Saturday, May 31, 2008

الفصل التعسفي غير المباشر

الفصل التعسفي غير المباشر

محمد علي خوجلي

يساهم ضعف الحركة النقابية في اي بلد في تزايد الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، ومصادرة الحقوق المكتسبة، وتقنين الفصل غير القانوني وعدم حصول العمال على اجورهم وحوافزهم المستحقة وعدم صرف المرتبات في مواعيدها..الخ واسباب ضعف التنظيم النقابي معلومة للكافة: احتكار القيادة النقابية، فقدان التنظيم النقابي لاستقلاليته وسيطرة الحكومة عليه والغاءه للديمقراطية النقابية حتى يصبح الاتحاد العام للعمال منبراً للتعبير عن الحكومة اكثر من تعبيره عن العمال.. وبالضرورة فان هذا الضعف يؤثر سلباً على قانون العمل الوطني فلا يهتم بمصالح العمال ولا يحترم المعايير الدولية للعمل.
قانون الخدمة العامة في السودان الغى النص الذي يبيح الفصل من الخدمة للصالح العام، وهو الوضع الطبيعي والمتسق مع الدستور المؤقت والمواثيق والعهود الدولية. لكن قانون العمل الجديد حافظ على النص الذي يبيح الفصل التعسفي بما يعني اهدار حقوق دستورية لفئات من المواطنين للتمييز بسبب المهنة. والملاحظ ان مشروع قانون العمل الجديد كقانون 97 لا ينص صراحة على تعريف الفصل التعسفي ولكن نستنج ان الفصل يكون تعسفياً عند انهاء الخدمة لاسباب غير قانونية. وان معيار الفصل التعسفي هو كل انهاء يقوم به صاحب العمل بدون انذار وخارج حالات الفصل القانوني التي ينص عليها قانون العمل.
ومعلوم انه في كل عقود العمل بصرف النظر عن مدة العقد، يجوز لصاحب العمل ايقاف العامل وعرض الشكوى او النزاع على الجهات المختصة او طلب موافقة مكتب العمل على فصل العامل. فاذا قضى ببراءة العامل او تم رفض الموافقة على طلب فصله فيجب على صاحب العمل رفع الايقاف واعادة العامل الى عمله حيث العقد قائم. رفض صاحب العمل اعادة العامل يعني فصله تعسفياً، كما ان انهاء خدمة العامل دون الرجوع الى مكتب العمل هو فصل تعسفي. والفصل التعسفي بداهة يكون للعاملين في الخدمة المستديمة (عقود العمل غير محددة الأجل) ومعروف ايضا ان عقد العمل قد لا يكون مكتوباً، وكل عامل بعد انقضاء فترة الاختبار، التي يجب الا تتجاوز ثلاثة شهور هو في الخدمة المستديمة، مثلما يجوز تعيين العامل ابتداءاً في الخدمة المستديمة اي دون فترة اختبار.
اما عقود العمل محددة الاجل فليس لصاحب العمل اصلاً الحق في انهائها منفرداَ قبل نهاية المدة مهما كان المبرر الا عن طريق مكتب العمل.. مع ذلك لصاحب العمل في كافة عقود العمل المحددة المدة او غير محددة الاجل الحق في انهاء العقد اذا توافرت مسبباته....
الفصل للصالح العام او لاسباب سياسية في قانون الخدمة المدنية هو فصل تعسفي، ولا يحتاج العامل لكثير عناء لاثبات فصله الظاهر تعسفياً بمقتضى خطابات الفصل سواء بالمرسوم الدستوري الثاني او خلافه. والقاعدة التي تمسكت بها لجان الحقوق ان على الحكومة اثبات ان فصلها كان قانونياً وعبء اثبات التعسف لا يقع على المفصول.
لجان المفصولين رأت ان كل انواع الفصل بجميع مسمياته منذ العام 1989م بين المدنيين والعكسريين وفي القطاعين العام والخاص هو فصل سياسي وتعسفي. لكن لجان الحقوق تبنت تماماً رؤية احدى لجانها المختصة التي قدمتها الاستاذة سميرة سليمان الخليفة وهي : ان الفصل للصالح العام منتشر عبر كل مسمسيات الفصل (الغاء الوظيفة مثلا) حيث تلاحظ ان الفصل هنا وفي حالات كثيرة وكأنه يعني (الغاء شاغل الوظيفة) لا الغاء الوظيفة. حيث يتم ملء الوظيفة الملغاة مباشرة بمستخدم جديد فاطلق الحقوقيون على ذلك (الفصل للصالح العام المستتر) والذي هو فصل تعسفي غير مباشر وان القاعدة في الاثبات في هذه الحالات تقع على عاتق العامل.
وفي مجال قانون العمل، ومن السوابق القضائية في السودان ودول عربية اخرى نجد ان صاحب العمل قد يلجأ بتصرفات غير مشروعة تجاه العامل لترك العمل بحيث يظهر وكأن العامل قد ترك العمل. وقانون العمل لا ينص صراحة على مثل هذه الاحوال. ولكن كل قوانين العمل الوطنية نصت على حق العامل في ترك العمل دون اخطار بسبب سوء تصرفات صاحب العمل وفي بنود محددة مع الاحتفاظ بحقوقه القانونية. وفي الحقيقة فان هذا هو فصل تعسفي غير مباشر من قبل صاحب العمل. لكن مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م كقانون 97 لم يرتب بوضوح في مثل هذه الحالات منح العامل بدل الانذار وتفويض الفصل التعسفي او وضع معيار لاعادة العامل الى عمله.
والنماذج كثيرة للفصل التعسفي غير المباشر، وكثيراً ما يدفع صاحب العمل بمسلكه العامل للاستقالة عن العمل، وهي استقالة غير طوعية، وكثيراً ما يحرض اصحاب الاعمال رؤساء العامل او زملاءه على جعل العامل قيد النظر (يكره الشغل) ويجب ان يغادر نهائياً بلا عودة وبلا حقوق (يأخذ حقيبته ويذهب)..
وتنبه القانون المدني المصري لذلك فنص على انه:
يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر هذا الفصل من رب العمل، اذا كان هذا الاخير قد دفع العامل بتصرفاته وعلى الاخص بمعاملته الجائرة او مخالفته شروط العقد الى ان يكون هو في الظاهر الذي انهى العقد.
وفي الواقع نلاحظ دائماً ان بعض اصحاب الاعمال يتحايلون للافلات من حكم الفصل التعسفي في انهاء الخدمة. بالامتناع عن الاقدام مباشرة على انهاء العقد من جانبهم واتباع مسلك غير مبرر او غير مشروع من شأنه دفع العامل دفعاً للاستقالة بحيث يبدو ان العامل هو الذي انهى العقد في الظاهر. في حين ان صاحب العمل هو الذي انهى العقد في الحقيقة.
ان المعاملة الجائرة للعامل باذلاله واهانة كرامته او استنفاد صبره للتخلص منه بطريقة غير مباشرة يدفعه دفعاً للاستقالة كرد فعل طبيعي للمعاملة الظالمة من قبل صاحب العمل.
موظف بادارة منظمة وطنية طوعية، ومعلوم ان العاملين بالمنظمات الطوعية الوطنية خاضعين لقانون العمل، مثلما هو معلوم ان رؤساء مجالس الادارات في معظم تلك المنظمات هم في الواقع بمثابة اصحاب الاعمال حكي: ان رئيس مجلس الادارة وبعض معاونيه ودائماً يكون للرئيس معاونون لتنفيذ مشاريعه غير المشروعة اتهمه بتصوير ملف وتسريبه لاحد اعضاء مجلس ادارة ذات المنظمة(!) وقام بتفتيش الدولاب بمكتبه ومن بعد كل ذلك تم تفتيشه تفتيشاً شخصياً مكتفياً بالجيوب واخذ منه مفتاح الدولاب قبل خروج الموظف من المنظمة بالقطع خروجاً نهائياً. فتكون استقالة هذا الموظف او تركه للعمل وفصله من بعد ذلك للغياب المستمر لا علاقة لهما بالحقيقة. حقيقة الفصل التعسفي بطريقة غير مباشرة. فصاحب العملأصلا- يقصد من مخالفته لشروط العقد او حتى القانون العام وضع العامل بين خيارين: الاذعان والقبول بما يريد او الاستقالة.
ويستطيع الموظف رفع شكواه الى مكتب العمل لاثبات وجود مخالفة حقيقية من صاحب العمل تسببت في تقديم استقالته او انقطاعه عن العمل. ومما يجدر ذكره ان كثيراً من تلك المنظمات الطوعية وبحجة رفع قدرات العاملين تطلب من (المانحين) تحمل التكلفة، اي تكلفة فصل العاملين وهذا موضوع آخر.
ومن التطبيقات القضائية في مصر ما جاء في الحكم:
ليست هناك معاملة جائرة اكثر مما تم من المستأنف بالنسبة للمستأنف ضده، الذي اجهد نفسه في خدمته في سبيل رفع الانتاج في مصنعه ومرض لذلك. فلما شفى وعاد للمصنع قلب له صاحبه ظهر المجن واراد النزول به من مركز الصدارة والرئاسة الذي كان له الى مركز اقل ميزة يجعله مرؤوساً لمن حل محله فترة مرضه لا لهدف صالح العمل.
فقيام صاحب العمل باجراء تغيير جوهري في عقد العمل ليس من حقه احداثه او فرضه على العامل، فانه اذا استقال العامل او امتنع عن قبول التغيير وقام صاحب العمل بفصله (لرفض العمل) فانه في الحالتين يكون الفصل في حقيقته تعسفياً.
ونقل الموظف او العامل الى مركز او وظيفة اقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل لا يملكه صاحب العمل. ويكون مسلك صاحب العمل في ذلك مسلكاً غير مشروع ومن شأنه دفع العامل الى انهاء العقد مما يعتبر معه الانهاء انهاءاً تعسفياً بطريقة غير مباشر.
واذا كان النقل الى المركز الاقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل يملكه صاحب العمل ورتب العامل قيامه بانهاء العقد فيتوقف الحكم بوجود انهاء تعسفي غير مباشر او بعدم وجوده على حقيقة الغرض المقصود منه النقل. فاذا كان الهدف الاساءة الى العامل لا تحقيق صالح العمل في المنشأة فيتعبر نقلاً غير مبرر من شأنه دفع العامل للاستقالة. اما اذا كان المقصود من النقل تنظيم العمل في المنشأة او تحقيق صالحها وليس الاساءة الى العامل فيعتبر نقلاً مبرراً. فاذا استقال العامل فيحتمل وحده مسئولية هذه الاستقالة.
وقد يسلك صاحب العمل مسالك اخرى عديدة تدفع العامل للاستقالة او الانقطاع عن العمل ومن الامثلة: خفض مسئوليات الوظيفة او كما يقولون (سحب المهام والسلطات تدريجيا) حتي يأتي يوم يجد العامل نفسه انه بلا عمل، فقط يحضر ويخرج في المواعيد المقررة للدخول والخروج ولا شيء آخر. هذا المسلك يشكل اهانة بالغة للعامل وينتقص من كرامته فيتقدم العامل باستقالته او يترك العمل في حين انه في الحقيقة تم فصله تعسفياً بطريقة غير مباشرة وفي مثل هذا المسلك لا يقوم صاحب العمل بخفض الاجر. وخفض الاجر كما حكم القضاء السوداني يرقي الى درجة الفصل التعسفي.
ومسلك آخر، حالة الصحفي الذي ارتبط مع قراءه بالمقالات او التحليلات او التحقيقات..الخ فان قيام ادارة الصحيفة بعدم نشر انتاجه رغم التزامها بدفع اجره كاملاً فانه يدفع الصحفي دفعاً لتقديم استقالته في حين انه في الحقيقة فصل تعسفيا بطريقة غير مباشرة.
وفي الممارسة فان بعض اصحاب الاعمال يقومون بانهاء خدمات العمال لاسباب تؤكد التعسف في الفصل من جانب صاحب العمل ومن ذلك:
*
مطالبة العامل المستمرة بمرتباته المتأخرة..
*
رفض العمل لساعات اضافية.
*
مطالبة العامل المتكررة بالحصول على اجازته.
*
اداء العامل شهادة ضد صاحب العمل.
*
لجوء العامل لمكتب العمل او للقضاء مطالباً بما يدعيه من حق قبل صاحب العمل.
*
امتناع العامل عن أداء العمل الجديد الذي يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه.
*
امتناع العامل عن التوقيع على عقد عمل محدد الأجل بالرغم من انه في الخدمة المستديمة.
*
امتناع العامل عن توقيع عقد عمل جديد يتضمن تعديلاً جوهرياً للعقد القائم.
*
تقديم العامل او حث زملاءه في التقدم بشكوى ضد صاحب العمل.
*
عدم انسجام العامل مع رئيس العمل او صاحب العمل او الزملاء.
بالاضافة الى ما هو معروف من ناحية: الانتماء السياسي والنشاط النقابي والانضمام او عدم الانضمام للنقابة..
اذن كما نهتم بالفصل التعسفي الظاهر يجب الانتباه للفصل التعسفي غير المباشر ونعرض في المقال القادم باذن الله، الفصل التعسفي في مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م.

الفصل التعسفي غير المباشر

محمد علي خوجلي

يساهم ضعف الحركة النقابية في اي بلد في تزايد الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، ومصادرة الحقوق المكتسبة، وتقنين الفصل غير القانوني وعدم حصول العمال على اجورهم وحوافزهم المستحقة وعدم صرف المرتبات في مواعيدها..الخ واسباب ضعف التنظيم النقابي معلومة للكافة: احتكار القيادة النقابية، فقدان التنظيم النقابي لاستقلاليته وسيطرة الحكومة عليه والغاءه للديمقراطية النقابية حتى يصبح الاتحاد العام للعمال منبراً للتعبير عن الحكومة اكثر من تعبيره عن العمال.. وبالضرورة فان هذا الضعف يؤثر سلباً على قانون العمل الوطني فلا يهتم بمصالح العمال ولا يحترم المعايير الدولية للعمل.
قانون الخدمة العامة في السودان الغى النص الذي يبيح الفصل من الخدمة للصالح العام، وهو الوضع الطبيعي والمتسق مع الدستور المؤقت والمواثيق والعهود الدولية. لكن قانون العمل الجديد حافظ على النص الذي يبيح الفصل التعسفي بما يعني اهدار حقوق دستورية لفئات من المواطنين للتمييز بسبب المهنة. والملاحظ ان مشروع قانون العمل الجديد كقانون 97 لا ينص صراحة على تعريف الفصل التعسفي ولكن نستنج ان الفصل يكون تعسفياً عند انهاء الخدمة لاسباب غير قانونية. وان معيار الفصل التعسفي هو كل انهاء يقوم به صاحب العمل بدون انذار وخارج حالات الفصل القانوني التي ينص عليها قانون العمل.
ومعلوم انه في كل عقود العمل بصرف النظر عن مدة العقد، يجوز لصاحب العمل ايقاف العامل وعرض الشكوى او النزاع على الجهات المختصة او طلب موافقة مكتب العمل على فصل العامل. فاذا قضى ببراءة العامل او تم رفض الموافقة على طلب فصله فيجب على صاحب العمل رفع الايقاف واعادة العامل الى عمله حيث العقد قائم. رفض صاحب العمل اعادة العامل يعني فصله تعسفياً، كما ان انهاء خدمة العامل دون الرجوع الى مكتب العمل هو فصل تعسفي. والفصل التعسفي بداهة يكون للعاملين في الخدمة المستديمة (عقود العمل غير محددة الأجل) ومعروف ايضا ان عقد العمل قد لا يكون مكتوباً، وكل عامل بعد انقضاء فترة الاختبار، التي يجب الا تتجاوز ثلاثة شهور هو في الخدمة المستديمة، مثلما يجوز تعيين العامل ابتداءاً في الخدمة المستديمة اي دون فترة اختبار.
اما عقود العمل محددة الاجل فليس لصاحب العمل اصلاً الحق في انهائها منفرداَ قبل نهاية المدة مهما كان المبرر الا عن طريق مكتب العمل.. مع ذلك لصاحب العمل في كافة عقود العمل المحددة المدة او غير محددة الاجل الحق في انهاء العقد اذا توافرت مسبباته....
الفصل للصالح العام او لاسباب سياسية في قانون الخدمة المدنية هو فصل تعسفي، ولا يحتاج العامل لكثير عناء لاثبات فصله الظاهر تعسفياً بمقتضى خطابات الفصل سواء بالمرسوم الدستوري الثاني او خلافه. والقاعدة التي تمسكت بها لجان الحقوق ان على الحكومة اثبات ان فصلها كان قانونياً وعبء اثبات التعسف لا يقع على المفصول.
لجان المفصولين رأت ان كل انواع الفصل بجميع مسمياته منذ العام 1989م بين المدنيين والعكسريين وفي القطاعين العام والخاص هو فصل سياسي وتعسفي. لكن لجان الحقوق تبنت تماماً رؤية احدى لجانها المختصة التي قدمتها الاستاذة سميرة سليمان الخليفة وهي : ان الفصل للصالح العام منتشر عبر كل مسمسيات الفصل (الغاء الوظيفة مثلا) حيث تلاحظ ان الفصل هنا وفي حالات كثيرة وكأنه يعني (الغاء شاغل الوظيفة) لا الغاء الوظيفة. حيث يتم ملء الوظيفة الملغاة مباشرة بمستخدم جديد فاطلق الحقوقيون على ذلك (الفصل للصالح العام المستتر) والذي هو فصل تعسفي غير مباشر وان القاعدة في الاثبات في هذه الحالات تقع على عاتق العامل.
وفي مجال قانون العمل، ومن السوابق القضائية في السودان ودول عربية اخرى نجد ان صاحب العمل قد يلجأ بتصرفات غير مشروعة تجاه العامل لترك العمل بحيث يظهر وكأن العامل قد ترك العمل. وقانون العمل لا ينص صراحة على مثل هذه الاحوال. ولكن كل قوانين العمل الوطنية نصت على حق العامل في ترك العمل دون اخطار بسبب سوء تصرفات صاحب العمل وفي بنود محددة مع الاحتفاظ بحقوقه القانونية. وفي الحقيقة فان هذا هو فصل تعسفي غير مباشر من قبل صاحب العمل. لكن مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م كقانون 97 لم يرتب بوضوح في مثل هذه الحالات منح العامل بدل الانذار وتفويض الفصل التعسفي او وضع معيار لاعادة العامل الى عمله.
والنماذج كثيرة للفصل التعسفي غير المباشر، وكثيراً ما يدفع صاحب العمل بمسلكه العامل للاستقالة عن العمل، وهي استقالة غير طوعية، وكثيراً ما يحرض اصحاب الاعمال رؤساء العامل او زملاءه على جعل العامل قيد النظر (يكره الشغل) ويجب ان يغادر نهائياً بلا عودة وبلا حقوق (يأخذ حقيبته ويذهب)..
وتنبه القانون المدني المصري لذلك فنص على انه:
يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر هذا الفصل من رب العمل، اذا كان هذا الاخير قد دفع العامل بتصرفاته وعلى الاخص بمعاملته الجائرة او مخالفته شروط العقد الى ان يكون هو في الظاهر الذي انهى العقد.
وفي الواقع نلاحظ دائماً ان بعض اصحاب الاعمال يتحايلون للافلات من حكم الفصل التعسفي في انهاء الخدمة. بالامتناع عن الاقدام مباشرة على انهاء العقد من جانبهم واتباع مسلك غير مبرر او غير مشروع من شأنه دفع العامل دفعاً للاستقالة بحيث يبدو ان العامل هو الذي انهى العقد في الظاهر. في حين ان صاحب العمل هو الذي انهى العقد في الحقيقة.
ان المعاملة الجائرة للعامل باذلاله واهانة كرامته او استنفاد صبره للتخلص منه بطريقة غير مباشرة يدفعه دفعاً للاستقالة كرد فعل طبيعي للمعاملة الظالمة من قبل صاحب العمل.
موظف بادارة منظمة وطنية طوعية، ومعلوم ان العاملين بالمنظمات الطوعية الوطنية خاضعين لقانون العمل، مثلما هو معلوم ان رؤساء مجالس الادارات في معظم تلك المنظمات هم في الواقع بمثابة اصحاب الاعمال حكي: ان رئيس مجلس الادارة وبعض معاونيه ودائماً يكون للرئيس معاونون لتنفيذ مشاريعه غير المشروعة اتهمه بتصوير ملف وتسريبه لاحد اعضاء مجلس ادارة ذات المنظمة(!) وقام بتفتيش الدولاب بمكتبه ومن بعد كل ذلك تم تفتيشه تفتيشاً شخصياً مكتفياً بالجيوب واخذ منه مفتاح الدولاب قبل خروج الموظف من المنظمة بالقطع خروجاً نهائياً. فتكون استقالة هذا الموظف او تركه للعمل وفصله من بعد ذلك للغياب المستمر لا علاقة لهما بالحقيقة. حقيقة الفصل التعسفي بطريقة غير مباشرة. فصاحب العملأصلا- يقصد من مخالفته لشروط العقد او حتى القانون العام وضع العامل بين خيارين: الاذعان والقبول بما يريد او الاستقالة.
ويستطيع الموظف رفع شكواه الى مكتب العمل لاثبات وجود مخالفة حقيقية من صاحب العمل تسببت في تقديم استقالته او انقطاعه عن العمل. ومما يجدر ذكره ان كثيراً من تلك المنظمات الطوعية وبحجة رفع قدرات العاملين تطلب من (المانحين) تحمل التكلفة، اي تكلفة فصل العاملين وهذا موضوع آخر.
ومن التطبيقات القضائية في مصر ما جاء في الحكم:
ليست هناك معاملة جائرة اكثر مما تم من المستأنف بالنسبة للمستأنف ضده، الذي اجهد نفسه في خدمته في سبيل رفع الانتاج في مصنعه ومرض لذلك. فلما شفى وعاد للمصنع قلب له صاحبه ظهر المجن واراد النزول به من مركز الصدارة والرئاسة الذي كان له الى مركز اقل ميزة يجعله مرؤوساً لمن حل محله فترة مرضه لا لهدف صالح العمل.
فقيام صاحب العمل باجراء تغيير جوهري في عقد العمل ليس من حقه احداثه او فرضه على العامل، فانه اذا استقال العامل او امتنع عن قبول التغيير وقام صاحب العمل بفصله (لرفض العمل) فانه في الحالتين يكون الفصل في حقيقته تعسفياً.
ونقل الموظف او العامل الى مركز او وظيفة اقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل لا يملكه صاحب العمل. ويكون مسلك صاحب العمل في ذلك مسلكاً غير مشروع ومن شأنه دفع العامل الى انهاء العقد مما يعتبر معه الانهاء انهاءاً تعسفياً بطريقة غير مباشر.
واذا كان النقل الى المركز الاقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل يملكه صاحب العمل ورتب العامل قيامه بانهاء العقد فيتوقف الحكم بوجود انهاء تعسفي غير مباشر او بعدم وجوده على حقيقة الغرض المقصود منه النقل. فاذا كان الهدف الاساءة الى العامل لا تحقيق صالح العمل في المنشأة فيتعبر نقلاً غير مبرر من شأنه دفع العامل للاستقالة. اما اذا كان المقصود من النقل تنظيم العمل في المنشأة او تحقيق صالحها وليس الاساءة الى العامل فيعتبر نقلاً مبرراً. فاذا استقال العامل فيحتمل وحده مسئولية هذه الاستقالة.
وقد يسلك صاحب العمل مسالك اخرى عديدة تدفع العامل للاستقالة او الانقطاع عن العمل ومن الامثلة: خفض مسئوليات الوظيفة او كما يقولون (سحب المهام والسلطات تدريجيا) حتي يأتي يوم يجد العامل نفسه انه بلا عمل، فقط يحضر ويخرج في المواعيد المقررة للدخول والخروج ولا شيء آخر. هذا المسلك يشكل اهانة بالغة للعامل وينتقص من كرامته فيتقدم العامل باستقالته او يترك العمل في حين انه في الحقيقة تم فصله تعسفياً بطريقة غير مباشرة وفي مثل هذا المسلك لا يقوم صاحب العمل بخفض الاجر. وخفض الاجر كما حكم القضاء السوداني يرقي الى درجة الفصل التعسفي.
ومسلك آخر، حالة الصحفي الذي ارتبط مع قراءه بالمقالات او التحليلات او التحقيقات..الخ فان قيام ادارة الصحيفة بعدم نشر انتاجه رغم التزامها بدفع اجره كاملاً فانه يدفع الصحفي دفعاً لتقديم استقالته في حين انه في الحقيقة فصل تعسفيا بطريقة غير مباشرة.
وفي الممارسة فان بعض اصحاب الاعمال يقومون بانهاء خدمات العمال لاسباب تؤكد التعسف في الفصل من جانب صاحب العمل ومن ذلك:
*
مطالبة العامل المستمرة بمرتباته المتأخرة..
*
رفض العمل لساعات اضافية.
*
مطالبة العامل المتكررة بالحصول على اجازته.
*
اداء العامل شهادة ضد صاحب العمل.
*
لجوء العامل لمكتب العمل او للقضاء مطالباً بما يدعيه من حق قبل صاحب العمل.
*
امتناع العامل عن أداء العمل الجديد الذي يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه.
*
امتناع العامل عن التوقيع على عقد عمل محدد الأجل بالرغم من انه في الخدمة المستديمة.
*
امتناع العامل عن توقيع عقد عمل جديد يتضمن تعديلاً جوهرياً للعقد القائم.
*
تقديم العامل او حث زملاءه في التقدم بشكوى ضد صاحب العمل.
*
عدم انسجام العامل مع رئيس العمل او صاحب العمل او الزملاء.
بالاضافة الى ما هو معروف من ناحية: الانتماء السياسي والنشاط النقابي والانضمام او عدم الانضمام للنقابة..
اذن كما نهتم بالفصل التعسفي الظاهر يجب الانتباه للفصل التعسفي غير المباشر ونعرض في المقال القادم باذن الله، الفصل التعسفي في مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م.

الفصل التعسفي غير المباشر

محمد علي خوجلي

يساهم ضعف الحركة النقابية في اي بلد في تزايد الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، ومصادرة الحقوق المكتسبة، وتقنين الفصل غير القانوني وعدم حصول العمال على اجورهم وحوافزهم المستحقة وعدم صرف المرتبات في مواعيدها..الخ واسباب ضعف التنظيم النقابي معلومة للكافة: احتكار القيادة النقابية، فقدان التنظيم النقابي لاستقلاليته وسيطرة الحكومة عليه والغاءه للديمقراطية النقابية حتى يصبح الاتحاد العام للعمال منبراً للتعبير عن الحكومة اكثر من تعبيره عن العمال.. وبالضرورة فان هذا الضعف يؤثر سلباً على قانون العمل الوطني فلا يهتم بمصالح العمال ولا يحترم المعايير الدولية للعمل.
قانون الخدمة العامة في السودان الغى النص الذي يبيح الفصل من الخدمة للصالح العام، وهو الوضع الطبيعي والمتسق مع الدستور المؤقت والمواثيق والعهود الدولية. لكن قانون العمل الجديد حافظ على النص الذي يبيح الفصل التعسفي بما يعني اهدار حقوق دستورية لفئات من المواطنين للتمييز بسبب المهنة. والملاحظ ان مشروع قانون العمل الجديد كقانون 97 لا ينص صراحة على تعريف الفصل التعسفي ولكن نستنج ان الفصل يكون تعسفياً عند انهاء الخدمة لاسباب غير قانونية. وان معيار الفصل التعسفي هو كل انهاء يقوم به صاحب العمل بدون انذار وخارج حالات الفصل القانوني التي ينص عليها قانون العمل.
ومعلوم انه في كل عقود العمل بصرف النظر عن مدة العقد، يجوز لصاحب العمل ايقاف العامل وعرض الشكوى او النزاع على الجهات المختصة او طلب موافقة مكتب العمل على فصل العامل. فاذا قضى ببراءة العامل او تم رفض الموافقة على طلب فصله فيجب على صاحب العمل رفع الايقاف واعادة العامل الى عمله حيث العقد قائم. رفض صاحب العمل اعادة العامل يعني فصله تعسفياً، كما ان انهاء خدمة العامل دون الرجوع الى مكتب العمل هو فصل تعسفي. والفصل التعسفي بداهة يكون للعاملين في الخدمة المستديمة (عقود العمل غير محددة الأجل) ومعروف ايضا ان عقد العمل قد لا يكون مكتوباً، وكل عامل بعد انقضاء فترة الاختبار، التي يجب الا تتجاوز ثلاثة شهور هو في الخدمة المستديمة، مثلما يجوز تعيين العامل ابتداءاً في الخدمة المستديمة اي دون فترة اختبار.
اما عقود العمل محددة الاجل فليس لصاحب العمل اصلاً الحق في انهائها منفرداَ قبل نهاية المدة مهما كان المبرر الا عن طريق مكتب العمل.. مع ذلك لصاحب العمل في كافة عقود العمل المحددة المدة او غير محددة الاجل الحق في انهاء العقد اذا توافرت مسبباته....
الفصل للصالح العام او لاسباب سياسية في قانون الخدمة المدنية هو فصل تعسفي، ولا يحتاج العامل لكثير عناء لاثبات فصله الظاهر تعسفياً بمقتضى خطابات الفصل سواء بالمرسوم الدستوري الثاني او خلافه. والقاعدة التي تمسكت بها لجان الحقوق ان على الحكومة اثبات ان فصلها كان قانونياً وعبء اثبات التعسف لا يقع على المفصول.
لجان المفصولين رأت ان كل انواع الفصل بجميع مسمياته منذ العام 1989م بين المدنيين والعكسريين وفي القطاعين العام والخاص هو فصل سياسي وتعسفي. لكن لجان الحقوق تبنت تماماً رؤية احدى لجانها المختصة التي قدمتها الاستاذة سميرة سليمان الخليفة وهي : ان الفصل للصالح العام منتشر عبر كل مسمسيات الفصل (الغاء الوظيفة مثلا) حيث تلاحظ ان الفصل هنا وفي حالات كثيرة وكأنه يعني (الغاء شاغل الوظيفة) لا الغاء الوظيفة. حيث يتم ملء الوظيفة الملغاة مباشرة بمستخدم جديد فاطلق الحقوقيون على ذلك (الفصل للصالح العام المستتر) والذي هو فصل تعسفي غير مباشر وان القاعدة في الاثبات في هذه الحالات تقع على عاتق العامل.
وفي مجال قانون العمل، ومن السوابق القضائية في السودان ودول عربية اخرى نجد ان صاحب العمل قد يلجأ بتصرفات غير مشروعة تجاه العامل لترك العمل بحيث يظهر وكأن العامل قد ترك العمل. وقانون العمل لا ينص صراحة على مثل هذه الاحوال. ولكن كل قوانين العمل الوطنية نصت على حق العامل في ترك العمل دون اخطار بسبب سوء تصرفات صاحب العمل وفي بنود محددة مع الاحتفاظ بحقوقه القانونية. وفي الحقيقة فان هذا هو فصل تعسفي غير مباشر من قبل صاحب العمل. لكن مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م كقانون 97 لم يرتب بوضوح في مثل هذه الحالات منح العامل بدل الانذار وتفويض الفصل التعسفي او وضع معيار لاعادة العامل الى عمله.
والنماذج كثيرة للفصل التعسفي غير المباشر، وكثيراً ما يدفع صاحب العمل بمسلكه العامل للاستقالة عن العمل، وهي استقالة غير طوعية، وكثيراً ما يحرض اصحاب الاعمال رؤساء العامل او زملاءه على جعل العامل قيد النظر (يكره الشغل) ويجب ان يغادر نهائياً بلا عودة وبلا حقوق (يأخذ حقيبته ويذهب)..
وتنبه القانون المدني المصري لذلك فنص على انه:
يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر هذا الفصل من رب العمل، اذا كان هذا الاخير قد دفع العامل بتصرفاته وعلى الاخص بمعاملته الجائرة او مخالفته شروط العقد الى ان يكون هو في الظاهر الذي انهى العقد.
وفي الواقع نلاحظ دائماً ان بعض اصحاب الاعمال يتحايلون للافلات من حكم الفصل التعسفي في انهاء الخدمة. بالامتناع عن الاقدام مباشرة على انهاء العقد من جانبهم واتباع مسلك غير مبرر او غير مشروع من شأنه دفع العامل دفعاً للاستقالة بحيث يبدو ان العامل هو الذي انهى العقد في الظاهر. في حين ان صاحب العمل هو الذي انهى العقد في الحقيقة.
ان المعاملة الجائرة للعامل باذلاله واهانة كرامته او استنفاد صبره للتخلص منه بطريقة غير مباشرة يدفعه دفعاً للاستقالة كرد فعل طبيعي للمعاملة الظالمة من قبل صاحب العمل.
موظف بادارة منظمة وطنية طوعية، ومعلوم ان العاملين بالمنظمات الطوعية الوطنية خاضعين لقانون العمل، مثلما هو معلوم ان رؤساء مجالس الادارات في معظم تلك المنظمات هم في الواقع بمثابة اصحاب الاعمال حكي: ان رئيس مجلس الادارة وبعض معاونيه ودائماً يكون للرئيس معاونون لتنفيذ مشاريعه غير المشروعة اتهمه بتصوير ملف وتسريبه لاحد اعضاء مجلس ادارة ذات المنظمة(!) وقام بتفتيش الدولاب بمكتبه ومن بعد كل ذلك تم تفتيشه تفتيشاً شخصياً مكتفياً بالجيوب واخذ منه مفتاح الدولاب قبل خروج الموظف من المنظمة بالقطع خروجاً نهائياً. فتكون استقالة هذا الموظف او تركه للعمل وفصله من بعد ذلك للغياب المستمر لا علاقة لهما بالحقيقة. حقيقة الفصل التعسفي بطريقة غير مباشرة. فصاحب العملأصلا- يقصد من مخالفته لشروط العقد او حتى القانون العام وضع العامل بين خيارين: الاذعان والقبول بما يريد او الاستقالة.
ويستطيع الموظف رفع شكواه الى مكتب العمل لاثبات وجود مخالفة حقيقية من صاحب العمل تسببت في تقديم استقالته او انقطاعه عن العمل. ومما يجدر ذكره ان كثيراً من تلك المنظمات الطوعية وبحجة رفع قدرات العاملين تطلب من (المانحين) تحمل التكلفة، اي تكلفة فصل العاملين وهذا موضوع آخر.
ومن التطبيقات القضائية في مصر ما جاء في الحكم:
ليست هناك معاملة جائرة اكثر مما تم من المستأنف بالنسبة للمستأنف ضده، الذي اجهد نفسه في خدمته في سبيل رفع الانتاج في مصنعه ومرض لذلك. فلما شفى وعاد للمصنع قلب له صاحبه ظهر المجن واراد النزول به من مركز الصدارة والرئاسة الذي كان له الى مركز اقل ميزة يجعله مرؤوساً لمن حل محله فترة مرضه لا لهدف صالح العمل.
فقيام صاحب العمل باجراء تغيير جوهري في عقد العمل ليس من حقه احداثه او فرضه على العامل، فانه اذا استقال العامل او امتنع عن قبول التغيير وقام صاحب العمل بفصله (لرفض العمل) فانه في الحالتين يكون الفصل في حقيقته تعسفياً.
ونقل الموظف او العامل الى مركز او وظيفة اقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل لا يملكه صاحب العمل. ويكون مسلك صاحب العمل في ذلك مسلكاً غير مشروع ومن شأنه دفع العامل الى انهاء العقد مما يعتبر معه الانهاء انهاءاً تعسفياً بطريقة غير مباشر.
واذا كان النقل الى المركز الاقل ميزة او ملاءمة من شأنه احداث تغيير في العمل يملكه صاحب العمل ورتب العامل قيامه بانهاء العقد فيتوقف الحكم بوجود انهاء تعسفي غير مباشر او بعدم وجوده على حقيقة الغرض المقصود منه النقل. فاذا كان الهدف الاساءة الى العامل لا تحقيق صالح العمل في المنشأة فيتعبر نقلاً غير مبرر من شأنه دفع العامل للاستقالة. اما اذا كان المقصود من النقل تنظيم العمل في المنشأة او تحقيق صالحها وليس الاساءة الى العامل فيعتبر نقلاً مبرراً. فاذا استقال العامل فيحتمل وحده مسئولية هذه الاستقالة.
وقد يسلك صاحب العمل مسالك اخرى عديدة تدفع العامل للاستقالة او الانقطاع عن العمل ومن الامثلة: خفض مسئوليات الوظيفة او كما يقولون (سحب المهام والسلطات تدريجيا) حتي يأتي يوم يجد العامل نفسه انه بلا عمل، فقط يحضر ويخرج في المواعيد المقررة للدخول والخروج ولا شيء آخر. هذا المسلك يشكل اهانة بالغة للعامل وينتقص من كرامته فيتقدم العامل باستقالته او يترك العمل في حين انه في الحقيقة تم فصله تعسفياً بطريقة غير مباشرة وفي مثل هذا المسلك لا يقوم صاحب العمل بخفض الاجر. وخفض الاجر كما حكم القضاء السوداني يرقي الى درجة الفصل التعسفي.
ومسلك آخر، حالة الصحفي الذي ارتبط مع قراءه بالمقالات او التحليلات او التحقيقات..الخ فان قيام ادارة الصحيفة بعدم نشر انتاجه رغم التزامها بدفع اجره كاملاً فانه يدفع الصحفي دفعاً لتقديم استقالته في حين انه في الحقيقة فصل تعسفيا بطريقة غير مباشرة.
وفي الممارسة فان بعض اصحاب الاعمال يقومون بانهاء خدمات العمال لاسباب تؤكد التعسف في الفصل من جانب صاحب العمل ومن ذلك:
*
مطالبة العامل المستمرة بمرتباته المتأخرة..
*
رفض العمل لساعات اضافية.
*
مطالبة العامل المتكررة بالحصول على اجازته.
*
اداء العامل شهادة ضد صاحب العمل.
*
لجوء العامل لمكتب العمل او للقضاء مطالباً بما يدعيه من حق قبل صاحب العمل.
*
امتناع العامل عن أداء العمل الجديد الذي يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه.
*
امتناع العامل عن التوقيع على عقد عمل محدد الأجل بالرغم من انه في الخدمة المستديمة.
*
امتناع العامل عن توقيع عقد عمل جديد يتضمن تعديلاً جوهرياً للعقد القائم.
*
تقديم العامل او حث زملاءه في التقدم بشكوى ضد صاحب العمل.
*
عدم انسجام العامل مع رئيس العمل او صاحب العمل او الزملاء.
بالاضافة الى ما هو معروف من ناحية: الانتماء السياسي والنشاط النقابي والانضمام او عدم الانضمام للنقابة..
اذن كما نهتم بالفصل التعسفي الظاهر يجب الانتباه للفصل التعسفي غير المباشر ونعرض في المقال القادم باذن الله، الفصل التعسفي في مشروع قانون العمل الاطاري لعام 2007م.

No comments: