Saturday, May 31, 2008

بعيداً عن الشعارات السياسية والخصومات الفكرية

بعيداً عن الشعارات السياسية والخصومات الفكرية

التلاحم بين القيادة النقابية وجماهيرها .. قطع الطريق امام الاعداء

محمد علي خوجلي

كتب الاستاذ محمد علي خوجلي في صحيفة الايام مجموعة مقالات تحت عنوان (تنظيمات العاملين وتجديد الاساليب والافكار) متناولا بالسرد والتحليل ماضي وحاضر الحركة النقابية السودانية والواقع ان الحركة النقابية تمر اليوم بمرحلة تتطلب بالحاح تحديد الافكار والاساليب بما يتلاءم مع الاهداف والمصالح العمالية بعيدا عن الشعارات السياسية والخصومات الفكرية والتركيز على قضايا العاملين التي تمثل المرتكز الاساسي للحركة النقابية حيث خلق الابتعاد عنها وتجاهلها نقطة الضعف القاتلة للنقابات الرسمية القائمة، الأمر الذي دفع العاملين الى خوض اضرابات واعتصامات جماعية شملت معظم الفئات والقطاعات متجاوزين الادارات المتسلطة والنقابات القائمة بما يؤكد ان الحركة النقابية قادرة على النهوض والانتصار في معاركها اذا اتحدت ارادة العاملين ونحن امام تجربة رائعة قدمها عمال السكة حديد تخطي حاجز تجميد الدور الفاعل للقيادة النقابية ووقوفها موقف المتفرج او المعارض لحركات العاملين المطلبية حيث انحازت قيادة نقابة السكة حديد في تلاحم ايجابي مع جماهيرها وتحقيق الانتصار بعكس الموقف الذي اتخذته نقابة التعليم العالي التي فصلت وعاقبت فرعية الارصاد لاصرارهم على الدفاع عن مطالبهم بالوسائل المشروعة ومن بينها الاعتصام والاضراب وذلك دليل قاطع على عجز وفشل نظام نقابة المنشأة التي تضم مجموعة فئوية ومهنية مختلفة المصالح والاهداف بعكس عمال السكة الحديد الذين تجمعهم مصالح واهداف مشتركة وذلك هو سر قوة النقابة واي فئة اجتماعية وهو ما اهل عمال السكة الحديد ليكونوا دائما روادا للحركة النقابية وهو الذي دفع اعداء الحركة النقابية لتبني مشروع نقابة المنشأة للقضاء على الاساس الذي يوحد العاملين لهذا فان ما جرى من تلاحم بين القيادة النقابية والعاملين يعود بالذاكرة لمواقف نقابية لعمال السكة الحديد تؤكد تجذر الوعي النقابي وتفوق الالتزام النقابي على الانتماء الحزبي وذلك درس عظيم قدمه عمال السكة حديد في فترة الديمقراطية الاولى عند فجر الاستقلال حيث جرت انتخابات نقابة عمال السكة الحديد التي فاز فيها باغلبية المقاعد اعضاء من الحزب الاتحادي الديمقراطي وفرح واحتفل بهم قادة الحزب الاتحادي اعتقادا منهم بأنهم وهم في السلطة لن يواجهوا مطالب العمال الصعبة بل مجموعة من انصارهم ولكن لم يمض شهر واحد حتى تقدمت النقابة بالمطالب العمالية ثم فشلت المفاوضات واعلنت القيادة النقابية الاتحادية الاضراب وكان ذلك اكبر اختبار لاستقلال الحركة النقابية وابتعادها عن هيمنة السلطة ان كانت قد جاءت بانتخابات ديمقراطية او على رأس دبابة، وبنفس هذا الفهم المتقدم واجهوا حكومة انقلاب 17 نوفمبر 1958م، العسكري الذي حل النقابات والاحزاب التي قاومها العمال حتى اجبرت على اصدر قانون النقابات لعام 1960م، وهي في الواقع لم تكن تهدف الى عدم قيام لجان تمهيدية موحدة للتحضير لانتخابات النقابات الامر الذي فرض على التيارات النقابية تكوين لجان تمهيدية تمثل كل تيار نقابي وهي التيارات الثلاثة ذات التاريخ الطويل في السكة حديد وتتكون من تيار علي محمد بشير وتيار موسى متي وتيار الحاج عبد الرحمن وكانت فرصة سانحة للنظام العسكري لاستغلال التناقضات بين التيارات النقابية لتعطيل عودة النقابات ولكن ادرك النقابيون بخبرتهم الطويلة ما تقدمه خلافاتهم من خدمة لاهداف الديكتاتورية فأجروا اتصالات مع بعضهم وعقدوا اجتماعات سرية واتفقوا على تكوين لجنة تمهيدية موحدة تضم كل التيارات وعلى دستور النقابة الموحدة وحددوا تاريخ اجراء الانتخابات ثم نشر خبر الاتفاق في الصحف وتفاجأ الحاكم العسكري بما حدث وانهيار كل مخططاته فدعى كل اعضاء لجان التيارات الثلاثة بمكتبه في قيادة المدفعية بعطبرة ونظم عرضا عسكريا لاظهار القوة والتهديد للقادة النقابيين.
وعند اكتمال حضور الاجتماع لم يخاطبهم بطريقة عادية وانما في شكل اسئلة يجيب عليها قادة التيارات واحدا بعد الاخر وهي تتلخص في الاتي:
-
كيف اجتمعتم جميعا والاجتماعات محظورة؟ من منكم دعا للاجتماع؟ وهل انتم موافقون على القرارات التي نشرت في الصحف؟ فتوالت ردود القادة النقابيين الواضحة الصارمة؟
نعم نحن اجتمعنا في دار احد منا وان الدعوة تمت بمشاركتنا جميعا وان ما نشر من قرارات يعبر عن رأينا جميعا ثم ساد القاعة صمت طويل بعده خرج الحاكم العسكري وكأنه يترنح من شدة الصفعة العمالية يتبعه رفاقه من الضباط وكأنهم يتسللون من موقع المعركة خرجوا منها مهزومين واقبل النقابيون يعانق بعضهم بعضا لانهم كانوا يخشون ان تخرج كلمة من هذا القائد النقابي او ذاك فتصيب وحدتهم بسهم قاتل يشجع الديكتاتورية على تعطيل الحركة النقابية وتخريبها وفي اليوم التالي اعلن عن موافقة السلطة على اللجنة التمهيدية الموحدة المكونة من التيارات الثلاثة وعلى اجراء انتخابات النقابة في الموعد المحدد فعادت نقابة عمال السكة الحديد قوية وشامخة رغم اختلاف الافكار وتعدد المنابر والمنطلقات وتعززت روح الوحدة والتماسك في كل اطراف الحركة النقابية وتبناها نشطاء نقابيون مهدوا الطريق لثورة 21 اكتوبر الشعبية، فكيف تنادوا واجتمعوا وقرروا ثم نجحوا في تسديد الصفعة القاضية لديكتاتورية 17 نوفمبر؟
*
الكاتب عضو سكرتارية المنظمات الجماهيرية بالحركة الشعبية

No comments: