Saturday, May 31, 2008

تنظيمات التضامن وتجديد الأساليب (3-4)

تنظيمات التضامن وتجديد الأساليب (3-4)

الصعوبات تأتي من الداخل!

محمد علي خوجلي

مع بدايات الدورة النقابية الحالية تداول اعضاء من اللجان والروابط والجمعيات ولجان الحقوق بين العاملين حول مقترح بناء (اللجنة العمالية المؤقتة) وكيفية دخول المعركة الانتخابية تحت شعارات محددة. واجرت لجان الحقوق اتصالات بقيادات عمالية تاريخية وذوي الخبرات من الحركة الشعبية.. وتم تأجيل الفكرة والتي كانت مفاجئة للجان الحقوق التي لم تكن تتوقع طلب مرشحين للهيئات النقابية من منشآت مختلفة بهدف التجميع والتنسيق فيما بينهم كما أن اللجان تخوفت من العودة مرة اخرى للخلف باقامة تنظيم مركزي في العاصمة القومية يوجد نفسه لادارة المعركة في مناطق متعددة وكثير منها خارج ولاية الخرطوم وانه مهما كان نبل الاهداف والمقاصد فسيختلف التقييم ما بين (المبادرة) و(الوصاية) و(القومية). وظل منهج اللجان الا تكون طرفاً في نزاعات وزاد الموقف ضبابية بالدعوة ايضا لقيادات نقابية تاريخية بمقاطعة الانتخابات النقابية.. ثم عدلت ايضا موقفها بصورة مفاجئة..الخ.
ومع استمرار التداول توصلت اللجان الى ان هذه المهمة يجب ان تتولاها القيادات النقابية للهيئات المختلفة المتنجة بقانون المنشأة او التي لم يحالفها النجاح مهما كانت اعدادهم وان يتم التجميع من داخل التكوينات النقابية او المنشآت التي ليست بها نقابات وتكوين اللجنة العمالية المؤقتة على كافة مستويات الحكم باعتبار ان مهام ومسئوليات التغيير بالبناء او اعادة بناء النقابات الجزء الاكبر والاساس يتم عن طريق العاملين داخل المنشآت بالواقع الجديد للبلاد. وعلى ذلك تم الاتفاق مع القيادات العمالية في الحركة الشعبية وبعض القيادات النقابية التاريخية.
وبذلت جهود مقدرة ليكون طرح شعار الغاء قانون النقابات لعام2001م وان يتضمن القانون الجديد التعددية المهنية والنقابية والعمل على قيام الجمعيات العمومية ومناقشة خطاب الدورة والميزانية وحتى قيام الجمعيات العمومية اذا تحللت النقابات من الدعوة لها بحسب القدرات الفعلية وانه يجوز القبول بقائمة وفاقية(!) اذا كانت القدرات ضعيفة.
وان امام اللجنة العمالية المؤقتة ثلاث مهمات رئيسية:
1-
تكوين النقابات في المنشآت التي ليست بها نقابات بالاشكال التي تقررها القواعد (منشأة) أو (مهنية) وتكون هذه النقابات الجديدة والتي في الغالب لن يتم الاعتراف (الرسمي) بها، جزءاً من اللجنة التي تنتخب قياداتها وتواصل استكمال المهام وتظل (قيادة تمهيدية).
2-
العمل على تغيير اشكال تنظيم وقيادات النقابات القائمة بالوسائل الديمقراطية وعبر استفتاءا الجمعيات العمومية بجمع التوقيعات وسحب الثقة الفردي او الجماعي..الخ ممارسة لمبدأ الديمقراطية النقابية.
3-
ان يتوازي النشاط العملي في المهمتين مع نشر الوعي النقابي والنضال من اجل قانون نقابات ديمقراطي.
وجوهر (التضامن) في مقترح (اللجنة العمالية المؤقتة) استناده على المبادئ:
*
البناء واعادة البناء للعاملين والنقابيين بالخدمة.
*
تمثيل مجموعات العاملين بالخدمة الذين لا نقابات او لجان او روابط او جمعيات لهم في اللجنة الى جانب التنظيمات الفعلية القائمة.
*
ان تعمل كل قوى العاملين (مع مساعدة المتطوعين والقيادات النقابية التاريخية بحسب طلب اللجنة) بالاشتراك داخل المنشآت التي يتم تحديدها وفي كل القطاعات واحداً بعد الآخر.
*
والمبدأ الأساسي الذي يحكم كل الانشطة ان الوحدة العمالية تكون بخوض المعارك لا عن طريق الاتفاقيات الفوقية(!).
وتنبهت اللجان ان هذا النشاط لن يرحب به اتحاد العمال وحزبه الحاكم وسيقاومه بكافة الطرق مما يقتضي التوحد الفكري والتنسيق في ادق التفاصيل. وبرزت وجهتا نظر بالنسبة للممارسة: اتجاه العمل بالتدرج وعلى مستويات الحكم ولاية بعد اخرى، ولهذه الوجهة اسبابها وترى الاخرى انتشار النشاط في جميع الولايات في وقت واحد ولها ايضا مبرراتها. وفي كل الأحوال فان الامر يتطلب من (المبادرين) و(الداعمين) الانقطاع التام للمهمة وتوفير الاعداد الكافية من منسقي الانشطة فالمهمة تحتاج الى مئات لا عشرات يجوبون المناطق الصناعية والمدن في كل انحاء البلاد مع ايلاء اهمية خاصة للاقليم الجنوبي.
وقد كان لفكرة اللجنة العمالية المؤقتة (دواعيها) فهي ليست مجرد رغبة طارئة والا لما تواصل التداول حولها لعامين. هي احتياج موضوعي عرضت آفاقه في الجزء الثاني من المقال. فقد آن وان مواجهة واقع احتكارية القيادات النقابية الموالية لحزب الحركة الاسلامية الحاكم. وزاد من الحاجة الى اقامة اللجنة المؤقتة استمرار غياب الديمقراطي النقابية واستقطاع قسم واسع من سلطات الجمعيات العمومية وقسمتها بين قيادة اتحاد العمال ومسجل التنظيمات بقانون 2001م والنظم الأساسية واللوائح الداخلية.
حيث يعز انعقاد الجمعيات العمومية حتى عند نهاية الدورة النقابية واصبح من المستحيلات سحب الثقة الفردي او الجماعي من القيادات النقابية القائمة بحكم الاجراءات المفروضة واجبة الاتباع. ومن دواعي قيام اللجان والجمعيات والروابط ولجان الحقوق ما يعانيه العمال من تدني في المرتبات والاجور وضعف نظم الحماية الاجتماعية (التأمين الاجتماعي، المعاشات والتأمين الصحي) بل حتى استحقاقات نهاية الخدمة في المنشآت الكبيرة والحكومية وبالذات في ولاية الخرطوم أصبحت من المشاكل مستعصية الحلول وبالذات معاشات الصندوق القومي للمعاشات فالعمال الذين احيلوا للتقاعد بسبب بلوغ السن القانونية منذ سنتين لم يتمكنوا من تسوية معاشاتهم فولاية الخرطوم اوقفت توريد استقطاعات واستحقاقات العاملين بها للصندوق القومي للمعاشات بعد قرارها بتكوين صندوق للمعاشات خاص بالولاية (وهذا من حقوق الولاية الدستورية بقسمة السلطة والجدول (ج)) لكن صندوق الولاية لم يباشر مهامه.. والقضية ليست يسيره ولا أحد يسأل.. فهل سيقوم الصندوق القومي للمعاشات بسداد مبالغ العاملين المستقطعة والمدفوعة للصناديق الولائية؟
كل ذلك وغيره دفع العمال للبحث عن وسائل خلاصهم فكان قيام تلك اللجان على امتداد الوطن (الا الاقليم الجنوبي) باساليب عمل جديدة اهمها ان تلك التنظيمات تملك زمام امرها، ولا تأتيها موجهات من (قطاع) او (قيادة) ما من خارجها، وتعتمد على نفسها في تمويل نشاطها (ولن تقبل تمويلاً من اية حكومة وطنية، وسفارات دولة اجنبية لرفع قدراتها ولن يتم استدعاؤها للتحقيق من قبل الاجهزة الرسمية لمثل هذا السبب!!).
ولذلك يكون نشاطها على قدر استطاعتها وبحسب الوقت والجهد الذي يتطوع به الاعضاء خاصة وانه لا توجد لائحة تكبل حركتها او تقيد من يرغب في العمل او يرغب في الانسحاب منه(!).. كل الذي تضعه امامها العمل الجاد للانتصار لحقوق العمال وبذل للمكن في تنظيمهم وتوحيد صفوفهم.
واختلاف مفهوم اللجان عن (اللجنة العمالية المؤقتة) انها جسم تنسيقي مؤقت ومحدد المهام وليس من واجباته اصدار الموجهات للعاملين بولاية او اخرى ومن واجبه التقريب بينهم والتنسيق بين انشطتهم فهم اصحاب القرار.
واستناداً على كل ذلك فان مكتب الفئات بالحركة الشعبية عندما طرح فكرة (التضامن النقابي) اعتقدنا انها بذات المفاهيم التي جاءت عبر هذه الجزئية وانها اسم آخر لما عرف بيننا بالتداول فقط انه (اللجنة العمالية المؤقتة) واستبشرنا خيراً فماذا وجدنا؟
في الاجتماع الاول بجامعة الخرطوم وهو اجتماع تأسيسي ظهر اتجاهان. اتجاه اقامة التضامن الجديد بذات اهداف (اللجنة العمالية المؤقتة) واتجاه الابقاء على المجلس العام للاتحادات والنقابات (الشرعي) وان ينضوي الآخرون تحت لوائه (قيادة في انتظار الجيش الذي تقوده!!) ولا ندفن الرؤوس تحت الرمال. فالمعلوم ان التنظيمات (الشرعية) هي – الآن- في الحقيقة تجسيد رمزي لنضالات العاملين منذ انقلاب 1989م نحترمها ونقدر ما قدمت لكن هذه التجمعات الرمزية ليست لها نقابات ولا اتحادات واذا وجدت النقابات والاتحادات فلا توجد مشكلة وهي التي تكون تضامنها برغبتها ودون تدخل من قبلنا او الآخرين.
واذا كان المقصود ان تأتي النقابات الجديدة والنقابيون والعاملون الديمقراطيون داخل تكوينات المنشآة لتكون تحت القيادات الشرعية لتتكفل بقيادتها والتي لم تعد الجمعيات العمومية التي انتخبتها موجودة فان هذا المفهوم او القصد يتجاوز احتكارية حزب المؤتمر الوطني الحاكم الى فرض (أبويه) لا مكان لها اذا توافر حسن النية والى عملية (سطو) على البضاعة من قبل احضارها اذا توافر سوء القصد(!) ومال الاجتماع للتضامن النقابي من حيث المبدأ فما الذي يجري الآن؟
ان الاجسام المتوقع ان يتكون منها التضامن النقابي هي:
المهندسين، الأطباء (النقابة الشرعية)، اتحاد الموظفين (الشرعي، اتحاد العمال (الشرعي)، البنوك (المفصولين) عمال السكة الحديد (المفصولين)، اللجنة القومية للمفصولين، اللجنة التنفيذية للمفصولين، رابطة الاطباء الاشتراكيين، اتحاد اطباء السودان الجديد، اتحاد مهندسي السودان الجديد، فئات الحركة الشعبية، تجار سوق ليبيا(!)، اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الهيئة النقابية لاساتذة جامعة الخرطوم، تحالف المزارعين، هيئة الدفاع عن الحقوق.
ولأن المقال تحليلي فان بعض الزيادة او النقصات في المكونات لا يخل بالملاحظات الاساسية وهي:
نلاحظ ان (الأبوية)، الى حين اخطار آخر انتجت الآتي:
*
المهندسين والأطباء جزء من اتحاد المهنيين الشرعي والمعادلة هنا 1= 2 (واحد يساوي اتنين).
*
المفصولون من البنوك جزء من اتحاد الموظفين الشرعي وممثل البنوك من اللجنة القومية للمفصولين وعمال السكة الحديد المفصولين هم جزء من اتحاد العمال الشرعي وممثل عمال عمال السكة الحديد المفصولين في اللجنة القومية للمفصولين وجميع المفصولين هم اما جزء من اتحاد العمال الشرعي او الموظفين الشرعي او المهنيين الشرعي والمعادلة هنا 1=4 (واحد يساوي أربعة).
وهكذا..الخ المعادلات التي يتجتها النهائية (حتى الآن) ان 72% من مكوني التضامن النقابي يعيدون عن واقع الحركة النقابية القائم..
واذا تم التمثيل باعداد متساوية للاجسام وهي قسمة ضيزى(!) فانها تماثل نسبة حزب الحركة الاسلامية الحاكم 52% والتي هي أكثر من واقع اجازة القرارات والتوصيات في الهيئات التشريعية الولائية والهيئة التشريعية القومية(!!) فان النتائج تكون كالاتي:
عمال الحركة الشعبية واللجان العمالية في الخدمة، والطلاب، واساتذة الجامعات، والتجار(!)، كل جهة بنسبة 5.9% بجملة 29.5 للجهات الخمس.
ويكون تمثيل المهنيين بنسبة 35.3% والموظفين بنسبة 23.2% بجملة 58.8% اما تنظيمات المفصولين (الصريحة) والقيادات الشرعية بلا نقابات فنسبتها 48%..الخ الكلمات المتقاطعة.. فهل يمكن تصحيح الاوضاع المقلوبة؟
من الواضح ان تجسيد المشروع، مشروع التضامن النقابي لواقع حي وليس انجازاً لإداة تستعمل عند اللزوم لن يكون أمراً ميسوراً. وكما تأتي الصعوبات من خارج مكوناته: الحكومة وحلفاؤها واتحاد العمال والاجهزة الرسمية فان اخطر الصعوبات تأتي من داخله وبالاضافة لما عرضت حول الاجسام المكونة للمشروع فان تلك الاجسام نفسها متباينة المواقف ومن امثلة ذلك:
*
هناك من يطرح بايمان مشروع قانون النقابات الديمقراطي والكونفدرالي المتسق مع الدستور القومي الانتقالي واعتقد انه الموقف المبدئي والصحيح.. وآخرون يتمسكون (بتعديل) قانون النقابات القائم لسببين ان اتحاد العمال وحزبه الاسلامي الحاكم لن يقبلا بتغيير القانون (أولاً) ولأن التعديل (خير) من بقاء القانون بصورته (ثانيا). وهذه نقطة جوهرية واحد أسباب نشاة المشروع أصلاً.
*
وهناك من يرى ان التعددية المهنية والنقابية تفتيت للحركة النقابية ولذلك يتمسك بلائحة البنيان النقابي وآخرون ينادون بعدم تقييد الحريات النقابية.
*
بعض اجزاء مشروع التضامن تنظر اليه كتنظيم دائم ويعقد مؤتمراته..الخ وآخرون ينظرون اليه كجسم تنسيقي مؤقت ومحدد الواجبات.
*
هناك من يتمسك بالتضامن (تنظيماً) ومركزياً ويطلقون على (المركزية) مفردة القومية وهناك من يرى ان التضامن (جسم تنسيقي) وكما للعاملين بالعاصمة القومية تضامنهم فانه لكل ولاية تضامنها ولكل فئة تضامنها مثلما يوجد تضامن الفئات المختلفة على مستوى اكثر من ولاية او جميع الولايات.
واعتقد ان هناك فرقاً كبيراً بين (مبدأ التضامن) و(تنظيمات تضامن العاملين) ويمكن للمفصولين التضامن مع العاملين بالخدمة في قضية ما او تضامن العاملين بالخدمة مع المفصولين في اي من قضاياتهم وهذا لا يعني انه يجب ان يكون العاملون بالخدمة ضمن تنظيمات المفصولين او العكس، أنني لا ادعو لاستبعاد (القيادات الشرعية) ولا املك الحق. واجد ان العكس صحيح فيقيني كان حركة بناء النقابات او اعادة بنائها تحتاج لجهود القيادات التاريخية من كل الفئات وجهود آخرين ولن تكفى الاعداد الموجودة لمثل ذلك النشاط. ونحتاج لرفع الوعي النقابي والدراسات، والقوانين العمالية البديلة واهمها قانون العمل الذي تواصل تأجيل عرضه على المجلس الوطني 2004-2008(!) ان الجهود المطلوبة من هؤلاء لا حدود لها الا المسئوليات التنفيذية وقيادة تنظيمات التضامن وتحولهم انا رؤساء للنقابات الجديدة من غير جمعيات عمومية.!
ونواصل

No comments: