 2/ تجارة السلاح. 3/ الإشراف على الطرق المهمة والاستثمارات النفطية. وللأسف فإن بعض الأحزاب الشيوعية الوطنية تحولت الى ادوات لخدمة المصالح السوفيتية. وللمحافظة على مصالحهم فإن قتل الشيوعيين لا يعنيهم بحجة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفي نفس الوقت تنصح الاحزاب الشيوعية بالوطنية او حل نفسها (وحل الاحزاب الشيوعية الوطنية كوصفه سوفيتية لم يعد فيها النظر إلا في 2791م، مؤتمر الأحزاب الشيوعية والتنظيمات التقدمية في لبنان). وليحافظ السوفيت على التوازن الدولي عارضوا اتجاه الحزب الشيوعي العراقي نحو السلطة السياسية 1791م. وظلت الاحزاب الشيوعية الوطنية متجاذبة ما بين (الوطنية) و (الاممية) وهو احد اهم اسباب الانقسامات في الاحزاب الشيوعية المسكوت عنها، ومنها الحزب الشيوعي السوداني وانقسام 0791م، الذي كان د. فاروق أحد قياداته. كما نتج عن ذلك أيضا انتشار النزاعات غير المبدئية والخلافات الشخصية، وطغى الذاتي على الموضوعي والثانوي على الرئيسي. وتوالدت الضغائن وتكاثرت الاحقاد. ولا يصدق احد ان تلك الاطراف كان يضمها خندق واحد.. وهناك من فقدوا القدرة على الاحتمال فانتحروا او تحولوا الى معسكر الاعداء.. ولا نعجب عندما يدعو ماركسي لحل الحزب الشيوعي!! او يعمل من يدعي التمسك بالماركسية لتغيير الطبيعة الطبقية للحزب..! ماركسيون ينفذون بأدب جم مع الخصوم السياسيين اهداف خصومهم... ولا بد ان تكون لهم اهدافهم كما السوفيت.. وهذا موضوع آخر.. وتحليل السوفيت 6691م ربط بين مكانة الشرائح المتوسطة في الديمقراطية الثورية بالواقع الاجتماعي لبلدان العالم الثالث، والذي من سماته الاساسية ضعف الطبقة العاملة التي تكون فرصها في الحكم قليلة على المدى القصير، كما ان الطبقة العاملة قليلة العدد مع ضعف التمايز الاجتماعي، خاصة في البلدان الافريقية، كما ان الطبقة العاملة ليست لها تنظيمات وبرامج مستقلة تؤهلها لقيادة المزارعين وفقراء المدن وكادحيها، بل على العكس فإن هذا الواقع يجعل الطبقة العاملة تحت قيادة الاتجاه الوطني الاصلاحي.. وهكذا سعى السوفيت لتكبيل الاحزاب الشيوعية الوطنية التي لا امل لها في السلطة السياسية إلا بالانقلابات العسكرية. وهذا هو الأساس الذي استند عليه السوفيت في دعم انقلاب مايو 96م والتيار الانتهازي اليساري داخل قيادة الحزب الشيوعي السوداني، كما أن اهتمامهم في ذلك الوقت بالدور المتعاظم للجيوش في بلدان العالم الثالث ودورها الحاسم، تم بناؤه على الحجج التالية: ٭ بلدان العالم الثالث حديثة الاستقلال، وتتمكن منها العلاقات العائلية والقبلية، وهذه تكبح الشعور الوطني او تسيطر عليه، وهنا يكون الجيش هو المؤسسية الوحيدة التي ترمز الى (الوحدة). ٭ الجيش من المؤسسات الحديثة، ودائما يسيطر عليها هاجس التحديث، وعلى ذلك يمكن أن يمثل التطلعات العامة، ويستفيد من جهود التقني (رمز التقدم). ٭ وفي المجتمعات المتخلفة يتخذ الجيش موقعا طليعيا، وبعد الحكم يكون القوة الوحيدة التي هي فوق الطبقات (رمز الأمة). وفي مقابل نظرية السوفيت الانتهازية اليسارية والتي كان د. فاروق احد قارتها، كانت للتيار الشيوعي الثوري داخل الحزب الشيوعي السوداني نظريته وهي: ٭ ان هناك خروقات بين اوضاع الجيوش في مناطق التحرر الوطني والبلدان الرأسمالية، حيث تكون الجيوش في الدول الرأسمالية المتقدمة تحت خدمة الطبقات الاحتكارية، وتشكل اداة للقمع والاضطهاد لحركة الطبقة العاملة. وهذا لا يتوافر في السودان (البلد المتخلف). والقول إن الجيوش في البلدان النامية والسودان ضد التقدم قول خاطئ. ٭ وان الحزب الشيوعي السوداني لا يضع كل الجيش في صف القوى المعادية للثورة السودانية.. والقوات المسلحة في السودان تدخل بين قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية حسب فئاتها الاجتماعية وتوزيعاتها الطبقية. ٭ اغلب الضباط هم من البرجوازية الصغيرة، وهناك ابناء المزارعين وعناصر من العمال يعملون جنودا، فالقوات المسلحة لا تضيف طبقة جديدة او فئة اجتماعية جديدة للقوى الطبقية والاجتماعية. والجيش لا ينعزل عن عمليات الصراع الطبقي. ٭ من التصورات الخاطئة أن الفئات الوطنية والديمقراطية في الجيش تحتل مركزا متقدما في نشاط الحزب، على اعتبار انها الفئات المسلحة، وبالتالي الأقدر على حسم قضية السلطة السياسية بسرعة.. وهذا التصور غير ماركسي، وان الثورة الديمقراطية هي ثورة الاصلاح الزراعي التي لا يمكن ان تصل الى نتيجتها المنطقية الا باستنهاض جماهير الكادحين من المزارعين على نطاق واسع، وادخالهم ميادين الصراع السياسي والاقتصادي والفكري. ٭ إن التكتيك الانقلابي ايديولوجية غير شيوعية قد يلجأ اليها ضباط للتخلص من ازمة الحكم، ودفع البلاد في طريق التطور الرأسمالي (انقلاب 85 وانقلاب 98)..!! كما يمكن أن يلجأ اليه ضباط ديمقراطيون (انقلاب 96م).. وأن النضال الجماهيري وحده لا سواه، والجماهير من خلال نضالها اليومي وحده لا سواه تنفذ مهام الثورة الديمقراطية. وأكون كاذبا اذا كتبت أن التيار الشيوعي الثوري داخل الحزب الشيوعي السوداني، لم يتأثر باخطاء الاممية، او انه لم يخطئ ابدا، لقد اخطأ التيار وكذلك قائده عبد الخالق، لكن تم الاعتراف بتلك الاخطاء وتم تصحيحها علانية. ونذكر ان الفترة 6591 - 2791 العصر الذهبي للمدارس الاشتراكية (الخاصة) ذات العلاقة الوثيقة بنظريات الانتهازية اليسارية والافكار غير الشيوعية التي نشرها السوفيت و (الاممية) بين الاحزاب الشيوعية الوطنية. فالذي يحدث دائما بعد الانقلاب العسكري للديمقراطيين الثوريين إقامة التنظيم الاشتراكي الواحد (الجماهيري) و (البرنامجي) و (غير الماركسي) واحيانا معاديا للماركسية.. والحزب الشيوعي السوفيتي (السابق) ودولته (السابقة) وممثلوه السابقون في الحركة الشيوعية العالمية ووكلاؤه السابقين داخل الاحزاب الشيوعية الوطنية، ظلوا القوى الاساسية الداعمة لتلك الاحزاب والتنظيمات الاشتراكية غير الماركسية، والتي تضطهد الشيوعيين الوطنيين وتحظر أحزابهم اذا لم تستجب لنصح القوى الداعمة بحل تلك الاحزاب الشيوعية والاندماج في الاحزاب والتنظيمات الاشتراكية. ومن الاخطاء التي وقع فيها عبدالخالق: ٭ تصور ثورة اشتراكية بدون حزب شيوعي. ٭ وجود مدارس اشتراكية (خاصة) في دول عربية وافريقية. ٭ تأييد حل الحزب الشيوعي المصري لنفسه .. الى آخره. لكن قائد التيارالشيوعي الثوري أعلن امام كل الحزب: ان الحزب الشيوعي السوداني وقع في خطأ تغليب الحلف السياسي على قضايا التمايز الايديولوجي، بين الفكر الديمقراطي الثوري والفكر الشيوعي، وان ذلك ظهر في العمل الدعائي العام. قال عبد الخالق: ظهر ذلك الخطأ في المحاضرات، عن المدارس الاشتراكية التي القيتها في مؤسسات مختلفة من بينها جامعة الخرطوم.. والخطأ في بعض ما كتبته في الصحف ومن بينها جريدة «الميدان».. الى آخر.. وكتب: إن التجارب العملية دع عنك الخبرة النظرية، تؤكد ان البلدان التي تدخل فترة الثورة الوطنية الديمقراطية ولا تتحول خلالها الطبقة العاملة الى قوة مستقلة قائدة، لا يتكون فيها حزب الطبقة العاملة الماركسي إن لم يكن موجودا من قبل، ستتعرض للجمود والركود وتفتح فيها الفرص لنشاط القوى ذات الاتجاهات الرأسمالية. فهل يجوز- من بعد كل ذلك - تبني افكار عبد الخالق التي اقرَّ علانية بأنها خاطئة وانتقدها، ولم يتراجع فقط عن الاخطاء بل قام بتصحيحها، دون ايضاح للجذور والاسس الفكرية التي تريد للشيوعيين السودانيين تكرار تلك الاخطاء؟! المراجع: الماركسية وقضايا الثورة السودانية 76م. المؤتمر التداولي للحزب الشيوعي السودااني 07م السياسة السوفيتية في الشرق الاوسط (هيلين كاري) 57م. تطور الرأسمالية وكفاح الطبقات في مصر- فؤاد مرسي. صحف يومية سودانية.

No comments: