Monday, May 26, 2008

التحالفات المؤقتة واللجان الثنائية بديل العمل الجماهيري (3-4(

التحالفات المؤقتة واللجان الثنائية بديل العمل الجماهيري (3-4(

محمد علي خوجلي

العلاقات السياسية بين قيادات احزاب (اهل القبلة)!! الاسلامي والامة والاتحادي قوية ولا يقطعها سيف وتربط بينهم المصالح العميقة وهم الاقرب للتحالف الاستراتيجي فالقيادات في معظمها تمثل شرائح طبقة واحدة، وما بينها مما يسمى خلافات هي من باب التنافس لا الصراع، والعلاقات بين حزب الامة وحزب الحركة الاسلامية ضاربة الجذور بالنشاط المشترك والجهاد العسكري والمدني.
جبهة احزاب المعارضة للحكم العسكري الاول 58/64 والى جانبهم الاتحادي بعد تحولهم من مؤيدين الى معارضين او في الحقيقة (منافسين) اسقاط حكومة اكتوبر الثورية 1964م، حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، اتفاق الاحزاب الثلاثة على مشروع الدستور الاسلامي 1968من والذي يحرم بموجبه اي نشاط ثوري، معارضة انقلاب مايو 1969م، معركة الجزيرة أبا وودنوباوي 70، اقامة الجبهة الوطنية للمعارضة التي مركزها في الخارج (ليبيا)، انتفاضة شعبان 1973م، حركة محمد نور سعد 1976م، والمصالحة الوطنية 1977م، حكومة الوفاق بين الفرسان الثلاثة في 1987م، وفي ذلك كتب د. الترابي (1987م):
ان هناك تحولا جذريا وايجابيا قد حدث في علائق حزب الامة بالجبهة القومية الاسلامية والصراع في السابق بينهما لا يعود لاسباب استراتيجية بل لاسباب تنافسية انتخابية زالت بزوال اسبابها وعادت العلاقات الى طبيعتها.
ورد الامام الصادق المهدي التحية بمثلها فقال في الجمعية التأسيسية(8/10/1987م):
اذا استعرضنا المحصلة لهذه المراحل في العلاقات بين الامة والجبهة القومية الاسلامية، نجد ان معظم هذه المراحل كانت وفاقا بين الجانبين وان الخلاف كان مرحلة استثناء والذي كان مستغربا هو الخلاف وليس الوفاق.
وحزب الامة القومي مدرك لطبيعة التحولات التي حدثت في تنظيم الاسلاميين في السودان إبان الحقبة المايوية وما بعد ذلك، فالامام الصادق المهدي ليس ببعيد منهم (1) وكتب د. فضل الله علي فضل من قيادات حزب الامة في كتابه (من يحكم السودان):
ان الجبهة القومية الاسلامية تنظيم طبقي ويرتبط بعجلة النظام الرأسمالي العالمي وان دخول كوادر الجبهة القومية الاسلامية في المجال المصرفي والتجاري حولها من مجموعة فكرية (عقائدية) تنشد المثالية الى طبقة رأسمالية مترهلة وقاد ذلك الى تصنيف الجبهة القومية الاسلامية في المعاجم السياسية من تنظيم آيدولوجي ذي اهداف محددة الى تنظيم طبقي يتمحور حول مصالح اقتصادية ويرتبط بالرأسمالية الدولية.
ان اهم لجنة ثنائية اقامها حزب الحركة الاسلامية الحاكم مع حزب الامة (لقاء الشريحة مع الشريحة) كانت بعد لقاء جيبوتي بين البشير والصادق في 25 نوفمبر 1999م، وكان موضوع اللقاء: وسائل دفع جهود الوفاق الوطني بالسودان والاتفاق على اعلان مبادئ تحقيق الحل السياسي الشامل فتكون حجة اللجنة الثنائية في 1999 و 2008م، واحدة.
وتضمن اعلان مبادئ (نداء الوطن):
-
ان تكون المواطنة هي اساس الحقوق والواجبات الدستورية.
-
مراعاة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان.
-
الاعتراف بالتعددية الدينية والثقافية والاثنية.
-
اقامة حكم البلاد على اساس فيدرالي وتوزيع السلطة بين المركز والولايات.
-
لا تنال اية مجموعة وطنية امتيازا بسبب انتمائها الديني او الثقافي او الاثني.
-
المحافظة على قومية مؤسسات الدولة المبنية على اعتبار الكفاءة المهنية معيارا اساسيا.
-
المشاركة العادلة في السلطة المركزية.
-
المشاركة العادلة في السلطة بكافة مستوياتها واقتسام عادل للثروة.
ووقع عن حزب الامة مبارك عبد الله الفاضل (امين العلاقات الخارجية لحزب الامة) وعن حزب الحركة الاسلامية مصطفى عثمان اسماعيل (وزير العلاقات الخارجية) والذي يقود اليوم حوار اللجنة الثنائية ايضا، وفي 2002م، انتهى الحوار وشارك مفاوضو حزب الامة في السلطة.
وتحدث وكتب كثيرون عن هجرة الرأسمالية من الحزب الاتحادي تيار (المرجعيات) الى نصف حزب الحركة الاسلامية شريحة الرأسمالية الجديدة الحاكم وهو امر طبيعي أسف له البعض ورحب به اخرون كعملية (تنظيف) يحتاجها الحزب الاتحادي لاكمال ممايزة الصفوف بين الراغبين في التقرب للمؤتمر الوطني والمتشبثين بمبادئ الحزب بعبارة اخرى تتمنى قيادات الطبقة المتوسطة انتقال شريحة الرأسمالية دون ان تنقل معها الحزب والحال من بعضه!!.
لكن هجرة الرأسماليين الاتحاديين للرأسمالية الجديدة الحاكمة تشير الى أمرين:
اولا: ان معظم قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي هي من شريحة الرأسمالية.
ثانيا: ان حزب الحركة الاسلامية (نصفه+ نصفه) من الرأسمالية الجديدة وتوجد ايضا هجرة في هذا الجانب.
ولنعود معاً الى ديسمبر في العام 2003م، ونعيد التوثيق في اتفاق المصالحة بين التجمع والحكومة الذي عُرف باتفاق جدة او وثيقة جدة حيث تهمنا ثلاث مسائل ذات علاقة بموضوعنا:
الاولى: ان اتفاق المصالحة هو نتيجة (لجنة ثنائية) بين الحزب الاتحادي و(اختطف اسم التجمع) وبين حزب الحركة الاسلامية (واختطف اسم الحكومة).
الثانية: ان هيئة قيادة التجمع اجازت بالاجماع تلك الوثيقة والتي قام عليها المحور الاقتصادي لاتفاقية المصالحة الوطنية والسلام الشامل 2005م، بين التجمع الوطني والحكومة.
الثالثة: الفقرة ب/ خامسا من الاتفاق والتي تنص على التزام الطرفين بالمضي قدما في سياسات الانفتاح وتوجيه السياسة الاقتصادية نحو اقتصاد السوق الحر ورفع يد الدولة ومؤسساتها عن الانشطة الانتاجية والتجارية والخدمية.
وهذا يعني التسليم طوعا لنهج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي الذي اورث البلاد الخراب واذاق شعوبها مرارات الفاقة، ومنذ ذلك التاريخ تم اختطاف المعارضة نهائيا. ان اتفاقيتي (جدة والقاهرة) هما تأييد للنظام الاقتصادي لشريحة الرأسمالية الجديدة في حرية السوق وغل يد الدولة من التدخل في النشاط الاقتصادي والخدمي لصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الكادحة، وجاء التأييد في اتفاقية جدة بشكل من التواثق لا يسمح لاي حوار لاحق بمقتضى بنوده بأن يتطرق لغير التفاصيل، تفاصيل الاتفاق وهذا دلالة على ان الاتفاقية رتبتها الرأسمالية السودانية الجديدة والرأسمالية الدولية.
ان اتفاق جدة واتفاق القاهرة في محوره الاقتصادي يؤكد ان البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لشريحة الرأسمالية الجديدة الحاكمة يتطابق مع مصالح قيادة حزب الامة القومي وقيادة الحزب الاتحادي ومصالح قيادات كل الاحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة التي اجازته بالاجماع في اجتماع هيئة قيادة التجمع الوطني، وهذا هو الاساس المادي للجان الثنائية سداسية او غير سداسية.
أما بشأن هجرة الرأسمالية من الحزب الاتحادي الى حزب الحركة الاسلامية فلا بد من مراجعة ما كتبه د. التجاني عبد القادر:
تولد لدى حزب الحركة الاسلامية (مكتب التجار) ليكون بمثابة الاصابع التنظيمية في السوق ثم تحولت اشتراكات العضوية الصغيرة الى شركات، ثم صارت كل شركة صغيرة تكبر حتى تلد شركة اخرى، ولما تلاحظ ان عددا كبيرا من العضوية الاسلامية ميسورة الحال في السعودية ودول الخليج تم انشاء مكتب (المغتربين) ليقوم بجمع الاشتراكات ثم تحولت وظيفته بصورة متدرجة الى ما يشبه الوساطة التجارية والوكالة والاستثمار ولما تلاحظ تكرار المجاعات والكوارث في السودان أُنشئت اعداد من المنظمات الخيرية التي تهتم بالعون الانساني ولكنها تركت لاصحاب العقلية الرأسمالية التوسعية فصار القائمون عليها في كثير من الاحيان ينحدرون من الشريحة التجارية ذاتها، الشريحة التي تتخندق في البنوك والشركات والمكاتب التجارية ثم (كانت اللحظة التاريخية) التي وقع فيها التلاحم الكامل بين الشريحة التجارية والمؤسسات الاقتصادية في الدولة، اي مع استيلاء حزب الحركة الاسلامية على السلطة السياسية الفعلية فاصبحت اجهزة الدولة ومؤسساتها ادوات تحقيق مصالح الشريحة الرأسمالية التجارية والعقارية المحلية والدولية وتطابقت مصالح بيروقراطية الدولة والشرائح الرأسمالية الحاكمة ولم يعد المشروع الحضاري او العدل الاجتماعي ما يهم الغايات الاجتماعية المهيمنة وتحالفها القائم (شريحة الرأسمالية الجديدة والقوى الامنية والبيروقراطية في داخل الدولة) والقوى القبلية خارج اجهزة الدولة.
ان كافة المساعي التي يراد بذلها في التحالفات واللجان الثنائية والمؤتمرات ستكون بالضرورة في اطار ترسيخ السلطة السياسية لشرائح الرأسمالية الجديدة و (التعاون) مع الشرائح خارج الحكم والفئات الاجتماعية الطفيلية وبيروقراطية الدولة، واعتقد ان هذه المرحلة هي مرحلة (توفيق مصالح شرائح الطبقة والاشباه في كافة الاحزاب والتنظيمات السياسية).
ونتذكر ان شرعية السلطة السياسية الراهنة استمدها نصف حزب الحركة الاسلامية من اتفاقية سلام نيفاشا وهذه (الشرعية) تواجهها في الفترة المقبلة مهددات عظيمة تحالفات انتخابية تفقدها السلطة ديمقراطيا مثلما ان (مقاطعة الانتخابات) او (تأجيل الانتخابات) بمد الفترة الانتقالية تكون مهددات جديدة، ولتفادي كل ذلك وغيره فان الوفاق الوطني الذي يمنع المقاطعة ضروري!! والاتفاقيات الثنائية التي تحقق القسمة العادلة للسلطة والثروة لشرائح الطبقة التي حرمت منها اصبح امرا لا مفر منه، والاجماع الوطني الذي يتخذ اجراءات لمنع الاضرار عن السودان وابعاده عن حالة التشظي هو وسيلة تعاون الشرائح الحاكمة والمعارضة لاستقرار الحكم واستقرارالمصالح.
وعلى ذلك فان إنسان السودان وتعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية لصالحه، صالح الاغلبية من الفقراء 96% من افراد الشعب، ورد الحقوق الى اهلها لن يكون محل نظر التحالفات واللجان والمؤتمرات، ولن يوجد قانون لاعادة المفصولين ولا قانون لمحاربة الفساد ولن تتم محاسبة او مساءلة لكل الذين انتهكوا حقوق الانسان في انحاء البلاد المختلفة فماذا يجني الشعب من كل تلك الضجة التي تثار بخلاف صرف الانظار؟.
ان شرائح الطبقة الحاكمة من الرأسماليين والاشباه خارج اجندة الدولة ومعاونيهم من بيروقراطية الدولة والفئات الاجتماعية الطفيلية في كل الاحزاب يتأذون من العمل الجماهيري فاللجنة التمهيدية للقوى السياسية المعارضة او برلمان الشعب (اكتوبر 2007م) قتلت من قبل قيامها وانتشارها لسبب واحد وهو قولها:
انه قد تم الاتفاق على تأسيس (تيار وطني جامع) اي قواعد الاحزاب المنفصلة عن قياداتها، يقوم على اساس ميثاق وبرنامج عمل يرتكز بصورة اساسية على مجموع (جماهير الشعب) ليتولى ادارة شؤونه بنفسه، وان استنهاض الجماهير وتنظيمها يعد احساسا لاي تحرك، وان الجماهير قادرة على اخراج البلاد من الازمة بالتخلص من نظام القهر والاقصاء واستشراء الفقر وان الجماهير وحدها لها المصلحة والقدرة على إقرار (سبل خروجها) من المأزق و اقرار البديل.
وقيادة التجمع الوطني الديمقراطي واحزابه حرصت -كما الحكومة- على عرقلة اي نشاط معارض للحكومة مستقلا عن قبضتها .. ان تلك القيادات مهمتها بسط الاستقرار!! فتطلق السنتها الغليظة مع استعداد اجهزة الاعلام لتلقفها فهي كما عارضت اللجنة التمهيدية للقوى السياسية المعارضة عارضت قبل ذلك منتدى السلام السوداني والتحالف القومي وتحالف المعارضة الوطنية وتطلق مقولاتها المأثورة ان قيام اي تنظيم معارض يعني اقامة تنظيم موازي للتجمع الوطني وهو خدمة للمؤتمر الوطني، حتى عرف الناس اخيرا من الذين يعوقون النشاط المعارض ويخدمون المؤتمر الوطني (وهي مهمة امنية)!!
وفي نفس الوقت الذي يرفض فيه التجمع قيام اي تنظيم معارض اخر (خلافا لحرية التنظيم!!) فإن الحكومة اعلنت مراراً انها لا تعترف بأية معارضة بخلاف التجمع الوطني .. الحقيقة ان المؤتمر الوطني دافع عن احتكار التجمع لقيادة المعارضة مثلما دافعت المعارضة التجمعية عن احتكار المؤتمر الوطني للساحة السياسية السودانية.
ونواصل،،،

No comments: